إسرائيل ورباعية حل وإدارة وتقليص وحسم الصراع

تنزيل (4).jpg
حجم الخط

بقلم د ناجى شراب

 

 

 ما الجديد مع الحكومة السابعة والثلاثين والسادسة لنتانياهو بتشكيلتها اليمينية الأكثر تشدد وتطرفا في تاريخ إسرائيل بالنسبة للموقف من القضية الفلسطينية ، ورؤيتها لكيفية غلق هذا الملف؟ إبتداء لا بد من إيراد عددا من الملاحظات أولها أن هذه الحكومة ومهما كانت درجة تشددها لن تستطيع أن تقفل ملف القضية الفلسطينية والصراع على مستواه الفلسطينى ، فلا يمكن لها أن تلغى الحقائق الجغرافية والديموغرافية وحتى الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية ، وكل ما يمكن أن تقوم به إطالة الصراع وتحوله إلى مزيد من العنف والمواجهة. الملاحظة الثانية انه على إمتداد تاريخ الحكومات الإسرائيلية لم تكن مقاربة الحل مطروحة . والملاحظة الثالثة ان كل هذه الحكومات بكل تكويناتها وإئتلافاتها تتفق حول التعامل مع القضية الفلسطينية ، فتنتفى فوارق بين اليمين واليسار حول القضية ، فكلها تتفق حول عدم قبول الدولة الفلسطينية وغلق كل ملفات القضية من لاجئييين والقدس وأصلا لا تعترف بها .وتعاملت مع القضية من مقاربات إدارة الصراع وتقليصه، واقصى ما وصلت إليه بموجب إتفاقات أوسلو القبول بسلطة حكم ذاتى وبوجود سلطة تدير شؤون أكثر من خمسة مليون فلسطينى وتحفظ الأمن ، ولذلك بقيت تتحكم في الموارد المالية والتحكم في المنافذ والإحتفاظ بالسلطة ألأمنية العليا ، فتعاملت مع الأرض الفلسطينية على أنها جزء لا يتجزأ من مجالها الأمني .والملاحظة ألأخيرة أن كل هذه الحكومات حكمتها مرجعية ألأيدولوجية الصهيونية التي تقوم على فكرة الدولة القومية اليهودية ولا دولة معها ، وان كل فلسطين ملك للشعب اليهودى ، وان الفلسطينيين حسب تصريحات نتانياهو ألأخيرة مجرد اقوام وفدت إلى المنطقة وليس لها أية حقوق سياسية ، وهذا قلب للحقائق التاريخية الثابتة التى تؤكد على الحق الوجودى للشعب الفلسطيني على أرضه وانه لولا التحالف الإمبريالى الصهيوني ما قامت إسرائيل، وان السبب الرئيس في عدم قيام الدولة الفلسطينية يعود إلى صك الإنتداب وسياسات بريطانيا التي حولته تحقيقا لتنفيذ وعد بلفور وقيام إسرائيل كدولة , والتي لم تكتفى الحكومات الإسرائيلية بها بل حولتها لدولة قومية وأحتلت كل فلسطين بموجب حرب 1948 وحرب 1967، وترفض الإعتراف انها سلطة إحتلال .ولعل المفارقة السياسية التي لم ينتبه إليها الفلسطينيون ووقعوا في فخها إتفاق أوسلو الذى إعتبرته إسرائيل نهاية مرحلة وبداية مرحلة بالنباء الإستيطانى الممتد لكل الآراضى الفلسطينية ،والمفارقة أيضا ان إسرائيل لم تعترف بالدولة الفلسطينية بل اعترفت بالمنظمة كمجرد كينونة سياسية ، في حين الطرف الفسطينى كان يأمل ان تنتهى بقيام الدولة ، ولذلك حاولوا تحويل السلطة إلى نواة لمؤسسات الدولة .