ذكر الصديق خالد مسمار عضو المجلس الوطني الفلسطيني في حديث صحفي لجريدة الغد الأردنية أن اللجنة التحضيرية لعقد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني المقررة خلال الثلاثة الأشهر الأولى من العام الحالي، توافقت على التئام اجتماعها القادم في الخارج وقد وجهت لهذا الغرض دعوة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي.
هذا بحد ذاته أمر جيد يعكس حرصا على مشاركة كل إطراف الطيف الفلسطيني وقد بات من الضروري على اللجنة التحضيرية أن تحسم أمرها وتجري الترتيبات النهائية لعقد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني التي طالت انتظارها ولم يعد من الممكن أو الجائز تأجيلها تحت أي ذريعة من الذرائع، خاصة وأن حديث اهتزاز الشرعيات والقلق من الفراغ القادم يسود كافة الأوساط الفلسطينية وعلى مختلف المستويات ويدرك كل صاحب بصر وبصيرة انه يمكن لأي حدث أو عاصفة أن تطيح بما تبقى من هذه الشرعيات بسهولة، الأمر الذي سيدخل الوضع الفلسطيني برمته في دوامة من الارتباك والفوضى في وقت نحن بأمس الحاجة فيه للحفاظ على مكانة القضية الفلسطينية في ظل ما يشهده العام من انشغال بملفات ساخنة تكاد سخونتها أن تحجب اهتمام العالم بقضيتنا الفلسطينية رغم عدالتها ورغم ما يقدمه شعبنا من تضحيات، خاصة وان الزمن الذي نعيشه اليوم ليس زمن تسجيل عدد التضحيات التي نعتز بها، لكنه زمن القدرة في الحفاظ على انجازاتنا وأهم هذه الانجازات منظمة التحرير الفلسطينية التي قادت نضال شعبنا وأضحت بفعل تضحياته الجسام ممثله الشرعي والوحيد وقد اكتسبت هذه المكانة بفعل عاملين أساسين الأول تمثل بما قدمه شعبنا من تضحيات أجبرت العالم على الاعتراف به وبعدالة قضيته.
والثاني بفعل البيئة والمناخ الدولي والتقليمي الذي ساعد في حينه أن تتشكل منظمة التحرير وأن تحظى بما حظيت به من اعتراف ومكانة، وإذا كان العامل الأول ما زال متوفرا ويتمثل بالمخزون الكفاحي لشعبنا ويتمثل اليوم بالهبة الشعبية المتواصلة، فإن العامل الثاني أي البيئة والمناخ الدولي ودوائر صنع القرار، لم يعد كذلك بل وفي بعض تفاصيلها يكمن المسعى المعادي لشعبنا وفي أن تستمر المنظمة بدورها ومكانتها كجامعة للشعب الفلسطيني ومجسدة لهويته الوطنية.
وما من شك فإن الدوائر التي تتربص شرا بشعبنا وقضيتنا تتحين الفرصة للانقضاض على هذه الشرعية وهي تدرك تماما صعوبة الحصول عليها مجدد في ظل موازين القوى الماثلة اليوم، الأمر الذي يجب أن يدفع كل الوطنيين الحريصين على هذه الشرعية بالبحث عن كيفية الحفاظ عليها وهذا لا يتوفر بالنوايا الحسنة والابتهال إلى الله فقط، بل يحتاج لعمل دؤوب في حماية الشرعية الفلسطينية التي يوفرها المجلس الوطني وبالاستناد إلى نص دستوري واضح لا تنتهي فيه شرعية المجلس القائم إلا بشرعية المجلس الجديد الذي يحل محله، إن هذا النص ضمن ما زال يضمنحماية الشرعية من خلال ديمومة شرعية المجلس الوطني وتجنب أي فراغ يمكن أن يطيح بالشرعية فيما لو حدث لكن هذا النص يتطلب أيضا أن يكون أعضاء المجلس الوطني على قدر من المسؤولية التي حفظها لهم الأقدمون منهم وهم من وضع النص برؤية صائبة وحكمة ثورية نفتقدها اليوم.
وفي هذا السياق فإن الأقدمون أدركوا أيضا وبشكل مبكر ان رغبات الناس تجنح للشخصنة في كثير من الأحيان وقد تذهب جهة ما للاستنكاف وتصر على عدم دعوة المجلس الوطني للانعقاد فوضعوا لذلك نصا في المادة الثامنة يحق بموجبه لربع أعضاء المجلس الوطني الطلب بعقده ويصبح الطلب واجب التنفيذ بعد شهر من تقديمه، وفي هذا المجال ومن خلال متابعتي لما جرى من آليات الدعوة لعقد المجلس الوطني في أيلول الماضي ومن ثم تأجيله لأسباب جلها ذاتية أرى انه من واجبي كعضو في المجلس الوطني الفلسطيني بأنه بات من الضروري الاحتكام لهذه المادة إذا ما استمرت عملية التسويف والمماطلة ومحاولة رهن انعقاد المجلس برغبات هنا وهناك.