معاريف : الأميركيون قادمون بقوة إلى الشرق الأوسط

زلمان-شوفال.jpeg
حجم الخط

بقلم: زلمان شوفال

 

 



تعكس زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سلوفان، والزيارة القريبة لوزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، تطلع إدارة بايدن لتعاون مركز الهدف مع حكومة إسرائيل الجديدة في سلسلة مواضيع، على رأسها النووي الإيراني.
كما تستهدف اللقاءات إعداد زيارة بنيامين نتنياهو الأولى إلى واشنطن في منصبه الجديد – القديم رئيسا لوزراء إسرائيل.
تفترض اللقاءات بين الرؤساء الأميركيين ورؤساء الوزراء الإسرائيليين دوما إعداداً دقيقاً مسبقاً لأجل إزالة أي مواضع خلل محتملة عن الطريق.
إضافة إلى موضوع إيران، سواء في اللقاء مع بلينكن أم في الزيارة المرتقبة إلى واشنطن، سيكون أيضا مثلث الولايات المتحدة، السعودية، وإسرائيل، ومن جهة أخرى المسألة الفلسطينية والمحاولات الأميركية لبث روح حياة في حل الدولتين. ومع أن ليس لهذا الموضوع صلة بموضوع النووي الإيراني، فمن ناحية السياسة الأميركية قد ينشأ ربط، ولا تنقص سابقة، بين مواقف إسرائيل وأعمالها في "المناطق" وبين استعداد واشنطن لتنسيق المواقف معها في موضوع إيران. وكما أثبتت أحداث الأيام الأخيرة فان حكومة إسرائيل واعية لذلك.
بالنسبة للولايات المتحدة، يوجد الآن واقع سياسي جغرافي مختلف عن ذاك الذي كان في الماضي، سواء من ناحية قراراتها نفسها أم بالنسبة للتطورات التي لم تكن بتحكمها، كالمواجهة المتجددة مع روسيا على خلفية الحرب في أوكرانيا وبتأثير ذلك، والصعود المتجدد لأهمية النفط والغاز من الشرق الأوسط.
نتيجة أخرى هي رفع مستوى قيمة إسرائيل كحليف مستقر أساس لأميركا في المنطقة. يمنح الوضع الجغرافي السياسي الجديد إسرائيل، على خلفية التخوف المشترك من إيران أيضا، فرصة لتوسيع جملة العلاقات مع دول الخليج ومع دول عربية أخرى، وعلى رأسها السعودية، في المجال الأمني، وبالتعاون مع قيادة المنطقة الوسطى الأميركية.
إن عودة المبادر لاتفاقات إبراهيم، بنيامين نتنياهو، إلى كرسي الحكم في إسرائيل ستساعد هذه الميول.
بعد السلبية السياسية للحكومة السابقة في الموضوع الإيراني فإن نتنياهو مصمم على أن يلحق معظم المواضيع السياسية بالصراع ضد الميول النووية الإيرانية، الذي كان بين المواضيع الأولى التي رأى فيها، وعن حق، تهديدا وجوديا على إسرائيل. وبالتالي فإن هدفه هو خلق وضع تكون فيه أميركا وإسرائيل قدر الإمكان على الصفحة ذاتها، وضع لم يكن ممكنا في فترة الرئيس أوباما.
أما إدارة بايدن فلا تتجاهل التهديد الإيراني، وليس فقط على إسرائيل، بل أيضا على دول المنطقة الأخرى وعلى مصالح أميركا نفسها، لكن بخلاف موقف إسرائيل وموقف معظم الدول العربية فإنها على ما يبدو مستعدة لأن تكتفي بدحر التهديد بضع سنوات بدلاً من العمل على تصفيته التامة.
وكان هذا النهج ملائما للميل العام لسياسة أوباما، وفي واقع الأمر أيضا لترامب: تقليص تواجد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ونقل محورها الاستراتيجي الأساس إلى الشرق الأقصى.
وبالمناسبة، كما أفادت "نيويورك تايمز" فتحت الولايات المتحدة قبل بضعة أشهر مخازن الطوارئ الخاصة بها في إسرائيل، والمخصصة حسب الاتفاق من الثمانينيات من القرن الماضي لمساعدة إسرائيل بالذخيرة في حالة حرب مكثفة، لأجل نقل مئات آلاف القذائف إلى أوكرانيا.
ينبغي التقدير، مثلما في موضوع الاتفاق البحري مع لبنان، بأن هذا تم دون اطلاع لجنة الخارجية والأمن في الكنيست. لهذه الخطوة قد يكون تأثير سلبي على المعركة السياسية لإسرائيل ضد إيران، وكذا على العلاقات العملية لإسرائيل مع روسيا بالنسبة لسورية، وينبغي الافتراض بأن هذا الموضوع أيضا سيطرح في المحادثات بين إسرائيل والولايات المتحدة.
كما أسلفنا تعلن أميركا، مثل إسرائيل، بأنها لن توافق على أن يكون لإيران سلاح نووي، لكن مثلما في القصيدة المعروفة: عندما تقول لا فماذا تقصد؟ للجواب على هذا السؤال يوجد معنى كبير من ناحية إسرائيل والدول العربية، وبخاصة أولئك الشركاء في اتفاقات إبراهيم، التي أحد المحفزات المهمة لعقدها هو التهديد المشترك من إيران.
في واشنطن وفي أوروبا لا تزال هناك أصوات ترحب بالعودة إلى الاتفاق النووي الأصلي، بمعنى أيضا دون تعديلات وتقييدات آخرىن، فاتفاق مؤقت سيئ أفضل في نظرهم من عدم اتفاق على الإطلاق أو من القرار غير الشعبي جداً في واشنطن للعمل بطريقة أخرى، سواء عسكرية أم تشديد كبير لبراغي العقوبات. لكن من ناحية إسرائيل وشركائها الاقليميين فإن العودة إلى الاتفاق الأصلي معناه رفع مستوى التهديد النووي، حتى لو تأجل بضع سنوات، وبالبعد الفوري – تبدد العقوبات وضخ مليارات الدولارات لصناديق آيات الله، ما سيمسح للحكم في طهران بمواصلة قمع الاحتجاجات المحلية، وتصعيد النشاطات الإرهابية، والدفع قدما بتطلعاتهم للهيمنة.
رغم الفوارق المحتملة في النهج بين إسرائيل والولايات المتحدة حول مواصلة الطريق، فإن قائمة أهداف إسرائيل في الاتصالات الحالية مع الولايات المتحدة في الموضوع الإيراني واضحة: العمل على معركة شاملة واسعة لإضعاف حكم آيات الله بما في ذلك الدعم النشط للاحتجاج الجماهيري وحاليا الفحص المشترك لخيارات أخرى أيضاً.

عن "معاريف"