الثقة بالنفس ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتقدير الذات واحترامها؛ فمن يقدر ذاته ويحترمها هو بالتأكيد شخص لديه ثقة قوية بنفسه والعكس، فالثقة بالنفس هو ما يمنح الإنسان الإحساس بعظمة قيمته، وهي الشعور الذي يدفعه لأن يكون سيد نفسه في الظروف والمواقف جميعها، فيتصرف من تلقاء نفسه دون أن يكترث لما سيقوله الآخرون عنه، ويمكن القول إن الثقة بالنفس تظهر في كلامه، وتصرفاته، وجميع تحركاته؛ فلا يقلق ولا يهاب من حُكم الناس على تصرفاته، بل على العكس تكون تلك التصرفات منبثقة من داخله دون أدنى تدخل من الآخرين، وتُعد الثقة بالنفس صفةً مُكتسبةً من البيئة المحيطة؛ فهي لا تولد مع شخص دون آخر.
ماذا أفعل لأعزز ثقتي بنفسي؟
- غيِّر مساعيك:
بداية نغير مسار تركيزنا من الشعور ذاته إلى الهدف نفسه. مارس المهارات المطلوبة، لا يمكنك تعلُّم السباحة من الكتب؛ عليك القفز في الماء، هكذا هي الثقة أيضاً، إن أردت أن تصبح واثقاً بنفسك في شيءٍ ما؛ تدرَّب عليه. لن يُثمر التدريب دون تطبيق عملي، يُساعدك هذا في فصل المهارة التي تود إتقانها عن مشاعرك حيالها. تريد التحدث أمام الجمهور ببراعة، التدريب والتحضير مهمان، لكن أن تخلق حالة شبيهة بما قد تتعرض لها أمام الجمهور وتكررها فأنت تصبُّ كل تركيزك على المهمة نفسها، وليس على تصوراتك أو توقعاتك.
- انظر إلى تصوراتك السلبية عن نفسك بعينٍ جديدة
إن الأفكار السلبية شديدة الخطورة إلى حد أنك إن ركزت معها؛ فستتحول إلى حقائق تعيشها، لكن «العلاج بالتقبُّل والالتزام «ACT»»، الذي أثبت في حالاتٍ كثيرة ودراساتٍ علميةٍ موثقة أنه يقلل مستويات التوتر ويزيد من الشعور بالثقة بالنفس ويعزز إنتاجية الفرد.
بناءً على ذلك؛ لا يلجأ المعالج إلى تقليل الأفكار السلبية أو تغييرها أو منعها، لأن العلاج ينطلق من فكرة أن الأفكار السلبية لا تلعب الدور شديد الأهمية الذي نتصوره.
ليس الهدف من هذه النظرة الجديدة هو تهميش الأفكار السلبية أو التقليل من شأن تأثيرها، بل الهدف هو تقوية ذواتنا نحن حتى نتمكن من التصدي لها بشجاعةٍ وبناء مقاومةٍ أمامها، ومنها نصل إلى ثقةٍ متينةٍ بأنفسنا.
- لا تندمج مع أفكارك السلبية: لاحظها واتركها ترحل
فهم الأفكار السلبية هي الخطوة الأولى للتعامل معها بحكمة، علينا إدراك أن تلك الأفكار هي مجرد تصوراتٍ وكلماتٍ تكوَّنت من أسوأ تجاربنا وأقساها، نفقدُ تأثيرها وسلطتها حين نتعلم الانفصال عنها، وسندرك أنه ما من داعٍ لمحاربتها أو كبتها.
حدد هدفاً معقولاً، اكتبه في ورقةٍ بهذا التفصيل: «في يوم ...، بتاريخ ...، الساعة ...، سأفعل ... [ثم اكتب بالتفصيل ما يتطلبه الهدف من حركاتٍ جسدية]»، أنت تقطع وعداً مفصلاً لذاتك المستقبلية، رحلةٌ قصيرة ستُرافقك معها أفكارك السلبية خطوة بخطوة، لكن التصرف من منطلق الثقة بالذات من البداية هو ما سيُعزز وجودها، وسيقلِصُ تأثير أفكارك السلبية أنها مجرد كلماتٍ جوفاء لا سلطة لها عليك، ولهذا السبب قد تشعر أنها أضحوكة وليست تدريباً.
