بين الدماغ والقلب – كيف توفّق استراتيجية4MAT بين العقل والمنطق والمشاعر؟

بين الدماغ والقلب – كيف توفّق استراتيجية4MAT  بين العقل والمنطق والمشاعر؟
حجم الخط

غزّة - وكالة خبر

كيف تجعل من المادة التعليمية مثيرة للاهتمام والتشويق وتؤدي إلى الإبداع باستخدام استراتيجية الفورمات ‎

مقدمة

في عصر يتجاوز فيه التعليم مجرد التلقين ليُعنى بتمكين الطلاب وتزويدهم بمهارات التفكير النقدي، حل المشكلات، والإبداع، تبرز الحاجة الماسة لاستراتيجيات تدريس مبتكرة.

استراتيجية الفورمات (4MAT)، التي طورتها برناديت مكارثي، تُقدم نموذجًا تعليميًا فريدًا وشاملًا يراعي الأنماط المتعددة للتعلم ويُنشط نصفي الدماغ، محولًا العملية التعليمية إلى تجربة تفاعلية وعميقة.

لا تهدف هذه الاستراتيجية إلى إيصال المعلومة فحسب، بل إلى جعل التعلم رحلة مثيرة للفضول، غنية بالتطبيق، ومحفزة للإبداع.

ما هي استراتيجية الفورمات (4MAT)؟ تعتمد استراتيجية الفورمات على دورة تعلم رباعية المراحل، تتناغم مع أنماط التعلم المختلفة وتفعّل القدرات الكامنة لدى الطلاب.

هذه المراحل الأربع هي: لماذا؟ (الملاحظة التأملية - Why?): تبدأ هذه المرحلة بإثارة فضول الطالب وربط المحتوى الجديد بخبراته وتجاربه الشخصية، مما يُحدث لديه دافعًا داخليًا للتعلم.

إنها تجيب عن سؤال "لماذا أتعلم هذا؟" وتستهدف المتعلمين الذين يفضلون الربط العاطفي والدافع الشخصي.

ماذا؟ (بلورة المفهوم - What?): تُعنى هذه المرحلة بتقديم المعرفة والمفاهيم الأساسية للمادة الدراسية بطريقة واضحة ومنظمة.

هنا يتم بناء الأساس المعرفي، وتُجيب عن سؤال "ماذا أتعلم؟" وتُناسب المتعلمين الذين يفضلون المعلومات المنظمة والمنطق.

كيف؟ (التجريب النشط - How?): في هذه المرحلة، يقوم الطلاب بتطبيق المفاهيم التي تعلموها عمليًا من خلال الأنشطة والتجارب.

الهدف هو تحويل المعرفة النظرية إلى مهارات قابلة للتطبيق، وتُجيب عن سؤال "كيف أطبق ما تعلمته؟" وتلائم المتعلمين الذين يفضلون التعلم بالممارسة والتجربة.

ماذا لو؟ (التطبيق الابتكاري - If?): هذه المرحلة تدفع الطلاب نحو التفكير الإبداعي وتوسيع نطاق معرفتهم من خلال طرح أسئلة "ماذا لو؟" وتطبيق ما تعلموه في سياقات جديدة وغير تقليدية. إنها تُعزز التفكير المستقبلي وحل المشكلات بطرق مبتكرة.

تضمن هذه الدورة الشاملة أن يجد كل طالب طريقة مفضلة للتعلم، مما يجعل المادة التعليمية أكثر جاذبية وتشويقًا ويزيد من فعالية التعلم.

تطبيق استراتيجية الفورمات: درس "فقر الدم" نموذجًا لإبراز فعالية استراتيجية الفورمات، يمكننا استعراض كيفية تطبيقها في تصميم درس نموذجي مثل "فقر الدم" للصف التاسع، والذي يهدف إلى تمكين الطلاب من فهم هذا الموضوع بشكل عميق وتطبيقي.

مرحلة "لماذا؟": إثارة الفضول والدافعية يبدأ الدرس بقصة درامية عن طالب يُدعى محمد، يعاني من أعراض فقر الدم نتيجة عادات غذائية سيئة. تُصوّر القصة حوارًا بين محمد وأعضاء جسده التي أصبحت ضعيفة ومتعبة.

هذا العرض المسرحي يثير فضول الطلاب ويدفعهم للتساؤل: "ما الذي يحدث داخل جسم محمد؟" و"لماذا يشعر بكل هذا التعب؟".

الهدف هو ربط الموضوع العلمي بتجربة إنسانية ملموسة، مما يجعل الطلاب يشعرون بأهمية التعلم للإجابة عن تساؤلات حقيقية.

مرحلة "ماذا؟": بناء المفهوم العلمي بعد إثارة الفضول، ينتقل الطلاب إلى مرحلة استقصائية لفهم ماهية فقر الدم.

يشاهدون فيديو أو محاكاة توضح مكونات خلية الدم الحمراء السليمة، وكيفية نقل الأكسجين، ودور الحديد في تكوين الهيموغلوبين.

تُطرح عليهم أسئلة لتحليل ما شاهدوه وصياغة فرضياتهم حول حالة محمد. ثم يقومون بتحليل صور لخلايا دم حمراء سليمة ومصابة، ومقارنتها، وكذلك تحليل نتائج فحص دم واقعية لمحمد، مما يؤكد فرضياتهم ويُمكنهم من استنتاج تعريف علمي دقيق لفقر الدم وأسبابه.

