سواء عقد المؤتمر التكميلي لقمة العقبة "الأردني" في شرم الشيخ "المصرية" المنبثق أصلا عن قمة النقب "الإسرائيلية" ، أم لا ، فإن الرعاية الكاملة تبقى للولايات المتحدة الامريكية ، سواء في التمويل او التدريب او التسليح ، بغض النظر عن الحاضرين او الغائبين العرب ، وفي المقدمة منهم الفلسطينيين أصحاب القضية ، فقد غيّبوا عن قمة النقب ، و لكنهم أحضروا في قمة العقبة . ( غيبت الامارات والبحرين عن قمة العقبة ، لكنهما أحضرتا في قمة النقب) .
الرعاية الامريكية الشاملة الطاغية لمثل لهذه اللقاءت ، تتجاوز ما ذكر أعلاه ، من التمويل والتدريب والتسليح ، و تقرير من يحضر و من يغيب ، الى تقرير مستوى الحضور ، ففي قمة النقب كان المستوى وزراء الخارجية ، و في قمة العقبة كان المستوى مدراء المخابرات ، و في شرم الشيخ ، اذا ما عقدت في آذار الجاري وفق المخطط ، ان يكون المستوى وزراء الدفاع ، حيث حضر الوزير السيد الأمريكي الى المنطقة ، بادئا بالأردن فمصر فإسرائيل .
أما الجانب الزماني لمواعيد هذه اللقاءات او القمم ، فإن مفاعيل تقريرها هي المقاومة الفلسطينية على الأرض ، فبينما عقدت قمة النقب في آذار من العام الماضي ، انعقدت قمة العقبة قبل حوالي عشرة أيام ، أي حوالي سنة بين القمتين ، لكن قمة شرم الشيخ يفترض ان تعقد في هذا الشهر ، أي بضعة أيام بين القمتين ، فلماذا هذا التسارع السريع ، و لماذا تستحضر الأردن والفلسطينيين على عجل ، و هما من تم تغييبهما عن القمة الام "النقب" ؟
رمضان ، رمضان هو السبب ، الذي يحل خلال أسبوعين من اليوم ، و بدا وكأن وصوله قد فاجأ الجميع ، رغم انه يتقاطع الى حد كبير هذا العام مع أعياد يهودية في المكان السرمدي للحساسيات الدينية والعقائدية ؛ القدس وبالتحديد المسجد الأقصى . واعتبر البعض ان العمليات الفدائية ما هي الا ارتدادات مسبقة تحضيرا للرمضان النضالي والكفاحي والتضحوي ، فهرعت أمريكا لنزع الفتيل ، وكما هي عادتها عبر آخر خمسين سنة من عمرها ، تعالج في النتائج بدلا من الأسباب والمقدمات ، قررت تدريب خمسة الاف عنصر أمن فلسطيني لكي يحلوا محل القوات الإسرائيلية في مهمات الاقتحام والاشتباك والاعتقال وربما القتل اذا تطلب الامر ، خاصة في المناطق التي خرجت من تحت سيطرة السلطة ، و بالتحديد جنين و نابلس ، التي شهدتا مجازر حقيقية ، آخرها محرقة حوارة ، و ما صاحبها من دعوات إسرائيلية صهيونية تلمودية صادقة ، تقضي بضرورة محوها من الوجود . و لهذا عوجل بإحضار فلسطينيين الى القمة ، اما الأردنيين ، فلضرورة انه سيتم التدريب عندهم .
إنهم لا يدركون لربما ، ان الأردن هي فلسطين ، وانهم بمثل هذه الإجراءات العدائية الاجرامية التآمرية ، انما يدفعون الشعب الأردني الشقيق الى مرحلة متقدمة في أتون الصراع المستشري مع هذا الاحتلال العنصري الذي تتكشف حقائقه أكثر فأكثر مع الأيام . و سواء عقدت قمة شرم الشيخ ام لا ، فإن وصول وزير الدفاع الأمريكي الى المنطقة قبل يومين ، يعني الايذان بأنها بدأت .