«الإرهاب» المؤطر – أي اطلاق النار، زرع العبوات، السيارات المفخخة والعمليات الانتحارية التي تسندها منظمات «الارهاب» والانظمة الداعمة مثل إيران – يعود الى الضفة، ومنها يحتمل أن يعود إلى داخل الخط الاخضر. هذا هو الوجه الحقيقي لموجة «الارهاب» التي تنتظم الان خلف الكواليس، وتهدد بأن تحتل مكان الموجة العفوية والشعبية للقتلة الافراد، ضاربي السكاكين والداهسين.
تتابع محافل أمن رفيعة المستوى بقلق القرار الذي اتخذته في الاشهر الاخيرة القيادة العسكرية لـ «حماس» في غزة: استئناف العمليات في الضفة، ولا سيما داخل الخط الاخضر حتى زلو كان الثمن مواجهة شاملة مع اسرائيل. وحسب هذه المحافل، تشعر «حماس»، بعد سنة ونصف من «الجرف الصامد»، بأنها وصلت الى مستوى من الجاهزية الجيدة بما يكفي كي تجتاز حربا اخرى في مواجهة الجيش الاسرائيلي. من ناحية اسرائيل، هذا خطراستراتيجي: في السنة القريبة القادمة قد تجد نفسها في مواجهة اخرى في القطاع.
«حزب الله» حتى الآن هو جهة هامشية من ناحية شبكات «الارهاب» المؤطر في الضفة. وكشف خلية «حزب الله» في طولكرم يدل على الجهد الذي تبذله المنظمة للعودة الى الصورة في الجبهة الفلسطينية – مثلما فعلت في الانتفاضة الثانية عندما عمل نحو 70 في المئة من خلايا «فتح» ضد اسرائيل برعاية نصر الله. من ناحيته، الجبهة الفلسطينية هي الاساسية التي يمكنه منها العمل ضد اسرائيل دون اشعال الحدود الشمالية. ولكن عمق تسلله الى المنطقة لا يزال بعيدا عن قدراته.
القصة الحقيقية هي «حماس». قبل بضعة اسابيع كشفت المخابرات الاسرائيلية شبكة لـ «حماس» في الضفة، تضمنت إنشاء مختبرات متفجرات واعداد «مخرب انتحاري» لتنفيذ عملية تفجير في القدس. وخرجت الذراع العسكرية لـ «حماس» في غزة، الذي قاد الخلية، من نقطة افتراض بان اسرائيل لن تتمكن من التجلد في ضوء عملية فتاكة في قلب العاصمة. وكان تقويمه للوضع ان اسرائيل ستعمل على الرد بشكل مكثف في الضفة - بما في ذلك ضرب السلطة الفلسطينية – وبالمقابل تنفذ اعمال رد شاملة في القطاع.
في اسرائيل تشتعل منذ بضعة اشهر اضواء حمراء: «حماس»، كما يقدرون، تسمح لنفسها بالانتقال الى عمليات التفجير في الضفة لانها استكملت الاستعدادات الاساسية لتوجيه «الضربة المفاجئة» التي فشلت في تنفيذها قبل سنة ونصف، عشية «الجرف الصامد». ومن غير المستبعد أن يدور الحديث عن تسلل الى الاراضي الاسرائيلية، بالتوازي ومن عدة نقاط – من الجو، البحر، والانفاق – بمرافقة نار قذائف الهاون والصواريخ المكثفة، لالحاق الحد الاقصى من القتلى الاسرائيليين. كما طورت «حماس» ايديولوجيا مناسبة تتضمن هجوما ابتدائيا يضرب الاسرائيليين بالصدمة، ويشكل نوعا من الثأر الفلسطيني على الضربة الاولية التي وجهتها «حماس» في عمود السحاب، وفي اثنائها قتل عشرات افراد الشرطة في منشأة في غزة.
يبدو أن قسما من عمليات اعادة البناء التي تقوم بها «حماس» في القطاع قد استكملت: انفاق التفجير التي تتسلل الى داخل الخط الاخضر أعيد بناؤها أغلب الظن، بما في ذلك، اذا ما تعلمنا من تجربة الماضي، عدة فتحات لكل نفق. اضافة الى ذلك فان القوات الخاصة «النخبة» والغواصين لديهم تواصل التدرب بشكل مكثف، واعيد بناء قوة الطائرات بلا طيار، ومخزون الصواريخ استكمل جزئيا.
الشبكة التي خططت لعملية في القدس وان كانت امسكت، إلا أنها ليست الوحيدة.
في بداية موجة «الارهاب» الاخيرة، قبل نحو أربعة اشهر، شجعت «حماس» في غزة وقيادة «حماس» في اسطنبول الفلسطينيين على تنفيذ أعمال عنف ومجدت الطاعنين والداهسين. وفي الوقت نفسه شجعت «حماس» موجة «الإرهاب»، ولكنها لم تجتز الخطوط من خلال تفعيل الخلايا التي اقامتها في الضفة خشية من رد إسرائيل. وتقوم استراتيجية «حماس» على محاولة ضعضعة استقرار نظام ابو مازن من خلال خلق الاضطراب في الشارع الفلسطيني. وبالمقابل، قدرت اسرائيل بان «حماس» منشغلة بتعاظم القوى، وعالقة في ازمة اقتصادية بسبب فقدان الدعم من ايران، وتلقت ضربة قوية من المصريين الذين صفوا جزءا مهماً من انفاق التهريب. اضافة الى ذلك قدرت اسرائيل بان ليس لـ «حماس» حتى الان قدرة ومصلحة في المخاطرة في مواجهة مع الجيش الاسرائيلي.
لقد تغير هذا التقدير في اسرائيل عندما تبين ان «حماس» توجه رجالها في الضفة للعودة الى عمليات تفجير داخل الخط الاخضر. وبالفعل استيقظت الخلايا في الميدان، واكتشفت عدة مختبرات متفجرات. وبالتوازي بدأ يتدفق المال الى هذه الخلايا، وخرج المبعوثون وجاؤوا الى الضفة، وبات واضحا اليوم ان «حماس» – بتوجيه من محمد ضيف – تغير الاتجاه وترفع ثمن الرهان امام إسرائيل.
عن «يديعوت»
-