لماذا... كل هذا الفشل؟؟؟

نبيل-عمرو-1-1.jpg
حجم الخط

بقلم:نبيل عمرو


شاهد المواطنون الفلسطينيون ..وخصوصاً أهل القدس ورام الله والبيرة .. موكب طائرات الهيلوكوبتر .. وهو يهبط على أرض المقاطعة ليطير حاملاً الوفد الفلسطيني الى ما يسمى بقمة العقبة ، ما جعل من عرفوا بالخبر .. يعتقدون ان مفردة القمة تخص رؤساء الدول .
لم تكن الطائرات الأردنية تحمل مجرد وفد ..بل كانت الى جانب ذلك تحمل طلبات فلسطينية كثيرة .. لعلها تعود الى حيث انطلقت .. وفي جعبة الوفد .. إنجازات جوهرية ، كوقف جميع الإجراءات المسماة بأحادية الجانب .. ومنها الاستيطان ، والمداهمات ، والافراج عن الأموال المحتجزة مع بعض التسهيلات وأشياء أخرى .
كان يمكن توقع استجابة لبعض هذه الطلبات ، لو تقدمت السلطة بها أيام السيد جيمس بيكر الراعي المؤسس لعملية السلام ، وأيام إسحاق رابين وتوأمه شيمون بيريز ، اما وانها قُدِمتْ في زمن بلنكن .. ونتنياهو .. وقطبي حكومته سموترتش وبن غفير .. فالنتيجة قرأناها مرتين .. الأولى والثانية في نابلس ..مع هدية لم تكن ذات طابع رمزي ..وهي إقرار حكم الإعدام على معتقلين تجاوزوا حاجز المؤبدات ..
قرأت على الصفحة الأولى في صحيفة القدس عنواناً كتب بالخط الأسود العريض كإشارة حداد يقول " اتفاق العقبة ولد ميتاً" .. وعنوان آخر" المفاوض الفلسطيني خرج خالي الوفاض" .. ويا ليت الأمر كذلك فقط .. فالاتفاق لم يولد ميتاً ..بل وفر للجانب الأمريكي نجاحاً يعوض به فشل الجولة الأولى .. وقد فسر ذلك السيد جيك سوليفان ، الذي اعتبره انطلاقة جديدة للعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية .. معتبراً ان مجرد اللقاء هو امر بالغ الأهمية .. أما حكاية خالي الوفاض .. فلم يقف الأمر عند هذا الحد ، فما خلفه قرار المشاركة في اللقاء .. من ردود فعل على صعيد الشارع الفلسطيني والقوى السياسية .. كان مزيداً من صب الزيت على النار .
واذا ما رغبنا في معرفة ما هو اكثر ..فلنلق نظرة على ردود الفعل الإسرائيلية وخصوصا من جانب وزراء نتنياهو .. بعضهم أعلن صراحة عدم التزامه بما حدث في العقبة .. وبعضهم الآخر قال ..ما حدث في العقبة ظل في العقبة .. فالاستيطان سيستمر على ذات الوتيرة ، والجيش سيكثف نشاطه في الضفة وعلى غلاف غزة .. اما مليشيات المستوطنين .. فقدمت عينة من ردها المتزامن مع اللقاء ، اذ أودت بحياة شهيد ..وخلفت مئات الجرحى ، مع حرائق تذكِّر باجتياح تتري في حوارة وزعترة .
الجيش الإسرائيلي.. الذي يعتبر نفسه الأكثر كفاءة من كل جيوش المنطقة تواطأ مع نفسه ، وأعلن أنه لم يستطع السيطرة على المستوطنين ، وذلك مصطلح جديد بديل عن الاعتراف بحمايتهم وتمكينهم .
اما عندنا .. فما يلفت النظر ، ويبعث على الأسى، ذلك الاستنساخ المتكرر لخطاب كان معقولاً في زمن آخر مختلف .. حين كانت أقل عثرة في طريق السلام ، تأتي بكل قادة العالم لإزالتها ، وحين توغل ضابط إسرائيلي عشرات الأمتار نحو بيت حانون ، فأمره البيت الأبيض بالمغادرة فوراً، وامتثل .
وحين كانت أسهمنا عند الأمريكيين والأوروبيين والعالم في أوج قيمتها ، وحين كان ياسر عرفات لا يكف عن القول بأنه أكثر زعيم زار البيت الأبيض، ناهيك عن تفرغ كلينتون لإنقاذ مشروع السلام في كامب دافيد ، وحين كانت السلطة تطلب مالاً أو مشاريع تطاع . كل ذلك كان في وقت مضى ، ولا مجال في الأفق لعودة لو بعضٍ منه فكل الذين انشغلوا بنا في بدايات المشروع ، وجدوا أسبابا للانشغال عنا .
أوروبا تبدو كما لو أنها نسيت مهمتها كممول أساسي في استثمار المشروع الدولي – مشروع السلام – كان ذلك ليس في زمن كورونا ، ولا في زمن حرب أوكرانيا ، بل قبل ذلك حين لم يعد المشروع قائماً من أساسه .
وأمريكا ..مؤسسة أول وحدة للعالم من اجل المشروع التاريخي ، والذي ضم الى جانبها أوروبا وروسيا والأمم المتحدة فيما سمي باللجنة الرباعية ، وتبنت حل الدولتين كأساس للتسوية التاريخية .. أضحت عاجزة عن وقف جرافة سموترتش في الضفة .. واقتحامات بن غفير في القدس، وتنكيله بالسجناء الفلسطينيين الذين في عهده سيتعرضون لعقوبة الإعدام. ونحن ، لا شيء يتغير عندنا ، السياسة ، والخطاب ، والانقسام ، وتوالد الأزمات .
فهل بعد ذلك كله ، ننتظر ترياقاً من لقاء ، وانقاذا ممن نواصل الاستغاثة به – المجتمع الدولي – وحتى من أمريكا التي خفضت مستوى حضورها الى مجرد محاولة تهدئة .. ولا تنجح حتى في هذا !!
نحن والجميع في دوامة بالغة الأذى ، المخرج منها ، يكمن في وداع حلم تسوية تحول الى كابوس – والتفرغ أولا وقبل كل شيء لمعالجة وضعنا الداخلي ، ساعتها سنجد كل من يريد الخير لنا ولقضيتنا ، واقفاً معنا .. داعماً ومتبنياً، فما الذي يزعج الأصدقاء والأشقاء لو كنا على ما يرام .