أكد عضو المجلس الثوري لحركة فتح من القدس، الناطق باسم تيار الإصلاح الديمقراطي، ديمتري دلياني، على أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية، تنظر بقلق بالغ إزاء الازمة داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي بسبب التعديلات القضائية؛ باعتبارها حليف استراتيجي في المنطقة، لافتاً إلى أنَّ العلاقة بين واشنطن وتل أبيب استراتيجية؛ ومبنية على عوامل عديدة، فقد استطاعت دولة الاحتلال الإسرائيلي، أنّ تُقنع الولايات المتحدة الأمريكية على مدار العقود الماضية، بأنّها تتشارك معها في قيم اجتماعية وأخلاقية وحتى سياسية.
وهذه التعديلات القضائية ترمي إلى تعزيز قدرة الحكومة على التحكم في الجهاز القضائي، وتقليص قدرته على التدخّل في القوانين التي يسنّها الكنيست، والقرارات التي تتخذها الحكومة عبر تقليص قدرة المحكمة العليا على تعطيل هذه القوانين وإلغاء تلك القرارات من خلال سنّ قانون "التغلب".
وفي الوقت ذاته، فإنَّ التعديلات تهدف إلى إلغاء المكانة المستقلة للمستشار القضائي للحكومة، لينحصر دوره في الدفاع عن قرارات الحكومة وليس فحص مدى قانونيتها والاعتراض عليها ونزع الشرعية عنها، كما تفعل المستشارة الحالية غالي بيهارف ميارا.
كما أنَّ هذه التعديلات ترمي أيضاً إلى تحسين قدرة الحكومة على القيام بدور حاسم في تحديد هوية قضاة المحاكم، لا سيما أعضاء المحكمة العليا، عبر إحداث تحوّل على موازين القوى داخل اللجنة التي تختار هؤلاء القضاة.
تحالف استراتيجي بين واشنطن وتل أبيب
وقال دلياني، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ واشنطن تنظر إلى الانقلاب الذي ينوي "اليمين الديني" في دولة الاحتلال أنّ يقوم به، على حساب "اليمين المتشدد القومي" في مجال القضاء، بأنّه سيؤثر على "منسوب الديمقراطية" في دولة الاحتلال ويجعلها عرضة للاعتراضات، ويضعف دور المدافعين عن الاحتلال في واشنطن الذي يدعي ظلماً وكذباً بأنَّ دولة الاحتلال ديمقراطية، على الرغم من أنَّ المنطق يقول إنه لا يمكن لدولة احتلال أنّ تكون ديمقراطية".
ورأى أنَّ الولايات المتحدة مهتمة بعدم حدوث تغيرات في الجهاز القضائي، مُستدركاً: "لكِن وإنّ حدثت التغيرات، فإنّ العلاقة الاستراتيجية خارقة لأيّ نتوءات، فجميعنا يتذكر موقف أوباما السلبي من نتنياهو أثناء إدارته، وكيف لم يؤثر ذلك على الموقف العسكري ولا الأمني ولا السياسي".
وقد رحبت الولايات المتحدة بإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعليق قانون التعديلات القضائية، وطالبت القوى الإسرائيلية بالتوصل إلى تسوية.
وقال البيت الأبيض: "إنَّ دعم أمن وديمقراطية إسرائيل صارم، ولكن هذا لا يمنعنا من إجراء محادثات صادقة وصريحة".
وكان منسق الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض، جون كيربي، قد قال إنَّ إدارة الرئيس جو بايدن تُراقب التطورات في "إسرائيل" عن كثب وبقلقٍ بالغ، وتحث قادتها على التوصل إلى تسوية.
واشنطن تنحاز للمحتجين ضد نتننياهو
وبشأن خيارات واشنطن للتعامل مع الأزمة داخل "إسرائيل" بسبب التعديلات القضائية؛ لمنع الدخول في مسار الحرب الأهلية، استبعد دلياني، ذهاب "إسرائيل" نحو الحرب الأهلية؛ معللًا قراءته تلك بأنّها مبنية على شواهد وأدلة، حيث هناك نزاع ما بين "اليمين المتشدد الديني" و"اليمين المتشدد القومي" في إطار ما تمنحه هذه الدولة العنصرية من ديمقراطية حصرية لسكانها اليهود وتحرم الفلسطينيين من هذه الحقوق سواء من يحملون جنسيتها قسراً في أراضي 48، أو الذين تحتلهم في القدس وقطاع غزة كونه مُحاصر وهو نوع من الاحتلال.
وأكمل: "الولايات المتحدة ستتدخل بنفوذها في دولة الاحتلال، وقد رأينا الإعلام الأمريكي القريب من البيت الأبيض المتمثل في النيويورك تايمز وغيره من وسائل الإعلام، التي بدأت تنحاز للمحتجين على حساب الائتلاف الحكومي وهذا به نوع من التأثير العلني على مجريات الأمور في دولة الاحتلال".
وأضاف: "هذا ما نادى به العديد من رؤساء اللوبيات المساندة لدولة الاحتلال بكتابة مقالات اليومين الماضين، يحثون نتنياهو على "التراجع" وليس "وقف أو تعليق" الانقلاب القضائي حفاظًا ليس على الديمقراطية التي يدعونها كذباً، ولكِن حفاظًا على العلاقة مع الولايات المتحدة".
وأردف: "أقرأ في هذه المقالات الموجهة في نفس الاتجاه تهديدات باطنية لنتنياهو، الذي تاريخياً له علاقات سلبية مع الإدارات الديمقراطية وعلاقات إيجابية مع الإدارات الجمهورية".
وقد قالت الخارجية الأميركية إنَّ مزاعم تمويل واشنطن للاحتجاجات في إسرائيل باطلة ولا أساس لها، كما حثت بقوة على التوصل إلى حل وسط، لأنَّ ذلك يصب في مصلحة إسرائيل ومواطنيها.
وقالت الخارجية الأميركية إنَّ "واشنطن مستمرة في مراقبة التطورات في إسرائيل عن كثب، وهي على اتصال وثيق مع شركائها الإسرائيليين".
انقسام الفلسطينيين يضعف استثمارهم لأزمة الاحتلال
وعن كيفية استثمارالفلسطينيين للأزمة داخل دولة الاحتلال لصالحهم؛ لإنهاء الاحتلال، رأى دلياني، أنَّ "الاستقطاب الحاد في دولة الاحتلال داخلي، وأنَّ النظام السياسي الداخلي الفلسطيني الموجود سواء في الضفة أو غزّة هو أضعف من أنّ يكون عاملًا في المعادلة السياسية داخل دولة الاحتلال".
وختم دلياني حديثه، بالقول: "إنَّ أكثر تصريحات بعض المتنفذين هنا وهناك- يقصد الضفة وغزة- بالرغم من قلتها، تم استثمارها لصالح جانب أو آخر في النزاع الإعلامي بين القطبين في دولة الاحتلال، القطب المتشدد اليمني الديني والقطب الآخر اليمين المتشدد القومي الديني".