مرحلة "كيف؟": التطبيق العملي وحل المشكلات في هذه المرحلة، يطبق الطلاب معرفتهم من خلال نشاط حل المشكلات بعنوان "لغز مريم وفقر الدم الغامض".

تُعرض عليهم حالة فتاة تعاني من فقر الدم رغم تغذيتها الجيدة.

يُطلب من الطلاب استخدام خطوات المنهج العلمي (الملاحظة، تحديد المشكلة، جمع المعلومات، افتراض الفرضيات، الاختبار، التحليل، التوصيات) لاكتشاف السبب.

على سبيل المثال، يمكنهم اختبار فرضية تأثير الشاي على امتصاص الحديد.

هذا النشاط يُعزز التفكير النقدي والمهارات البحثية والتطبيقية.

مرحلة "ماذا لو؟": الإبداع والتأمل المجتمعي الدرس لا ينتهي بالتطبيق الفردي، بل يدفع الطلاب للتفكير في الأبعاد المجتمعية.

يُطلب منهم ابتكار حلول بناءً على معلومات حول انتشار فقر الدم في قطاع غزة بسبب الحصار.

يختار الطلاب مهمة من بين مهام إبداعية مثل: تصميم وجبة بديلة غنية بالحديد بمكونات متوفرة في بيئة فقيرة (مهارة البدائل)، أو تصميم "خريطة غذاء" تحدد الأولويات الغذائية لمنطقة معينة (مهارة الأولويات)، أو كتابة رسالة توعوية مؤثرة من القلب لشخص مقرب عن فقر الدم ونتائجه.

هذه المرحلة تُنمي حس المسؤولية المجتمعية والتفكير الابتكاري، وتُعزز التمايز في التدريس من خلال السماح باختيار المهام وطرق التعبير المختلفة. يمكنك الاطلاع على تصميم الدرس التعليمي كاملا الذي اعدته باحثات. من الجامعة الاسلامية باستخدام استراتجية الفورمات بالضغط على الرابط التالي: اضغط هنا 

‏مميزات استراتيجية الفورمات في تعزيز مهارات القرن الحادي والعشرين تتجاوز استراتيجية الفورمات مجرد نقل المعرفة لتُصبح أداة فعالة في تنمية مهارات أساسية للقرن 21:

التفكير النقدي وحل المشكلات: عبر تحليل الحالات، صياغة الفرضيات، واختبارها.

الإبداع والابتكار: من خلال تصميم حلول بديلة، وتقديم أفكار خارج الصندوق.

التعاون والعمل الجماعي: بتقسيم الطلاب إلى مجموعات وإشراكهم في أنشطة جماعية.

التواصل الفعال: عبر العروض التقديمية، والحوارات، وكتابة الرسائل.

التعلم الذاتي والتأمل: من خلال التقييم الذاتي وتعديل الأعمال بناءً على المراجعة والتفكير.

خاتمة تُعد استراتيجية الفورمات (4MAT) نهجًا تعليميًا مُمكنًا، يُحوّل المادة التعليمية من مجرد معلومات جامدة إلى تجربة حيوية ومشوقة. إنها تُسهم في بناء جيل قادر على التفكير النقدي، حل المشكلات بإبداع، والتكيف مع التحديات. تصميم الدروس وفقًا لهذا النموذج، كما رأينا في مثال "فقر الدم"، يبرهن على قدرتها على تحقيق فهم عميق وتحصيل فعال.

بتطبيق هذه الاستراتيجية، يمكن للمعلمين تجاوز حدود التلقين ليُقدموا تعليمًا يُلهم ويُمكن الطلاب من بناء معرفتهم الخاصة وصقل مهاراتهم الحياتية.

التوصيات

توعية المعلمين بأهمية استراتيجية الفورمات وتقديم دورات تدريبية مكثفة حول آليات تطبيقها العملي.

دمج استراتيجية الفورمات ضمن الخطط الدراسية والمناهج لمختلف المواد والمراحل التعليمية.

تفعيل دور التكنولوجيا والوسائل الرقمية لدعم تطبيق مراحل الفورمات، خاصة في بيئات التعلم عن بعد.

إعداد الباحثات في ماجستير مناهج وطرق تدريس - الجامعة الإسلامية: خولة الغرابلي، عبير الأغا، سارة سلامة

المراجع العربية

تصميم تعليمي تعلمي مستند إلى أنموذج الفورمات (4MAT) وتأثيره في تحسين نواتج التعلم، جامعة ديالى، 2023.

إبراهيم وآخرون، "فاعلية استراتيجية الفورمات في تنمية مهارة التحدث لدى الطالبات"، 2025.

Saleh, M. M. (2019)، "أثر استراتيجية الفورمات في تحصيل طلبة الصف العاشر".

عياش، زهران، "نموذج الفورمات 4MAT في التعليم"، 2013.

المراجع الأجنبية

McCarthy, B. (1996). About teaching: 4MAT in the classroom. About Learning, Inc. McCarthy, B. (1987). The 4MAT system: Teaching to learning styles with right/left brain techniques. Excel, Inc. Kolb, D. A. (1984). Experiential learning: Experience as the source of learning and development. Prentice Hall.