شاهد: "أبوطبلة".. المسحراتي يعود لشوارع غزّة مُحملاً بنكهة رمضان وأيامه الجميلة

شاهد: "أبوطبلة".. المسحراتي يعود لشوارع غزّة مُحملاً بنكهة رمضاه وأيامه الجميلة
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - مارلين أبو عون

ما أنّ يقترب شهر الخير في القدوم حتى يتجهز كل "مسحراتي" لعمله السنوي في إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور، بعضهم يطمئن على "طبلته" لتكون رفيقته في جولته الليلية فيعتني بها ويجهزها ويقوم بتحضير الملابس التي اعتاد أنّ يرتديها في كل ليلة.

أما البعض الآخر فيعتمد على صوته أكثر من الطبلة التي يمسكها بين يديه، فيقوم بتحضير مجموعة من العبارات المحببة للأذن ويحفظها عن ظهر قلب أو يستعين ببعض الأهازيج والمواويل الوطنية والإسلامية في إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور.

"المسحراتي" الذي ما أنّ يتم ذكر اسمه حتى يتم ربطه مباشرةً بشهر رمضان في كل بقاع العالم، له خصوصيته ومكانته، مهما اختلفت الظروف، إلا أنَّ وظيفته تكون محببة لجميع الصائمين.

04.jpeg
ويلجأ الكثير من شباب قطاع غزّة إلى تسحير أهالي الأحياء التي يقطنون فيه، باعتبار هذه المهنة مصدر رزق مؤقت لهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والحصار المطبق.

فما أنّ تقترب الساعة من الثالثة فجراً حتى يخرج "أبو إسماعيل" إلى الشوارع بزيه الفلكلوري الجميل وطبلته الصغيرة التي رافقته طيلة الخمس سنوات الماضية، لإيقاظ النائمين لتناول السحور، ويقول لمراسلة وكالة "خبر": "أستمتع كثيراً في هذه المهنة الجميلة، ومن العام للعام أتحضر لها، الحمد لله كسبت محبة الناس وأعرف كل بيت من بيوت الحي وأحفظ أسمائهم عن ظهر قلب، حتى أنني أناديهم في كل يوم فيخرج بعضهم ليقول لي أنا مستيقظ يا أبو اسماعيل اذهب إلى البيوت الأخرى".

05.jpeg
وعن أبرز العبارات التي يُرددها ليلاً، أجاب: "لا أبتكر كثيراً في مناداة الناس، ولكن أبرز العبارات السهلة الخفيفة التي أناديها "اصحى يا صايم وحد الدايم – قوموا يا عباد الله إلى سحوركم لتنالوا الأجر والثواب رمضان يناديكم.. وغيرها من الأهازيج والكلمات التي تخرج من القلب مباشرة وتوقظ النائمين".

أما عن دور المسحراتي قديماً واليوم، قال أبو اسماعيل: "قديماً كان الناس بسطاء جداً بعد صلاة التراويح يزورون الأهل والأقارب ومن ثم يعودون لبيوتهم ليناموا، لم تكن الهواتف الذكية والإنترنت قد غزت البيوت كما اليوم، لتجعل الناس يسهرون علي متابعة أخبار العالم والتواصل مع بعضهم البعض لساعات طويلة، فيظلوا مستيقظين حتى ساعات الفجر الأولى، فيتسحرون ومن ثم ينامون، حتى أنني أجد الكثير من أفراد العائلات ما زالوا في الشوارع حتى ساعات الفجر أو يسهرون على هواتفهم، فما أنّ أنادي عليهم حتى يخرجوا ليقولوا لي أنهم مازالوا مستيقظين، عدا عن أصوات المكبرات من الجوامع التي تصدح لتوقظ الناس وتذكرهم بوجبة السحور، هناك عدة عوامل ساهمت في أنّ يتراجع دور المسحراتي، وأنّ لا يكون بأهميته القديمة".

