اسرائيل اليوم : بين الخروج من مصر والخروج في تظاهرات الاحتجاج

لقطة الشاشة 2023-04-06 114923.png
حجم الخط

بقلم: غرشون هكوهن

 

 




في هذا "الفصح"، في كل بيت في إسرائيل مع الجلوس حول طاولة العيد، ومع قراءة الأسطورة، سيتبدد قلق كبير حول مستقبل دولة إسرائيل. الأزمة غير المسبوقة وموجة الاحتجاج ستهزان، هذه السنة، أيضاً قصة خروج مصر. حين ستقرأ في بداية الأسطورة "السنة نحن عبيد، السنة التالية أحرار"، لا يمكن أن تتجاهل الربط الناشئ بين هذه الكلمات والأزمة التي تجتاح الشوارع. في الكفاح في سبيل التحرر والحرية كل ورعب استعباده، كل وصورة حريته الشخصية، التي يكافح في سبيلها.
في نظرة واقعية إلى قصة خروج مصر يمكن، هذه السنة، أن نروي من جديد القصة المعروفة جداً منذ روضة الأطفال. لم نسأل في أي مرة: هل حقاً هم أرادوا الخروج من مصر؟ تبين مراجعة القصة أنه كان هناك أيضاً خلاف، لم يحسم حتى اليوم.
من بداية البشرى التي جاء بها موشيه إلى الشعب يصف "المكرا" صعوبة زعامية أساسية: "ولم يسمعوا موشيه لقصر الروح وللعمل الصعب". مثلما في كل كفاح في سبيل حلم كبير، بدا كفاح موشيه أيضاً للشعب منقطعاً وهاذياً. وحسب طبيعة مثل هذه الكفاحات فإنها لا تميل إلا لأن تعقد الوضع أكثر فأكثر. وبالفعل، في ضوء دعوات التمرد التي أطلقها موشيه أثقل فرعون العمل، واحتج بنو إسرائيل ضد موشيه وهارون.

