حراك إسرائيلي غاضب مقابل غياب "الرسمية الفلسطينية"!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 ربما يكون يوم الجمعة 24 مارس (آذار) 2023، حدثا يسجل في تاريخ دولة الكيان، عندما خرج وزير الجيش يوآف غالانت، بتصريح علني رافضا بشكل صارخ موقف حكومة نتنياهو، تحالفا وحزبا، تصريح وجد تجاوبا سريعا من "مجموعة ليكودية 4 نواب"، وترحيبا عاما حارا من أحزاب المعارضة، وبالأخص الكتلة الأكبر يائير لابيد.

"التمرد العلني" لوزير الجيش نقطة فصل في المشهد السياسي لدولة الكيان، لن تمر مرورا عابرا، وسيكون أثرها على تكوينه ما يمكن اعتباره، الأهم منذ الانقلاب التصويتي على السائد عام 1997، يوم تمرد الناخبين على حزب العمل وتحالفه ليضع مناحيم بيغن أغلبية برلمانية، ليصبح أول رئيس حكومة من خارج السائد.

"تمرد" وزير الجيش العلني على التحالف الحكومي في الكيان، ليس حدثا عابرا وليس رقما تصويتيا كما غيره من النواب "المتمردين"، الذي يرتعشون في لحظة ما، لكنه موقف يؤكد، ان المسألة تدخل في مرحلة جديدة لا قبول لها، لما سيكون لها "خطرا مركزيا" على مستقبل دولتهم، ليس داخليا فحسب بل إقليميا وعالميا.

"تمرد" غالانت العلني بصفته وزيرا للجيش هو الوجه الآخر لتمرد مجمل "المؤسسة الأمنية"، جيشا وأجهزة، في موقف نادر ربما لم يكن له سابقة منذ العام 1948، حتى في زمن الخلاف الأكبر بعد توقيع اتفاق "إعلان المبادئ- أوسلو 1993"، رغم تمرد رئيس اركان جيش العدو في حينه يهود باراك، بإعلانه الصحفي "اليتيم" بأن "الاتفاق يمثل خطر على أمن دولة إسرائيل"، مسجلا نقطة لصالح "تحالف أعداء أوسلو من نتنياهو الى شارون" ضد حكومة رابين.

"تمرد" غالانت، فتح حربا داخلية عليه من التحالف الحكومي، بدأها الإرهابي وزير الأمن "الداخلي" إيتمار بن غفير، مطالبا بإقالته فورا، فيما هدد ليكوديين آخرين، لكن المسألة لم تعد من يقيل من، فرصاصة وزير الجيش في دولة الكيان، ومن الحزب الرئيسي الحاكم، ليست رصاصة في الهواء، بل أنها تذهب مباشرة الى "راس" المشروع، لما تراه مجمل المؤسسة الأمنية (وحدة نادرة) خطرا يهدد مستقبل كيانهم، ولذا لن تمر بإقالة الوزير الذي تمرد صراحة، ونتنياهو خارج تل أبيب، وبعد 24 ساعة من تصريحاته حول المضي قدما بالتحدي.

"تمرد" غالانت قوة دفع كبيرة للمعارضة الواسعة ضد التحالف الحاكم، ولكن الأهمية الكبرى التي تكمن في موقف غالانت، لوحدة "المؤسسة الأمنية" بالانحياز الصريح الى موقف الإدارة الأمريكية التي طالبت نتنياهو بشكل مباشر وعلانية، التوقف عن المضي قدما، بانقلابه القضائي، ولاستخفافه بالغضب الأمريكي، فتحت عليه كل الجبهات، لتتركه غارقا بين المجموعة الأكثر إرهابية في الكيان.

الحراك الغاضب في الكيان، معارضة ومؤسسة أمنية بكامل مركباته، لن يمر مرورا عابرا، ولن يتمكن نتنياهو الخروج سالما من "الحدث الغالانتي"، وهو ما يجب أن يدفع الرسمية الفلسطينية الى الصحو، ولا تقف وكأنها خارج المسار السياسي العام، او أنها غير ذي صلة بالمشهد في داخل الكيان، رغم صلته المباشرة بالقضية الوطنية وأثره على مستقبل الكيانية الفلسطينية.

ليس من باب العقلانية ان تقف "الرسمية الفلسطينية" متفرجة على التطورات، التي لها انعكاس مباشر على القضية الوطنية والمستقبل السياسي، فهي بدون أن تبدو كأنها طرفا مباشرا في الصراع، لكنها تستطيع ان تذهب لصياغة موقف متربط بالتطورات التالية، وتبدأ في بناء رؤية تتقدم بها الى الأمانة العامة للجامعة العربية، نحو بلورة موقف عربي مشترك، وخاصة أن بعض بلدان "التطبيع" الحديثة أدركت بوضوح أنها لا تستطيع المضي قدما بحركة انفتاحيه كاملة مع حكومة التحالف الفاشي، ما يساهم موضوعيا في بلورة رؤية تعيد  الاعتبار الى "الصواب السياسي"، الذي ظل طريقه في سنوات سابقة.

التحرك الرسمي الفلسطيني، بالتنسيق مع الشقيقة مصر وكذا الشقيقة الأردن، الخطوة الأولى لبناء "معادلة سياسية مستقبلية" تقطع الطريق على فرض "واقع متعاكس" مع المشروعية الوطنية، بل سيكون حصار عملي للبعد الانفصالي الذي يطل برأسه مجددا، بمظاهر متعددة.

حراك الرسمية الفلسطينية بات ضرورة كي لا يصبح "صيامها" خطرا على المستقبل الوطني لصالح مشروع مضاد، ولحسابات ملامحها انكسارية للوطنية الفلسطينية بكل مكوناتها مشروعا وأداة.

ملاحظة: بلدة "حوارة" النابلسية سرقت الضو من جنين ومخيمها، بكم ضربة على راس جيش العدو وأدواته الفاشية الاستيطانية..رصاص شبابها في المليان مش رصاص "أعراس" كما كان ...ويا ريت يستمروا عهيك ففيه الخير الكبير.

تنويه خاص: شو قصة غياب "لجان المتابعة" اللي كان صمتها فترة ربح شعبي..الأيام غابت خالص...الحكي  عن الضفة وغزة...عله خير تصويبي لحالهم اللي كان مايل..بس بلاش تميلوا أكثر مما كانت مايلة!