القصف الذي قصفته إسرائيل ردا على صواريخ غزة والجنوب اللبناني، كان واضحا انه لحفظ ماء الوجه، قصف ابعد ما يكون عن القصف الذي عرفناها به على مدار عشرات الحروب التي خاضتها من قبل ، وكان من الأفضل لها لو لم ترد مثل هذا الرد الباهت والضعيف ، خاصة ونحن امام حكومة جديدة فاشية ديمقراطية دينية يمينية متطرفة،ما يثبت ان إسرائيل أصبحت دولة ضعيفة مقارنة بما عهدناه عنها في قصير عمرها .
لنبدأ من الآخر، من عيد فصحها الحالي، فقد أمضى مئات الالاف من أبنائها و بناتها العيد في الملاجيء، بدلا ان يكونوا حول مائدات طعامهم وشرابهم في ظل عوائلهم واصحابهم .
قبل العيد، خرج مئات الالاف منهم في مظاهرات على مدار ثلاثة عشر أسبوعا، في عدة مدن رئيسة خوفا على الديمقراطية المزعومة التي سيعصف بها نتنياهو ومعه اقطاب حكومته من اليمين الديني والسياسي، مظاهرات هزت الدولة وكينونتها و تاريخها وديمقراطيتها بل ومقومات بقائها .
قبل المظاهرات ، كانت الانتخابات العامة، التي فاز فيها هذا اليمين فوزا مريحا، وشعاراته المتطرفة التي لا يمكن مقاربتها ابدا الا بشعارات "داعش" والنصرة و باقي منظمات الإرهاب الديني التي شهدناها خلال العقدين الماضيين في عدد من الدول ، وتبين لنا حجم ونوع العلاقات التي ربطت هذه الجماعات بحكومات إسرائيل المتعاقبة .
قبل الانتخابات، كان هناك شعارات انتخابية، حان موعد تنفيذها وتطبيقها بدءا بالاسرى ومنع المياه عنهم ، واحياء بؤر استيطانية، واحراق حوارة، وتقسيم الأقصى ، و "ما تم التوافق عليه في العقبة يبقى في العقبة"، و"الشعب الفلسطيني شعب مصطنع تم اختراعه خلال المئة سنة الأخيرة" ، ناهيك عن 96 شهيدا في مجازر علنية ، ويقوم بعدها بن غفير بصفته وزير الامن الداخلي بتهنئة المنفذين .
قبل الانتخابات الأخيرة ، يجدر ان نذكر انها الانتخابات الخامسة في اقل من اربع سنوات، ما لم يحصل في أي دولة في العالم ولا في التاريخ . اعتقدوا ان ذلك يعمق الديمقراطية ويخرجهم من عنق زجاجتهم ، ولكن هذه الانتخابات فجرت الأوضاع وكسرت الزجاجة على عنقهم فتوترت علاقتهم حتى بأمهم أميركا، وفرملت السعودية ذاتها من ان تمضي قدما في علاقاتها معهم وتصالحت مع ايران، بل ان دول "ابراهام" بدأت تراجع نفسها.
ذهب الخبراء والقادة والمحللون الإسرائيليون ان إسرائيل لا تريد فتح جبهتي "الشمال والجنوب" في وقت واحد، كما هي شهية بن غفير وغيره مفتوحة على مصاريعها ، و هذا اعتراف صريح ان هناك اليوم جبهات تخشى إسرائيل تزامن فتحها، ولكنها لا تتردد في فتحها على شكل مجازر في الضفة والقدس والاقصى .
تقول غادة السمان ان الجنوبيين كانوا اذا ما اطلقوا فتاشا او لعبة نارية في اعراسهم ، تقوم إسرائيل بمداهمة ومهاجمة العرس، ثم حولت الجنوب الى جيش لحد ، واليوم اصبح احدى اهم الجبهات التي تخشاها وتحسب لها الحساب .