- لا تقع في فخ اللهفة خلف حب الذات
احترامنا لأنفسنا وحب الذات وتقديرها، أمور مهمة، يجب على الإنسان التمسك بها، ولدعم ثقتنا بأنفسنا هناك وسيلة جديدةٍ هي تقبُل الذات.
لا تسير الأمور عادة وفق مخططاتنا حين نفعل ما لم نَعْتَدْه، والأرجح أننا سنتعثر مرة ومرتين وربما أكثر قبل تحقيق ما نريد، هذه إحدى قواعد الحياة، قد نتفقُ على هذا الآن ونراه أمراً منطقياً فعلاً، الأخطاء ليست فشلاً، بل محاولات مجهضة لم يُكتب لها النجاح بعد، لكن ماذا عن حين نتعثر فعلاً؟ لا تلطفُ بنا أفكارنا حينها، وسنعودُ إلى الوضع المعتاد، وسنبدأ في تقريع ذواتنا ولومها، لكن إن كان التقريع سلوكاً فعَّالاً لتقويم شخصيتك ورفع ثقتك بنفسك؛ أما كنت لتصبح مثالياً الآن؟!
ملاحظة أفكارنا عن أنفسنا والسماح لها بالرحيل. تتغير الأفكار مثل الرياح، يوماً قاسية ومؤلمة، ويوماً خفيفة لطيفة؛ يوماً تشعر أنك الموظف المثالي، ويوماً تشعر أنك لم تتعلم شيئاً طوال حياتك؛ يوماً ترى أنك طالب مُجِد وذكي، ويوماً تتساءل بأي طريقةٍ ستفشل. كلها أفكار مهمةٌ وعليك ملاحظة مصدرها، الخدعة هي ألا تُعلِّق صورتك عن نفسك بها، سواء سلبية أو إيجابية، تتطلبُّ تلك المهارة صبراً وممارسة حتى تتقبل نفسك وتدرك أن أحكامك هي مجرد كلماتٍ وملاحظات.
- اتبع قيمك تُحقق أهدافك
إن قيمنا هي بوصلتنا الداخلية التي ننسى أمرها أحياناً، توجِّهنا وترشدنا في رحلتنا وتُبقينا على الطريق، أما أهدافنا فهي ما نودُّ تحقيقه على طول هذا الطريق، الهدفُ يُمكن شطبه من قائمة المهام، أما القيم فمستدامة، نتمسك بها في السراء والضراء، هي ما نحمله معنا حين نُقدِم على مغامرةٍ جديدة، وحين نحددها ونقررها ستساعدنا على برمجة عقولنا لنتعامل مع القلق والتخبط في الحياة اللذين تنتجُ عنهما قلة الثقة بذواتنا.
- الخوف ليس عائقاً أمام الثقة
حين تُقبل على حدثٍ مهم؛ فما تمرُ به ليس خوفاً، بل هو الغريزة المُسمَّاة «fight or flight»، الحدث الخطر، بدءاً من مواجهة أسدٍ في الغابة، مروراً بالحديث أمام جمهور من الناس، يخبرك أن لديك خيارين، إما القتال وإما الهرب، لن نواجه أسداً في حياتنا الآن؛ لذا القتال يكون بالمواجهة. حين تنظر لمشاعرك بنظرةٍ مختلفة، ولا تراها قلقاً أو خوفاً أو هلعاً، بل حماساً متقداً يكاد جسدك يتفجر به، هنا تراه طاقة تحركك وليس شعوراً يشلُّك. هل الخوف فعلاً هو ما يعوقك؟ أم الطريقة التي تعامله بها؟ إن الخوف ليس الفكرة، لن نتمكن من استئصال الخوف ووضع الثقة بالنفس محله؛ لأن الثقة ليست غياب الخوف ببساطة، يسير الاثنان بالتوازي مع بعضهما، الثقة المتينة هي علاقةٌ جديدة مع الخوف.