وعن أجره في إيقاظ الناس، ردَّ أبو إسماعيل: "إيقاظ الناس لتناول السحور هي مبادرة شخصية مني أريد من ورائها ابتغاء وجه الله تعالى، فأنا أعمل خلال النهار في بيع الخضار بالسوق وبالليل أوقظ الناس، أما غيري من المسحراتية فأعرف أنّ الأغلبية منهم يأخذون أجر لقاء عملهم من المسجد أو وزارة الأوقاف، وفي آخر يوم من الشهر الفضيل يزورون البيوت التي أيقظوها خلال لأخذ العيدية منهم، فيُخرج الناس ما تجود به أنفسهم". 

02.jpeg
 

"رمضان ما بحلى إلا بوجود المسحراتي"

دلال محسن، تقول: "من أجمل الأشياء التي ما زالت محافظة على وجودها رغم أيّ شيء هو وجود المسحراتي، أحيانا نكون نائمين، ونسمع كلا من صوت المؤذن والمسحراتي يوقظوننا للسحور، لكن المسحراتي يُصر علينا بالقيام من النوم عكس المسجد الذي ينادي بعض الوقت ويذهب، لكن المسحراتي يظل واقفاً على باب البيت ينادي على من في البيت لكي يستيقظوا وما إن يستيقظوا يذهب هو، إنّها حقاً من أجمل الأوقات".

محمد الدريني، قال: "لساعات الفجر نظل في الشارع نتسامر مع بعض الجيران والأصدقاء ،حتى أطفالنا يكونوا بجوارنا ليلعبوا ويمرحوا ،وما ان يسمعوا بقدوم المسحراتي حتى يركضوا نحوه فرحين وينادونه "أجى أبو طبلة ،اللي بده يسحرنا ".

03.jpeg
 

أم محمد الخالدي، قالت لمراسلة "خبر": "شهر رمضان ما بحلى إلا بوجود المسحراتي، أنا من الناس الي بحب أسمع صوته خصوصاً الشب الي بينادي في حارتنا ما شاء الله صوته جميل ومريح ومرات بيغني أغنيات دينية بيخلينا نقف على الشباك عشان نسمعه، وكل رمضان إن شاء الله وكل الناس بخير وراحة بال، احنا بالفعل محتاجين نفرح وننسى الهموم، ومحتاجين نصوم بظروف طبيعية مثل كل بلاد العالم". 

"لا أهمية لوجوده"

"انتصار سعد"، لها رأي مخالف عما سبقوها، فتقول: "لا أجد أيّ أهمية لوجود المسحراتي اليوم، لأنّه وُجد في القدم لإيقاظ الناس في ظروف بسيطة، حيث كان الناس ينامون من العشاء، ولم تكن هناك كهرباء أو هواتف أو إنترنت، لذلك كان لابد من وجود المسحراتي، أما اليوم فوجوده غير مهم، كما أنَّ المساجد تصدح كل عدة دقائق للمناداة على المصلين والنائمين، عدا عن أنّ الناس لا يزالون مستيقظين لم يناموا بعد، فالأغلبية منهم يتناولون سحورهم ويصلون الفجر ومن ثم ينامون".

"لا نتناول وجبة السحور"

خالد عيسى، يوافق انتصار في رأيها عن أهمية وجود المسحراتي، ويقول: "بعض الناس يكونوا قد ناموا وخصوصاً كبار السن أو المرضى ويحتاجون مزيداً من الهدوء والخصوصية والراحة، ووجود الطبلة والصوت العالي الذي يصدر عن المسحراتي يجعل هناك مزيداً من الإزعاج لهم، يكفي وجود المسجد، برأيي أنّ مكبرات الصوت توقظ الجميع، بالإضافة إلى أنَّني وعائلتي لا نتسحر من الأساس، حيث نتناول بعد الإفطار الحلويات والمشروبات وفي منتصف الليل شيئاً خفيفاً ثم ننام في أغلب الأوقات لكي نستيقظ نشيطين في الصباح ونذهب لعملنا".