حسنا فعلت "الرسمية الفلسطينية" بصمتها وعدم تبرير ساذج على "الفضيحة السياسية" الكبرى، التي ارتكبتها ضد المصلحة الوطنية العليا، بتمريرها صفقة ستبقى وصمة عار طويلة في سجلها غير النظيف من حيث المبدأ، بعدما وقعت في مصيدة "شرعنة الاستيطان" واسقاط الصفة الإرهابية عن أدوات جيش الاحتلال، أجهزة أمنية وفرق المستوطنين، وأضعفت كليا الموقف حول المطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب في دولة الكيان العنصري.
صمت "الرسمية الفلسطينية" لم يشمل "بنود صفقة العار" حول الاستيطان وإرهاب المستوطنين في الضفة والقدس، فقط، ولكنها أضافت مزيدا من انحدارها السياسي العام، وكشفت كم هي خارج السياق الوطني العام، بعدما تجاهلت مخاطر "البيان الرئاسي" الصادر عن مجلس الأمن يوم 20 فبراير 2023، الذي جاء كـ" مساومة" لعدم الذهاب نحو تصويت على قرار تم الاتفاق عليه حول الاستيطان، فجاء بيانا باهتا انحداريا، تجاهل للمرة الأولى في لغة الأمم المتحدة إدانة الاستيطان باعتباره غير قانوني، مكتفيا بالحديث عن "قلق" و"انزعاج" و"عقبة" وليس فعل جرمي، كجزء من جرائم حرب ضد أرض وشعب تحت الاحتلال، بخلاف لكل قانون الشرعية الدولية والقانون الإنساني.
السقوط السياسي الكبير خلال 48 ساعة لـ "الرسمية الفلسطينية" بكل مكوناتها (رئاسة وتنفيذية وحكومة) ومحيطها العامل بأجر، منح رئيس "التحالف الفاشي" الحاكم في دولة الكيان العنصري، فرصة ليخرج دقائق بعد إعلان البيان الرئاسي، ليصفع الجميع ببيان كشف جوهر المعركة الحقيقية، عندما اعتبر "البيان الرئاسي" تطاول بالحديث عن وصف "الاستيطان كعقبة"، وأنه "يعتبر عامل قلق" ومعرقل لـ "السلام" و "حل الدولتين".
نتنياهو تجاهل كل ما منحه التنازل الرسمي الفلسطيني عن التصويت على قرار، وقبل بيانا رئاسيا، منح الإرهاب الرسمي الإسرائيلي "شرعية دولية" بالحديث عن "إرهاب فلسطيني" دون أي إشارة للجانب الاحتلالي، تحدث عن مواقف "شعورية" وليس مواقف قانونية، وكأنه مساجلة تبادل "العواطف السياسية"، رآها نتنياهو أقل حرارة مما يجب أن يكون لـ "الزمن التهويدي".
نتنياهو من خلال بيانه، اعتبر الحديث الوصفي حول أن "الاستيطان عقبة"، يمثل تطاولا على "حق اليهود في أرضهم التاريخية"، وهو الإعلان الرسمي الأول عبر بيان عام حول تهويد الضفة والقدس، وإلغاء كلي لقرارات "الرسمية الدولية" (قرارات الأمم المتحدة ومواقف غالبية دول العالم والمؤسسات القانونية العالمية كـ"المحكمة الجنائية الدولية")، واستباقا لقرار محكمة العدل الدولية، المقرر أن تبحث "ماهية الاحتلال"، الى جانب أنه بيان رسمي من قبل رئيس حكومة، وليس تصريحا صحفيا يمكن التهرب منه، بإنهاء كل ما تم توقيعه مع الرسمية الفلسطينية، ومنها (بقايا اتفاق إعلان المبادئ – أتفاق أوسلو).
وكان لافتا، كيف وجه رئيس "التحالف الفاشي الجديد" في دولة الكيان العنصريـ "عتابا ناعما" للولايات المتحدة على تمريرها بيان رئاسة مجلس الأمن، لأنه غفل عن "أرض إسرائيل التاريخية في الضفة والقدس"، متجاهلا الخدمة الكبرى التي قدمتها بسحب التصويت على قرار كان له أن يمثل فعلا مقاوما جديدا في وسط "النهوض الفاشي" و"الإرهاب اليهودي" ضد الشعب الفلسطيني، ويعيد تصويب التفكير العالمي حول مسار الصراع واعادته الى أصله، بين دولة احتلال وفاشية تصاعدية، وشعب تحت الاحتلال، ودولة تنتظر في أدراج الى حين فك أسرها من السجان السياسي.
مشهد يوم 20 فبراير 2023 سيكون سوادا سياسيا وطنيا عاما، وانحرافا جوهريا على جوهر الصراع العام في أرض فلسطين، وتعريفه بما يتوافق مع "الرؤية اليهودية" بين "سكان محليين" يبحثون "حقوق مواطنة" وليس شعب يبحث حق تقرير مصيره من دولة احتلال عنصري ودولة "أبرتهايد" معاصر.
هناك فرصة سياسية وحيدة لـ "الرسمية الفلسطينية" للخروج من نفق السقوط الكبير، بأن تعلن وفورا، وبعد بيان نتنياهو، وقف كل الاتفاقات مع دولة الكيان، واعتبار فلسطين دولة الاحتلال..دون ذلك يكون عمرها الوطني قد انتهى!
ملاحظة: شكلها قناة الاتصال بين مكتب نتنياهو ومكتب الرئيس عباس، هي من أنتج "البضاعة السياسية الفاسدة" دون علم من يسمون "كيادة"...الطريف أن نتنياهو رغم ما كل ما صار بصق على القناة ومرجعيتها..فعلا "الولد الهامل بيجيب لأهله المذلة..والصراحة هذا أقل واجب لكم!
تنويه خاص: تغريدة لنجل نتنياهو يتهم فيها جهاز الشاباك بالتآمر على "بابا"..وطالب بمحاكتمهم..تخيلوا ولد فضايحه أكثر من فضايح ابوه صار له حق يتهم جهاز أمني اللي مفترض أنه حارس امه وأبوه وأمن كيانه..ولا حد قاله انت وين..بس كلها بشائر خير!