عندما أعلن الوزير الإرهابي (متعدد المهام) سموتريتش بأن "الشعب الفلسطيني كذبة تم اختراعها"، بعد ساعات من بيان "شرم الشيخ"، غضب من غضب ولطم من لطم، وجاءت فضيحة صورة جابتونسكي وخريطته لـ "إسرائيل الكبرى" خلال خطاب ذاك الإرهابي لتزيل النقاب عن الحقيقة التي يحاول البعض تجاهلها.
تصريحات سموتريتش وخريطة "أرض إسرائيل الكبرى" لم تكن "زلة لسان" ولم يتم محوها والخريطة لا تزال باقية في مقار متعددة داخل دولة الكيان، بما فيه مقر الليكود حزب رئيس الحكومة نتنياهو، رغم محاولة التدليس السياسي الذي قامت به مع الشقيقة الأردن، عبر تأكيد شفوي على معاهدة السلام، دون ان تعلن رفضها بالمقابل للخريطة والتصريحات الخاصة بمحو شعب فلسطين من "الذاكرة والتاريخ".
وساعات بعد "البيان السموتريتشي" جاء قرار الكنيست بإلغاء قرار إخلاء مستوطنات من شمال الضفة، بتصويت كتلة رئيس الحكومة نتنياهو "كاملة العدد" الى جانب القرار، كي لا يقال أنه فرض على "شريك لقاءات العقبة وشرم الشيخ"، ليرد بشكل عملي كما رد نتنياهو عام 1998 على تفاهمات واري ريفر بإدارة الظهر لها، دون أن يدير بالا للغضب الأمريكي، بقوله أنه "متدين لتحالفه الحكومي الرافض لها، وليس لأمريكا".
منطقيا، قدم سموتريتش وقرار الكنيست "هدية سياسية" للرسمية الفلسطينية من حيث لم تحتسب، لفك أي علاقة لها بما فرض عليها لظروف خاصة، بين مجاملة سياسية، و "مخاوف الفراغ"، وتعيد ترتيب تفكيرها السياسي ضمن أولويات فلسطينية بنبض فلسطيني، وليس ضمن أولويات لحسابات أخرى، ليست مجهولة أبدا.
ولا تحتاج "الرسمية الفلسطينية" لتبرير موقفها ابدا، فقط ان تطالب محاسبة سموتريتش رسميا عن تصريحه الذي استفز التواطئ الأمريكي، وأيضا التراجع الرسمي عن قرار الكنيست حول الغاء الإخلاء، كمقدمة للحديث عما جاء في تلك البيانات، رغم ما بها من "إهانات سياسية" للشعب الفلسطيني تاريخا ونضالا، ولكن تسهيلا عليها من "فخ الإحراج" فليس لها سوى الطلب من "آلية التواصل المقرة في شرم الشيخ" بما سبق، محاسبة علنية للإرهابي والتأكيد الرسمي الإسرائيلي على هوية الضفة وفقا لنص الاتفاق الأوسلوي، والتراجع عن قرار الكنيست.
ما يحدث في دولة الكيان من تنامي الفاشية والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني لا يحتاج لجهد معرفة هدفه السياسي المحدد، بعبارة قالها بيان رئيس حكومتهم قبل أيام وبعد صدور بيان رئاسي هزيل من مجلس الأمن، الذي أكد أن الضفة والقدس هي جزء من "أرض إسرائيل"، لا يحق لأحد فرض عليهم ما يعملون بها..ورغم أنه بيان قبر كل ما سبق ورقا وكلاما، لكن الرسمية الفلسطينية أغمضت عينيها وسدت أذنيها عما جاء، وسارت في طريق "المسايرة السياسية" للبعض على حساب "الوطنية الفلسطينية".
المسألة ليس مناكفة بين الرسمية الفلسطينية ومن تعتبرهم معارضين لسلوكها، الذي يتناقض عمليا مع الغالبية، إن لم نقل مع الكل الوطني، وفي المقدمة منها حركة فتح، وليست معركة لـ"تسجيل نقاط" فالأمر تجاوز ذلك كثيرا، لأنها معركة بدأت تتجه نحو حماية الوجود الكياني الوطني مقابل التهويد الرسمي..معركة البقاء السياسي الوطنية ضد مشروع "الإزالة السياسية"، والذي لم يعد كلاما لمعارض مهوس في الكنيست كما يقال سابقا، لكنه بات حكما وحاكما.
وقطعا لمؤامرة "اللص السياسي" لا يجب الاستنجاد بمن لا يريد حقا للمشروع الوطني الفلسطيني البناء الكامل، ولا يجب أن يكون الرد هروبا نحو انحدارية أكثر خطورة، بل العودة لصواب الموقف المكتوب في محاضر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، دون زيادة حرف أو كلمة قد يراها بعضهم "تنغيصا" لسلوك يرونه صوابا.
مواجهة "اللص السياسي" لن تنجح سوى بحاضنة وطنية شعبية حقيقية، تدرك معها الرسمية الفلسطينية، أن الاعتراف بالخطأ فضيلة وطنية كبرى..وأن العناد هو الخطيئة الوطنية الكبرى.
ملاحظة: مجددا يذهب اسماعين هنية الى الإعلان الفج بتجاوز الممثل الرسمي الفلسطيني، بتصريح طالب به فتح باب "حوار استراتيجي" مع الأردن وأن حركته حماس جاهزة..وجب الردع الوطني وردا من الشقيقة الأردن كي لا تصبح "النميمة السياسية" حقيقة!
تنويه خاص: مع دخول شهر رمضان الحياة بكل بريقه الخاص..فليكن الصيام عن الكلام الانقسامي خيرا قبل الصيام عن الطعام..كي يكون صوما مقبولا!