"السلام الإقليمي" على حساب فلسطين..خدعة سامة وفاسدة!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 عاد رئيس "التحالف الفاشي الحاكم" في الكيان العنصري بنيامين نتنياهو الى الحديث الاستعراضي عما ينسبه لذاته حول ما عرف باتفاقات "التطبيع" مع بعض دول عربية، ومنه انطلق للترويج لمفهوم جديد حول صناعة السلام في المنطقة، خلال مقابلة له مع قناة "سي أن أن" الأمريكية في الأول من فبراير 2023، بقوله "عندما ينتهي الصراع العربي الإسرائيلي بشكل فعال، أعتقد أننا سنعود إلى الفلسطينيين ونحصل على سلام عملي".

وأكد ذلك المفهوم مجددا خلال لقاء مع قناة " LCI" الفرنسية يوم 4 فبراير 2023، إنه يجب أن يكون هناك "سلام مع الدول العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية"، فذلك "سيؤدي إلى إنهاء الصراع الإسرائيلي العربي، بالإضافة إلى إنهاء واقعي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني".

نتنياهو، من خلال التركيز على أن تحقيق "سلام" بين دولة الكيان وبعض دولة عربية، او ما يسميه، إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي سينهي الصراع مع الفلسطيني، يبحث تصدير "معادلة مقلوبة سياسيا" للمعادلة التاريخية في المنطقة، أن فلسطين هي بوابة الحرب والسلام، وجاءت مبادرة السلام العربية مارس 2002 في بيروت لتضع رؤية ربط السلام بحل القضية الفلسطينية.

بالتأكيد، حققت دولة الكيان اختراقات مهمة في كسر جدار تلك المعادلة، بدعم أمريكي مطلق خلال فترة ترامب، بما فيها التطورات الأخيرة مع السودان، فهي بقايا من تلك المرحلة، وليس اختراقا جديدا منسوبا لنتنياهو وتحالفه الفاشي، وقد يحدث ثغرة هنا أو هناك، وهناك اتصالات شبه معلومة مع العربية السعودية، بدأت قبل توقيع تلك الاتفاقات من خلال قناة "أمنية"، بدأت تأخذ أبعادا جديدة من فتح باب المملكة لزيارات علنية قام بها شخصيات إعلامية من دولة العدو، دون أن تنتقل الى ما يمكن اعتباره "تأطير" رسمي، كما سبق مع دول أخرى.

 لكن الثغرة الأكبر موضوعيا، هو انحدار "الثقافة السياسية" الرسمية عند دول عربية بالقفز عن جوهر تعريف الصراع، بحيث غاب فعل الاحتلال عن تعريفهم السياسي، وبدأ الأمر كأنه "نزاع" بين طرف عربي ودولة الكيان، وليس دولة احتلال تمارس كل أنواع جرائم الحرب والعنصرية والتطهير العرقي، وهو ما يحتاج جهدا مركبا ومضاعفا من الفلسطينيين لعدم "تعميم" ذلك المفهوم.

ولكن، هل حقا أن نهاية "الصراع عربيا" مع دولة الاحتلال الاحلالي سينهي الصراع مع الشعب الفلسطيني، كما يتحدث نتنياهو، وأن ممره الى تحقيق "حلمه السياسي" يمر عبر العربية السعودية؟!

موضوعيا، ذلك ليس سوى سذاجة سياسية مطلقة، فكل العلاقات التي قامت بين الكيان ودول عربية لم تمس جوهر الصراع، ولن تغير طبيعته المركزية أساسا، وتلك مسألة لا تحتاج جهدا عقليا، سوى لبعض "الأغبياء" في معرفة التاريخ، فالاحتلال في فلسطين أرضا وشعبا، وبجوارها احتلال الجولان السوري، لن يتم نهايته بتوقيع اتفاقات مع دول عربية، أي كانت مكانتها ودورها في القرار العام، ولكنه مرتبط بأصل رواية الصراع مع الشعب الفلسطيني.