بفضل الخلاف
في الروضة تعلمنا أن كل شيء انتهى بالخير. تلقى المصريون عشر ضربات، وخرج بنو إسرائيل بفرح كبير. لكن الحكماء، كالمعتاد، حرصوا على أن يخربوا القصة. شددوا على أن الخمُس فقط خرجوا. يبدو أن ليس الجميع حقاً أرادوا الخروج. وحتى أولئك الذين خرجوا حملوا معهم الشك في أنه الأفضل لو بقوا. قاد موشيه بني إسرائيل في الصحراء إلى المجهول. طرح على فرعون طلباً صغيراً: "ارسل شعبي وعبيده". إجازة لثلاثة أيام فقط، للخروج والعودة. وهكذا وجدوا أنفسهم في منتصف الليل في ذروة الضربة الأولى يرسلون من قبل فرعون إلى إجازة قصيرة من العبودية: اذهبوا واعبدوا الرب، كما طلبتم، اذهبوا بضعة أيام وعودوا. كلهم فهموا أنهم سيذهبون وسيعودون، ولا عجب في أنه على مدى 40 سنة ضياع في الصحراء، في ضوء الصعوبات، عاد بنو إسرائيل، وذكروا أنهم يمكنهم دوماً أن يعودوا إلى هناك.
حين نكون نعرف منذ الطفولة نهاية القصة من الصعب أن نرى أن هذا يمكن أن ينتهي أيضاً بشكل مختلف تماماً. عندما طارد فرعون مع جيشه بني إسرائيل لم يعلقوا فقط في ورطة جسدية؛ أمامهم البحر، وخلفهم جيش مصر، بل أيضاً في ورطة وعيهم أنفسهم. فقد انقسم الشعب: بعضهم طلب الاستسلام والعودة إلى مصر، وبعضهم طلب مخرجاً آخر. وكانت الشكاوى لموشيه لاذعة: "ما الذي فعلته بنا، إذ أخرجتنا من مصر؟". وذكروه أنه منذ البداية كانوا يطلبون منه أن يوقف خيالاته. ومنذ البداية كانوا يقولون: كف عن هذا ولنعد إلى مصر، إذ إن عبودية مصر أفضل لنا من الموت في الصحراء". انهارت زعامة موشيه. وفقط بعد شق البحر الأحمر، وحين رأى الجميع المصري يموت على شاطئ البحر، عندها فقط اقتنعوا بأنه مع ذلك قد تكون في خطوة موشيه قصة نجاح. عندها فقط آمنوا بالرب وبعبده موشيه.
الرمبام، إذ بحث مسألة كيف نعرف أن المسيح حو حقاً المسيح، أعطى جواباً عملياً: "إذا نجح". هذا يعني أننا لن نعرف أبداً إلا بعد الفعل، في نظرة فاحصة إلى اختبار النتيجة. هذا في خروج مصر أيضاً، الخطوة التي قادها موشيه كادت تفشل، ومنذ بدايتها كانت موضع خلاف لم يحسم أبداً. من داخل الخلاف غير المحسوم حول مسألة غاية الخروج من مصر قاد موشيه إلى وقفة جبل سيناء. كان هو المبادر والمخرج، فهم واجبه في أن يقيم قصة هوية جديدة.
رابي حاييم بار عطار، في تفسيره "نور الحياة"، يعرض مركزية موشيه في إقامة المكانة في نظرة جريئة إلى ما يجري. يشدد على أنه في كل الأمور الكبرى على المبادرة أن تبدأ بإنسان، وكانت هذه مسؤولية موشيه لإعداد الشعب نحو المكانة خشية أن يرفض الشعب العرض. في فهم عميق أنه لا يمكن تلقي التوراة دون موافقة الشعب، اعترف موشيه بمسؤوليته الشخصية لأن يأتي بالتوراة انطلاقاً من إجماع واسع للشعب. لهذا السبب جمع كل الشيوخ على أمل أن يساعدوا على توفير الإجماع. بشكل مفاجئ تلقى موافقة الشعب على الطاعة، ويجدر أن نستوعب أن هذا كان يمكن أن يكون مختلفاً أيضاً، وحتى مكانة جبل سيناء كان يمكن ألا تكون لو لم يوافق الشعب.

مسألة هوية
مثلما في تلك الأيام الأولى، فإن شعب إسرائيل يعيش، الآن، أيضاً خلافاً حول غاية وجوده، ولا يوجد موشيه ينصت لواجبه لإحداث الإجماع. منذ أكثر من شهرين والاحتجاج يتعاظم، ويتبين ما كان مكشوفاً منذ بداية موجة الاحتجاج: لم يكن الصراع ضد الإصلاح القضائي إلا عود الثقاب الذي أشعل صراعاً واسعاً وشاملاً أكثر بأضعاف. ما الدولة اليهودية؟ ما هويتها؟ ما الميزة اليهودية للدولة في أشكال التعابير العملية في المجال العام، في جدول أعمال الحكومة وفي مؤسسات الدولة؟
نظرة إلى الاحتجاج من قصة شعب إسرائيل، التي تبدأ بخروج مصر، تفيد بأن الخلافات الأساسية بدأت منذئذ. شعب منذ لحظة ولادته كان يعيش في خلاف. يطلب قيادة ذات حساسية وحكمة قيادية خاصة، في فرض تعيين يهوشع للقيادة بعد موشيه قيل: "خذلك يهوشع بن بنون، شخص ذو روح". وشرح الحكماء أن هذا يعني "أنه يمكن أن يسير ضد روح كل واحد وواحد". منذ البداية كان شعب إسرائيل يحتاج إلى زعيم منصت، هذا شعب ما كان يمكنه أبداً أن يحتمل حكماً دكتاتورياً. وبالفعل، في هذه الساعة، بعد أن خرجنا من مصر، نحتاج نوعاً من مكانة جبل سيناء مجددة، ونحتاج زعيماً منصتاً لديه روح.

عن "إسرائيل اليوم"