رحلةُ علاجٍ محفوفة بالمعاناة والألم والتنغيص جراء الحصار الإسرائيلي تارةً، وتارةً أخرى بفعل نقص الإمكانات وشح الموارد، هذا هو حال مريض السرطان في قطاع غزّة المحاصر منذ 16 عاماً وما يزيد، ففي هذه البقعة الضيقة التي عايشت أربعة حروبٍ إسرائيلية يموت الإنسان قبل آوانه ولا سبيل أمام الطواقم الطبية سوى تقديم ما بوسعها.
علاج مرضى السرطان في قطاع غزّة أشبه برحلة عذاب تؤدي لموت المريض آلف مرة في كل يوم، حيث يتعين على المريض أنّ ينتظر إما جرعات الأدوية أو التشخيص المناسب بفعل نقص أدوات الفحص، ناهيك عن التحويلات الطبية التي نيالها المريض بشق الأنفس وقد يسبقه القدر قبل أن ينالها.
المريض منذر المقادمة، حصل على العلاج البيولوجي في مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، وقد كشفت زوجته في حديثها لمراسلة وكالة "خبر"، أنّه حين جاء موعد حصوله على الجرعة الثانية تفاجئوا بانقطاع العلاج، كما أنّه بعد تقديمهم طلب الحصول على تحويلة علاج في مستشفى المطلع بمدينة القدس مضى نحو شهر ونص الشهر حتى صدرت التحويلة وبذلك تراجعت حالته بشكلٍ كبير.
الطفلة رهف شبير، وهي مريضة سرطان، متواجدة في مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، قالت أيضاً لمراسلة "خبر": "إنَّه في ظل تأخر وصول تحويلة علاجها في الداخل المحتل تعيش على المسكنات"، لافتةً إلى أنَّ أحد الصعوبات التي تواجهها أثناء العلاج في الداخل هي الرفض الإسرائيلي، أو الموافقة عليها دون مرافقة والدتها لها، عدا عن الاحتجاز لساعات في المعبر.
بدوره، أكّد مدير مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، د. صبحي سكيك، على ضرورة إجراء تحاليل متقدمة لبعض المرضى مثل مُعلمات الأورام والخدمات والتحاليل الجينية لإعطاء العلاج المناسب، لكِن كل ذلك لا يتوفر في مختبرات قطاع غزّة، حيث يتم في بعض الأحيان نقل العينات للفحص إما في جمهورية مصر العربية أو الداخل المُحتل من أجل إعطاء العلاج المناسب.
وأضاف سكيك، في حديثه لمراسلة "خبر": "مرضى الأورام يخضعون لبروتوكلات علاجية وإذا نقص إحداها فلا يمكن إعطاء المريض جرعته، وبالتالي هنا يحدث الإرباك للمريض بسب حصوله على جرعة أو اثنتين وعدم حصوله على بقية الجرعات، ما يعني تدهور الحالة الصحية للمريض".
ولفت إلى أنَّ التحويلات هي عبارة عن مأساة كبيرة، حيث يتم في بعض الأحيان قبول التحويلة للمريض وفي أحيان أخرى لا يتم قبولها، مُبيّناً أنَّ العلاج الإشعاعي أصبح موجوداً في كافة بقاع الأرض لكِن في غزّة لا يوجد.
وفي ختام حديثه، شدّد سكيك، على ضرورة أنّ يكون وقفة من العالم أجمع كونه موضوع إنساني من الدرجة الأولى، مُشيراً إلى أنَّ علاج مرضى السرطان في غزّة واجب على كل إنسان.
يُذكر أنَّ نسبة الإصابة بالسرطان في قطاع غزّة آخذة بالازدياد في الوقت الذي لا يوجد فيه إمكانيات كافية لمواكبة هذه الأعداد وتقديم الرعاية لهم، فالعلاج الكيماوي ينقص عما نسبته 60% من المرضى، أما العلاج الإشعاعي لم تُعاصره المستشفيات بعد.