عندما قررت أمريكا عقد مؤتمر مدريد للسلام 1990، صممته وفق مسارين، ثنائي ومتعدد الأطراف بحثا عن "سلام إقليمي"، وعملت جاهدة على استثناء منظمة التحرير بصفتها التمثيلية في المسار الثنائي، وقررت مع العرب أن يكون تمثيل جزء من "الفلسطينيين" ضمن وفد أردني مشترك" مستثنى منه القدس والخارج، وكان الاعتقاد أن تلك بداية انتهاء "التمثيل الفلسطيني المستقل" من خلال منظمة التحرير، ولكن بعد فترة زمنية اكتشف قادة الاحتلال، وعلى زخم الانتفاضة الوطنية الكبرى، وتمسك الوفد المشارك بالمسار الثنائي بدور منظمة التحرير كمرجعية وصاحبة قرار، أنه لا يمكن القفز عن منظمة التحرير وزعيمها ياسر عرفات..فكانت مفاوضات أوسلو، التي أربكت المشروع الأمريكي برمته، وأغلقت صفحته في حينه، متعدد وثنائي.

ولعل صفقة ترامب حاولت إعادة ترميم جوهر مؤتمر مدريد بشقيه "المتعدد والثنائي"، وأيضا دون فلسطين، وموضوعيا حقق نجاح في مسار المتعدد، لكنه عجز على انتزاع موافقة رسمية فلسطينية، رغم "مهادنتها الكبيرة" وعدم تنفيذها ما هو "حق وطني" بعد قرار الأمم المتحدة 2012 حول دولة فلسطين، لكنها لم تذهب بعيدا لدور "المحلل الشرعي" لقناة "التطبيع العربي".

راهنا، ربما المشهد القائم في فلسطين وبعد سنوات من تمكن الطغمة الفاشية بقيادة الإرهابي الراحل شارون من "اغتيال" ياسر عرفات وحصار فعل المواجهة الكبرى لسنوات، وهندسة انقسام طعن العامود الفقري للوطنية الفلسطينية، عبر إقامة نتوء خاص لحكم إخواني، فالشواهد أكدت ان الصراع يبرد في فلسطين ولكنه لم يتوقف ولن ينته سوى بنهاية مسببه.

الحديث عن "سلام إقليمي" يتجاوز القضية الفلسطينية ليس سوى وهم كبير، ومناورة ربما تكون غبية، لأن المسافة بين الفلسطيني وعدوه المحتل تقريبا صفرية، ما يجعل الصراع مفتوحا، وتأكد ان السلاح المطلوب لاستمراره لا يحتاج سوى سكين وحذاء أو حجر قبل أن يكون صاروخا...ومشهد جيش الاحتلال اليومي في الضفة والقدس، تأكيد أن أصل الصراع لن يذهب عن أصل الرواية.

يبدو مفيدا التأكيد أن " السلام" بين دول عربية ودولة الكيان لن يكون "سلاما"، ما دام قادة الكيان لا يجرؤون السير بشكل طبيعي في شوارع عربية، دون خوف من "مطاردة ساخنة" من السائرين، كما أن "السلام الاقتصادي" مظهر "فوقي" لجوهر "السلام الحقيقي"، لن يتمكن من تغيير جوهر الصراع مهما بلغ قيمته، بل ربما يكون في "لحظة صفرية" قد يصبح سلاحا قاتلا لدولة الكيان.

لعل نتنياهو يبحث عن قناة هروب إعلامية من صراع حقيقي في دولة الكيان يتعلق عليه مصيرها ومستقبلها، الى ترويج نظرية "السلام الإقليمي" على حساب القضية الفلسطينية، لكن أقدام أهل فلسطين في مواجهة قوات المحتل الفاشي يوميا تعيد رسم الحقيقة السياسية، وأصلها.

"السلام الإقليمي" دون فلسطين وهم سياسي كبير...وخدعة لا مستقبل لها قد تجد بعض "المشترين" الى حين... لكنهم سيدركون أنها "سامة وفاسدة"!

ملاحظة: خلال أيام ودعت فلسطين 3 من مبدعيها....جهاد صالح..يحيى رباح..مي الصايغ..ثالوث كان جزءا من مسارالثورة الإبداعي في لوحة الكفاح الوطني العالم..سلاما لكم  طاقة ووقودا  لشعب لن ينكسر!

تنويه خاص: حادثة اعدام بعض شباب أريحا بأيدي جيش الفاشية الاحتلالي، بعد أيام من نشر فيديو استعراضي يجب ان يكون درسا وطنيا للبعض المستهتر..البطولة أن تقاتل وليس أن تستعرض لتقتل..!