استبعد مدير وحدة علوم الأرض في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، جلال الدبيك، حدوث أمواج "تسونامي" في المدن الساحلية بفلسطين، وذلك بعد الهزة الأرضية التي ضربت جنوب تركيا بدرجة 6.4 على مقياس ريختر، وفق ما يتم تداوله عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
وأرجع الدبيك، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، استبعاد حدوث هذه الأمواج، إلى أنّها تحدث عادةً بعد فترة وجيزة من الزلزال تُقدر بحوالي 55 دقيقة أو ساعة على أبعد تقدير.
التسونامي.. مركزه زلزلل في قاع البحر وليس الأرض
وقال: "إنَّ التسونامي يحدث نتيجة للكسر الأرضي في البحر، وفي حال حدوث زلزال وكان قوياً ومركزه قاع البحر والمحيط، وأيضاً في حال وجود كسر عمودي في طبقات الأرض وكان هناك هبوط".
وأضاف: "في بعض الحالات يحدث زلزال يكون مركزه البحر؛ ولكن الكسر ليس عمودياً ولا يحدث تسونامي في هذه الحالة بل يحدث أمواج بسيطة".
وأكمل: "لكي تصل أمواج التسونامي إلى شواطئ فلسطين تحتاج ما بين 30 إلى 55 دقيقة، حسب كل منطقة؛ ولكن ما دامت لم تحصل خلال الفترة المحددة فلا داعي للخوف والذعر".
و"تسونامي" هو موجة بحرية ناجمة عن إزاحة فجائية واسعة النطاق لجزء كبير من قاع البحر إلى أعلى. وأكثر أسبابها شيوعاً الزلازل، ولكِنها قد تنجم أيضاً عن أنشطة أرضية في قاع البحر مثل الانجرافات الأرضية أو الانفجارات البركانية.
وقد يصل ارتفاع الأمواج إلى أكثر من 10 أمتار فوق مُستوى سطح البحر، وتحدث أمواج تسونامي في العديد من الأماكن على الكرة الأرضية، وهي: عند التقاء صفيحتين تكتونيتين، وغوص أحدها تحت الأخرى، وعند منطقة الحزام الناري وهو المسؤول عن 90% من الزلازل التي تسبب أمواج تسونامي، أو في أماكن حدوث الانهيارات الأرضية، أو الانفجارات البركانية، أو أماكن سقوط النيازك.
كما أنَّ أمواج "تسونامي" نادرة الحدوث، ولكن يمكن أنّ تكون قاتلة للغاية. ففي السنوات الـ100 الماضية، أدى حدوث 58 كارثة للتسونامي إلى وفاة أكثر من 260،000 شخص، أو ما معدله 4600 شخص لكل كارثة، وهذا يتجاوز المخاطر الطبيعية الأخرى. وأدى التسونامي في المحيط الهندي في ديسمبر 2004 إلى أكبر عدد من الوفيات في تلك الفترة وتسبب ما يقدر ب 227000 حالة وفاة في 14 بلداً، حيث كانت إندونيسيا وسريلانكا والهند وتايلاند الأكثر تضرراً.
تركيا.. التحذير من تسونامي لعدم معرفة مركزه في الدقائق الأولى
وعن الخطر المحتمل على شواطئ غزّة؛ من حدوث أيّ تسونامي في المستقبل، قال الدبيك: "طالما الوقت مر لا نستطيع الربط بين زلزال تركيا وحدوث تسونامي في قطاع غزّة"، مُشيراً إلى أنَّ التسونامي يؤثر على المناطق الساحلية المنبسطة ولا يؤثر على المناطق المرتفعة، فساحل غزّة ليس كله مناطق منبسطة وليس كله أيضاً مناطق مرتفعة.
وأردف الدبيك: "شمال قطاع غزّة مُرتفعاً عن مستوى سطح البحر، لذلك فإنَّ تأثير تسونامي حال حدوثه لا سمح الله سيكون محدوداً".