وعلى مدار حكومات نتانياهو الخمس تبنى مقاربة إدارة الصراع بالإلتفاف حول موضوع الدولة الفلسطينية والهروب والخداع اللفظى بتمكين الخارطة الإستيطانية وتقوية الوجود في القدس ، وتبنت مقاربة إدارة الصراع بالعمل على إحتواء الصراع والعنف إلى ادنى مستوياته، وتبنى مقاربة توسيع دائرة الحقوق الاقتصادية من خلال سلطة حكم ذاتى ،وفى الوقت ذاته لا مانع من وجود دولة بروتوكولية شرفية بدون صلاحيات وسلطات سيادية . بإنتزاع كل السلطات السيادية منها.ولقد نجحت إسرائيل في عهد حكومات نتانياهو الخمس من إستغلال حالة ألإنقسام السياسى وتحويل الصراع في جانب منه إلى صراع فلسطينى فلسطيني ،ونجحت في تثبيت الوظيفة ألأمنية والتلويح بفكرة الوطن البديل ، لأن فكرة الدولة الفلسطينية لا وجود لها في الفكر الليكودى الصهيوني.هذا ولم تحقق مقاربة إدارة الصراع الهدف منها بزيادة درجة العنف والمواجهات العسكرية التي شهدتها وتشهدها أراضى الضفة الغربية وهى التي تعنى إسرائيل أولا على أساس ان التعامل مع غزة يتم من خلا لمقاربة الحرب والحصار وتعميق حالة الإنقسام، فما يعنى أي حكومة إسرائيلية هو كيفية التعامل مع الضفة الغربية التي تشكل منطقة القلب لإسرائيل ولفلسطين ووفقا لرؤية إسرائيل القلب له دولة واحده والدولة لها قلب واحد.وزادت وتيرة الحديث والتحذير من إنتفاضة ثالثة, ولعل من اهم إنجازات نتانياهو قيام علاقات سلام مع اكثر من دولة عربية لقصر الصراع في مستواه الثنانى والعمل على تصويره مجرد نواع بسيط حول بعض الحقوق الاقتصادية.ومستغلا الحرص الفلسطينى على الحفاظ على السلطة وما انجزته فلسطينيا .والتلويح دائما بورقة تفكيك السلطة.ومع حكومة بينت لبيد اليسارية اليمينية تم تبنى مقاربة تقليص الصراع وهى إمتداد للمقاربة السابقة برفض فكرة الدولة وعدم وجود شريك فلسطيني للسلام ورفض اىة محاولة للقاءات فلسطينية، والعمل على تجميل الاحتلال وشرعنة الاحتلال، وان الصراع مجرد نزاع حول بعض المطالب التي يمكن الإستجابة لها. ووفقا لهذه المقاربة أن إنشغال الفلسطينيين في الشؤون المدنية وتحسين ألأداء الأمنى سيؤدى إلى تحسين ألأوضاع الاقتصادية ومن ثم تقليص الصراع لدرجة يمكن التعامل والتعايش معه. وتبنى مفهوم السلام مقابل السلام والسلام الإقتصادى. وأعود للتساؤل ما الجديد مع حكومة نتنانياهو السادسة ؟الجديد في تركيبتها اليمينية الصهيونية الدينية والحريدية المتشددة ,. والجديد ان لديها أغلبية 63 صوتا قد تضمن بقائها لأربع سنوات أخرى وقد تزيد.مقاربة هذه الحكومة تقوم على حسم القضية الفلسطينية وغلق ملفها كلية بغلق اى تسوية وغلق ملف القدس والرفض القاطع لمجرد الحديث عن اى شكل للعودة وبتبنى أولوية ضم الأراضى الفلسطينية وخصوصا في المنطقة ج التي تشكل عشرة في المائة من مساحة الضفة ومنطقة غور ألأردن وشرعنة كل البؤر الإستيطانية والتى تصل لحوالي 75 بؤرة . وتوسيع الخارطة الإستيطانية وألأخطر إحياء فكرة الوطن البديل في ألأردن، وتثبيت حالة الإنقسام وتحولها لكينونة سياسية منفصلة مستقله .وتبقى هذه المقاربة محكومة بفعالية المتغير الفلسطيني ورفضه وإنهاء حالة الإنقسام وتفعيل الدور العربى والدولى بتفعيل مقاربة الشرعية الدولية وهى الكفيلة بوقف وإفشال هذه المقاربة ،وخطورتها على مستقبل إسرائيل قبل مستقبل فلسطين.