السمنة مشكلة صحية شائعة جداً في مجتمعاتنا العربية، كذلك الأمراض النفسية، ومع الأسف قد لا تتلقى دائماً الرعاية المناسبة.. وقد ثبت وجود علاقة بين السمنة المفرطة والحالات النفسية؛ حيث ثبت أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، يعانون من اضطرابات نفسية أكثر من سواهم.
اكتشفي في الآتي، تأثير السمنة على الصحة النفسية بالتفصيل؛ حيث من الضروري فقدان الوزن لتحسين نوعية حياة الأشخاص الذين يعانون منها.
- السمنة والاضطرابات النفسية
السمنة مرض يمكن الوقاية منه، وسببه الفيزيولوجي هو اختلال مزمن في توازن الطاقة؛ حيث يكون تناول الطاقة أكبر من الإنفاق.
غالباً ما ترتبط السِمنة بالاضطرابات العقلية التي تظهر في عدة جوانب.. بشكل عام، تتميز بمزيج من الاضطرابات في التفكير والإدراك والعواطف والسلوك والعلاقات مع الآخرين.
تعَد كلٌّ من السمنة والاضطرابات النفسية، من أكثر الأمراض غير المُعدية انتشاراً.. وهي أيضاً أمراض متعددة العوامل (وراثية وبيئية)، تؤدي غالباً إلى وصم الأشخاص الذين يعانون منها.
وقد أظهرت الدراسات، أن الاضطرابات العقلية توجد بشكل متكرر لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة أكثر من سواهم.
- هل يمكن أن نتحدث عن السمنة على أنها اضطراب في الأكل؟
هذا السؤال لايزال قيْد المناقشة، والسِمنة لا تصنَّف على أنها مرض نفسي.. ومع ذلك؛ فإن اضطراب الأكل بنَهَم، هو اضطراب أكل مثبت، يمكن العثور عليه في الأشخاص الذين يعانون من السِمنة المفرطة.. يتميز هذا المرض بحدوث أزمة الشَرَه المَرضي بوتيرة معينة؛ أيْ تناول كمية كبيرة من الطعام خلال فترة زمنية قصيرة وبطريقة قهرية، من دون تعمّد التقيؤ بعد الوجبة.. يمكن أن تؤدي هذه النوبات بسرعة إلى زيادة الوزن بشكل كبير.
يرتبط اضطراب الشراهة عند الأكل ارتباطاً وثيقاً بالسمنة والمعاناة النفسية الشديدة.. وتشمل العلاجات لهذه الحالة، العلاجات السلوكية المعرفية بالإضافة إلى الأدوية.
- السمنة والاكتئاب: مشكلتان على قدر من الصعوبة
الاكتئاب هو مرض نفسي شائع يتميز بالحزن وفقدان الاهتمام أو فقدان المتعة، والشعور بالذنب أو ضعف الصورة الذاتية، واضطراب النوم والشهية والتعب وانخفاض التركيز.
كثيراً ما تتعايش السِمنة والاكتئاب.. لقد ثبت أن الاكتئاب يوجد بشكل متكرر لدى الأشخاص الذين يعانون من السِمنة أكثر من الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي.. في حين يمكن أن يكون الاكتئاب سبباً للسمنة أو نتيجة لذلك.. يمكن أن يؤثر فقدان الدافع الحيوي لأعراض الاكتئاب على طريقة تناول الطعام، من خلال تفضيل الوجبات السريعة على الطعام الصحي، والإرهاق عن طريق تقليل النشاط البدني.. وتؤدي السِمنة في كثير من الأحيان، إلى صورة سيئة عن الذات، ووصمة عار اجتماعية يمكن أن تؤدي إلى الاكتئاب.
وتجدر الإشارة إلى أن الاكتئاب والسِمنة يساعدان على تطور ارتفاع ضغط الدم الشرياني، وحدوث الأزمات القلبية الوعائية، وبالتالي زيادة معدل الوفيات.
- البدانة والاضطراب ثنائي القطب
الاضطرابات ثنائية القطب هي اضطرابات مزاجية؛ حيث تتناوب فترات الإثارة (مراحل الهوس الخفيف أو مراحل الهوس) مع فترات الاكتئاب.. توجد بشكل متكرر لدى الأشخاص الذين يعانون من السِمنة أكثر من الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي.. السِمنة في حدِّ ذاتها، قد تكون أيضاً عاملاً من عوامل الاستجابة الضعيفة للعلاج.. هنا مرة أخرى، الروابط بين السِمنة والاضطراب ثنائي القطب غير واضحة، وربما المسببات متعددة.. وتجدر الإشارة إلى أننا نجد، لدى غالبية الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، نمط تفكير "الكل أو لا شيء"؛ خاصة فيما يتعلق بالقيود المعرفية المتعلقة بالطعام؛ علماً بأن بعض العقاقير التي تنظِّم الحالة المزاجية، تَزيد من الوزن بشكل كبير أو أقل كأثرٍ جانبي.
ويُعتقد أن ثلث المرضى الذين يعانون من اضطرابات ثنائية القطب، تأتي مصحوبة باضطراب الأكل بنَهَم، والذي يؤدي، كما رأينا سابقاً، إلى السمنة.
- هل الغذاء يعمل إزالة القلق؟
وفقاً للتصنيف الدولي لمنظمة الصحة العالمية للاضطرابات العقلية (ICD-10)، يتم تصنيف اضطرابات القلق في عدة فئات: اضطرابات القلق الرهابي، واضطراب الهلع، والقلق العام، واضطرابات القلق الاكتئابية، واضطرابات الوسواس القهري، ومتلازمات الإجهاد اللاحق للصدمة.
مثلها مثل رابطة السمنة والاكتئاب، تلعب اضطرابات القلق دوراً في تطور أمراض القلب والأوعية الدموية. ربما من المفيد الإطلاع على طرق الحفاظ على صحة القلب.
تبين أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة يعانون من اضطرابات القلق أكثر من الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي.. من بين جميع اضطرابات القلق، وُجد أن اضطراب ما بعد الصدمة، هو الأكثر أهمية.
وفي حين لاتزال الآليات غير واضحة، لكن أحد الدلائل المحتملة، هو دور الطعام في إزالة القلق؛ فيظهر القلق على أنه "جوع نفسي أو عاطفي"، ويؤدي إلى تناول الوجبات الخفيفة.. ويمكن الافتراض أن علاج القلق يمكن أن يكون له تأثير مفيد على فقدان الوزن.
زيادة الوزن وضعف الإدراك
يمكن أن تؤثر الاضطرابات المعرفية (أو متلازمة الخرف)، على الذاكرة والتفكير والتوجيه والفهم والحساب والقدرة على التعلم واللغة والحكم.. الارتباط بين السمنة والخرف الوعائي، معروف منذ فترة طويلة.. قبل بداية الخرف بفترة طويلة، أظهرت دراسات مستفيضة أن الأشخاص الذين يعانون من السِمنة المفرطة مقارنة بأوزان عادية، يواجهون صعوبة أكبر في اتخاذ القرار والتخطيط وحل المشكل.