"ذقن ابني أصبحت بيضاء في السجن. فكيف حال بقية الأسرى؟ الأسرى يطلبون الحرية فقط، لا يطلبون شيء أكثر"، بهذه الكلمات استهلت والدة الأسير حسين اللوح "37 عاماً"، حديثها عن معركة "الشهادة" التي ينوى الأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، البدء بها يوم غدٍ الخميس، مع بداية شهر رمضان الكريم، رفضاً للإجراءات العقابية التي فرضتها ما تُسمى إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، والتي تهدف في جوهرها إلى الاستفراد بالحركة الأسيرة.
الأسرى.. يطلبون الحرية فقط
ويأتي قرار البدء بمعركة "الشهادة" بعد 36 يوماً من الخطوات النضالية التصاعدية التي اتخذها الأسرى على مدار تلك الأيام وصولًا للخطوة الأولى بالإضراب المفتوح عن الطعام احتجاجاً على سياسات الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، بتشديد ظروف أسرهم.
"نصوم نحن ونفطر في آخر النهار؛ ولكِن الأسرى الله أعلم لن يفطروا إذا قرروا بدء الإضراب غدًا، وأنا سأصوم غداً؛ لكِن لا أعلم إنّ كنت سأفطر، وابنى يُعاني داخل السجون". تقول بحسرة والدة الأسير اللوح الذي يقبع في سجن نفحة الصحراوي ويقضي حكماً بالسجن المُؤبد.
وتُواصل حديثها لـ"وكالة خبر"، وقلبها يعتصر حزناً على ابنها الذي يُعاني من قرحة في المعدة وربو في صدره وأنيميا في الدم، وتقول: "لا أعلم إنّ كان حسين سينضم لإضراب الأسرى فهو يُعاني من أمراض عدة؛ ولكِن قلبي يحترق عليه، فرمضان في الأسر ليس كما في الخارج. فمكونات وجبة الإفطار تصلهم بعد المغرب ويستغرق إعدادها وقت؛ وبالتالي إفطارهم يكون بعد صلاة العشاء".
وتُضيف بحسرة: "يفطرون وجبة عند العشاء فقط، لا يتناولون شيء بعده. الوضع مُؤلم وصعب؛ ولكِن معنويات حسين وزملائه تُعانق عنان السماء؛ لإيمانهم بعدالة قضيتهم".
الجسد في غزة والروح في نفحة الصحراوي
تقطع حديثها عن الإضراب، وتستذكر صوت حسين عبر سماعة الهاتف ومن خلف الزجاج، عندما وصلتها ضحكاته: "عيدك يا أمي". هكذا قام حسين بالمعايدة لي بعيد الأم. ما أحلى الشعور وما أصعبه. كان بودي أنّ أحتضنه كبقية الأمهات. لكِن الاحتلال يحول بيننا.
أما والدة الأسير رائد الحاج أحمد "39 عاماً"، ويقبع في سجن نفحة الصحراوي مُنذ العام 2004 ويقضى حكماً بالسجن 20 عاماً، فتقول: "لا أُخفي قلقي وخوفي على رائد وبقية الأسرى. بالأمس زرته لكِنه لم يتحدث شيئاً عن عزم الأسرى خوف الإضراب المفتوح عن الطعام".
وتستدرك في حديثها لوكالة "خبر": "لكِن ما يمشي على الأسرى يمشي على ابني، فالأسرى يطلبون الحرية فقط، لا شيء أكثر. أتمنى أن يمر شهر رمضان بالخير على الأسرى، وأنّ لا يُصبهم مكروه".
"الجسد هنا في غزة، والروح هناك في سجن نفحة الصحراوي، حيث يقيع رائد ورفاقه. ليس فقط في رمضان؛ وإنّما في كل لحظة لا يُغادر تفكيري وعندما أتناول أيّ لقمة أتمنى أنّ تنزل في فم ابني بدلاً من فمي. إنّه قلب الأم الذي حرمني الاحتلال من احتضان ابني على سفرة رمضان كبقية الأمهات".
وتختم والدة الأسير الحج أحمد حديثها، بالقول: "قلبي يؤلمني عند الحديث عن وضعه داخل الأسرى؛ لكِن تجدد الأمل لديّ بالأمس عندما قال لي (انبسطي، العيد عيدين عندك، عيد الأم، وشهر رمضان)".
محاولات وأد معركة الأسرى
وتُحاول إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، منذ الليلة الماضية، وأد معركة الأسرى الجديدة التي تحمل اسم "بركان الحرية" أو "الشهادة" من خلال فرض عقوبات على قادة الحركة الأسيرة الذين قرروا أمس بدء خوض إضراب مفتوح عن الطعام تمهيدًا للإضراب الكبير الذي سيبدأ يوم غدٍ الخميس.
وبحسب مؤسسات الأسرى، فإنَّ مصلحة السجون الإسرائيلية، أقدمت على عزل الأسرى المضربين إلى جهة مجهولة.
ووفقًا لتلك المؤسسات، فإنّه تم عزل قيادة الإضراب "أعضاء لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة"، الذين شرعوا بالإضراب عن الطعام يوم أمس، ونقلت الأسرى عمار مرضي، وسلامة قطاوي، ومحمد الطوس، ووليد حناتشة، إلى جهة غير معلومة.