كما تطرق إلى دراسات قام بإعدادها من خلال المجلس الوطني لإدارة الكوارث ومركز تخطيط المدن والحد من إدارة الكوارث في جامعة النجاح، يتعلق جزء كبير منها بإمكانية حدوث زلزال في غزّة أو الضفة الغربية، ومنها تسونامي على غزّة، والتي تؤكد ضرورة عدم الربط بين ما حدث في تركيا بحدوث تسونامي اليوم أو غداً.
وأوضح أنّه في حال حدوث زلزال -لا سمح الله- في جزيرة كريت وكان مركزه البحر وكان الكسر عمودياً، يحدث التسونامي بعد 50 دقيقة إلى 60 دقيقة، وأكثر من ذلك فلن يحدث ولا داعي للخوف، مُضيفاً: "حال حدوث زلزال في قبرص ومركزه داخل البحر والكسر عمودياً يؤدي إلى تسونامي، ويصل غزّة بعد 30 دقيقة إلى خمسين دقيقة".
وأشار إلى أنَّ تركيا حذرت في الدقائق الأولي من حدوث موجات تسونامي؛ لأنّها لم تكن تعرف مركز الزلزال وهو تحذير وقائي؛ لأنّه لا أحد يعلم كيفية الكسر ومركز الزلزال، أما بالنسبة للزلازل داخل فلسطين والهزات الأرضية الخفيفة التي سبق أنّ حدث مثلها الكثير في فلسطين، فليس له علاقة بما حدث في تركيا.
وأفادت إدارة الكوارث والطوارئ التركية بأنَّ زلزلين بقوة 6.4 درجات و5.8 درجات على مقياس ريختر ضربا مركز منطقتي "دفنة" و"سمنداغ" في هاتاي جنوبي البلاد، مساء أمس الإثنين، وامتدا إلى الشمال السوري، فيما شعر بهما سكان لبنان وفلسطين.
وأضافت إدارة الكوارث التركية أنّه تم تسجيل 32 هزة ارتدادية بعد الزلزالين، مُشيرةً إلى أنَّ سكان مدن هاتاي وغازي عنتاب ومرسين وأضنة وأنطاليا وكهرمان مرعش شعروا بالزلزال، وشوهد مواطنو عدة مدن ينزلون إلى الشوارع خوفاً من تضرر المباني من آثار الزلزالين.
مقاومة البنيان للزلازل في فلسطين
وعن مقاومة المباني في فلسطين لأيّ هزة أرضية قوية، قال الدبيك: "إنَّ المباني المقاومة للزلزال لها شروط، لكِن العديد من المباني لم تُصمم لمقاومة الزلزل، والعديد من المباني وإنّ لم تُصمم لمقاومة الزلزل؛ لكِن الضبط في الجودة سيجعلها لن تتعرض لانهيار كلي، والاكتفاء بتصدع المبني".
واستدرك: "كل المباني لدينا جيدة وسيئة في نفس الوقت؛ لأنَّ هناك بعض المباني لها قابلية عالية للتضرر ما بين انهيار كلي لجزئي لتشقق وبعضها قابلية محدودة للتضرر وبعضها جيدة".
وتساءل: "هل نحن في وضع جيد؟"، مُجيبًا: "لا فنحن بحاجة ضبط في المباني الجديدة، بقوانين رادعة ومحكمة لها رقابة، حيث هناك مباني لها طابق رخو- أيّ المبنى الواقع على أعمدة فقط وبقية الطوابق لها جدران- وهو يُعد أحد المشاكل في تركيا خلال الزلزال ويُمكن معالجته من خلال وجود مهندسين وخطة لدى البلديات والمؤسسات في المدينة، لرفع الجاهزية في الإنقاذ وهذا الشيء مطلوب بغض النظر حدث زلزال أم لم يحدث".