في إطار نزع فتيل الأزمة، بين وزير جيش الاحتلال "الإسرائيلي" يؤاف غالانت، وبين وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي يتولى منصب وزير في وزارة الجيش وله صلاحيات حول الأمور المدنية المتعلقة بالضفة الغربية، اتفق رؤساء أحزاب الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، على هدم كل مبنى فلسطيني جديد يقام داخل المنطقة المصنفة (ج)، خلال وقتٍ قصير.
رغم الاختلاف.. وحدة ائتلاف نتنياهو في ضم مناطق "ج"
أما بالنسبة للمباني القديمة التي أُقيمت في المنطقة مثل "الخان الأحمر" فإنَّ الائتلاف سيمضي في الاتصالات الرامية إلى حل هذه القضية.
وكان التوتر بين غالانت والوزراء الأكثر يمينية وتشددًا قد نشب بعد أنّ أصدر غالانت تعليمات بإخلاء نقطة استيطانية رغم معارضة سموتريتش.
ويشغل سموتريتش منصب وزير المالية، إلى جانب وزير في مكتب وزير الدفاع، يكون مسؤولاً بموجب الاتفاقات التي قادت لتشكيل الائتلاف عن "الإدارة المدنية" التي كانت تابعة للجيش في السابق، ما يمنحه سلطات واسعة على المستوطنات الإسرائيلية والبناء الفلسطيني في الضفة الغربية.
ورحب رئيس وزراء الاحتلال "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، بالاتفاق بين الوزيرين والذي سيؤدي إلى تنقية الأجواء وإزالة التوتر بينهما.
فيما أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينيين، اليوم الإثنين، بأشد العبارات حملة التحريض البشعة التي يقوم بها وزراء وأعضاء كنيست وغلاة المتطرفين من المستوطنين لهدم قرية الخان الأحمر، شرق القدس المحتلة، بما في ذلك الدعوات لاقتحامه والاعتداء على المواطنين والمتضامنين معهم.
واعتبرت الوزارة في بيانٍ لها، أنَّ هذا المخطط القديم الجديد استعماري عنصري بامتياز يهدف لتنفيذ مشاريع استيطانية ضخمة في المنطقة الممتدة من القدس حتى البحر الميت بما بات يعرف (E1)، بهدف عزل القدس تماماً عن محيطها الفلسطيني وإغراقها بالمزيد من التجمعات الاستيطانية الضخمة، بما يؤكد أن حكومة نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف هي حكومة استيطان ومستوطنين، ويقوم برنامجها على محاولة تصفية أية فرصة لتطبيق مبدأ حل الدولتين.
الخان الأحمر.. واحد من24 تجمعاً بدوياً في القدس
بدوره، رأى الخبير في شؤون الاستيطان من مدينة القدس، صلاح الخواجا، أنَّ الاحتلال الإسرائيلي مُنذ استيلائه على أرض فلسطين، يُحاول تعزيز الاستيطان من خلال سرقة الأرض وتهويد المناطق الفلسطينية، في محاولة لتثبيت الرواية الصهيونية على حساب الرواية الفلسطينية، بادعاء وزعم أنَّ الضفة الغربية أرض متنازع عليها وليست أراضٍ محتلة.
وأضاف الخواجا، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "لكِن هذا الائتلاف المتطرف بزعامة نتنياهو وبن غفير وسموترش، يؤسس لمرحلة جديدة لفرض واقع تهويدي وليس فقط البناء الاستيطاني وعملية الضم التي بدأت منذ الاحتلال وتركزت في العام 1996 في منطقة البحر الميت وفي عام 2002، حينما تم بناء جدار الفصل العنصري حيث كانت أكبر عملية ضم للمناطق في الضفة الغربية بواقع 12%".
وأشار إلى أنَّ المنظومة الأمنية المتكاملة التي تعمل في إطارها حكومات الاحتلال المتعاقبة تُحاول السيطرة على أكثر من 65% من أراضى الضفة الغربية، مُوضحاً أنَّ الائتلاف الجديد بزعامة سموترش بن غفير، لا يرغب فقط بالتوسع في مناطق "ج" بل بفرض كونتونات ومعازل في مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية؛ ليتمدد الاستيطان إلى 65% من أراضى الضفة.
وحول طلب بن غفير هدم الخان الأحمر، بيّن الخواجا، الذي كان متواجداً أثناء حديثه لوكالة "خبر"، في اعتصام الخان الأحمر أثناء اقتحام بن غفير للمنطقة، أنَّ منطقة الخان الأحمر بالنسبة لكافة حكومات الاحتلال ليست إجراء قانوني؛ لأنَّ ما تُسمى المحكمة العليا "الإسرائيلية" غير عادلة، حيث أقرت إخلاء الخان الأحمر؛ لكِن الموضوع يبقى سياسي بامتياز.
التأسيس لانتفاضة مدنية دولية ضد الاحتلال
وأكّد على أنَّ الصمود الكفاح الفلسطيني من خلال الاعتصام المستمر لأكثر من ستة شهور في الخان الأحمر، أوجد ضغطاً على كل المستويات؛ حتى المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية قامت باعتبار عملية الإخلاء والتطهير العرقي في الخان الأحمر والتجمعات البدوية ترتقي إلى "جريمة حرب"، وبالتالي نحن أمام واقع جديد على المستوى الدولي".
ولفت إلى أنَّ عملية التهجير للتجمعات البدوية لا تقتصر على الخان الأحمر، حيث يوجد نحو 12 تجمعاً بدوياً في منطقة جنوب الخليل، و25 تجمعاً في منطقة شرق القدس، و24 تجمعاً في الأغوار، وجميعها مستهدفة، ما سيؤدي إلى ارتكاب مجزرة جديدة بحق الشعب الفلسطيني، وذلك في ظل أنَّ حكومة التطرف العنصري تقود عملية فرض الأمر الواقع، الذي لم يستطع نتنياهو القيام به في فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
واستدرك: "الحكومة الإسرائيلية لم تُدير اليوم الظهر فقط للمؤسسات والمنظمات الدولية، بل أكثر من ذلك يتبجح ممثل دولة الاحتلال في الأمم المتحدة بتمزيق تقرير مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، مُعتبراً أنَّ دولة الاحتلال فوق القانون الدولي".
وأكمل: "الخان الأحمر جزء من 24 تجمعاً بدوياً في القدس، يُحاول الاحتلال هدمه وبالتالي يعتب الاحتلال أنَّ منطقة الخان الأحمر، هي البداية لعملية التهجير سواء كان تهجير صامت أو طوعي أو قمعي، وكلها أشكال متنوعة وإغراءات تُقدمها دولة الاحتلال لمستوطنيها لتثبيت وجودهم، وتحقيق حلم الحركة الصهيونية ببناء ما يُسمى القدس الكبرى على أكثر من 12% من أراضى الضفة الفلسطينية".
وختم الخواجا حديثه، بالقول: "لا يوجد شعب تحرر دون أنّ يكون موحداً، وبالتالي تجاوز الانقسامات والاتحاد يُعد القضية الأساسية في بناء استراتيجية كفاحية للنضال ضد الاحتلال وإجراءاته ومستوطنيه في كل مناطق الضفة"، مُضيفاً: "المهم هو التأسيس لانتفاضة مدنية دولية لنقل حالة التضامن الدولي من حالة تضامن مع الشعب الفلسطيني إلى حالة مواجهة باتخاذ خطوات لشل الحركة السياسية والدبلوماسية للاحتلال".