لم تكن القضية الفلسطينية يوماً تدور في حلبة الفلسطينيين وحدهم، فقد أخذت بُعداً عربياً وإسلامياً بين المد والجزر من دولة إلى أخرى، ومن وقت إلى آخر، ولما كان مطلوباً من هذه الدول، أو الحركات، أو المنظمات الدولية موقفاً تجاه قضايا كانت تطرأ على القضية الفلسطينية، فقد كان هذا الموقف جزءاً من موقف هذه الجهات من القضية بشكل عام (البطش، المعتقلون، ص243)، وقد مثلت قضية الأسرى واحدة من القضايا المهمة التي دعمتها الأمة العربية على المستوى الرسمى والشعبي والمؤسسات الأهلية ، وللتوضيح أكثر :
1- الموقف العربي الرسمي من قضية الأسرى:
اهتم الموقف العربي الرسمي بشكل متفاوت بقضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية، ويتفاوت هذا الاهتمام وفق:
اهتمت دول الجوار بقضية الأسرى، لأن بعض هذه الدول دخلت حروباً مع الاحتلال، وكان هنالك عدد كبير من الفدائيين العرب الذين شاركوا الشعب الفلسطيني نضاله في إطار العمليات التي نفذتها التنظيمات الفلسطينية والعربية ضد الاحتلال، ومن هذه الدول (مصر والأردن وسوريا ولبنان)، ومثَّل المعتقلون العرب جزءاً أصيلاً من الحركة الأسيرة، وخصص الفلسطينيون والعرب يوماً وطنياً وقومياً لتكريم الأسرى العرب في الثاني والعشرين من نيسان من كل عام.
كما أن هنالك تشابه فى التجربة النضالية للشعوب من أجل الحرية من الاستعمار، وهنا نجد اهتماماً خاصاً وتفهماً كبيراً لقضية الأسرى والمعتقلين من الأشقاء العرب في تونس والجزائر والمغرب وغيرها بحكم معاناتهم وتشابه حالتهم النضالية مع الفلسطينيين في قضية النضال والاعتقال.
ومن الأشقاء العرب من شارك الفلسطينيين العمليات الفدائية وخاصة الدوريات من الحدود والبحر وخطف الطائرات، وتطوع أولئك من أغلب الدول العربية خاصة من لبنان والأردن وسوريا والعراق وليبيا والسودان، ولقد ساهمت جمهورية مصر العربية برعاية صفقات تبادل للأسرى، ورعت عديد الدول العربية المؤتمرات الخاصة بالأسرى، وأكدت كل المؤتمرات وقرارات الجامعة العربية على قضايا مشتركة أهمها: تفعيل دور الإعلام والقدرة على مخاطبة العالم بلغته على قاعدة الاتفاقيات والمواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني، وتشكيل ائتلاف دولي داعم ومناصر لقضية الأسرى على المستويات الحقوقية والقانونية، والدعم والمناصرة بهدف تدويل قضيتهم وأنسنتها على المستوى العالمي، وتشكيل لجنة متابعة من خبراء دوليين وعرب وفلسطينيين، وتم التأكيد على ضرورة الملاحقة القانونية ضد مرتكبي جرائم الحرب على المستوى المحلي والدولي، والضغط على سلطات الاحتلال بعدم تقديم المساعدات لها أو دعم اقتصادها، وتعبئة الدول العربية وأميركا اللاتينية ودول مختلف القارات للقيام بحملة ضغط على الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل القيام بدورها في إحالة قضايا جرائم الحرب الإسرائيلية إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما طالبت المؤتمرات تفعيل دور جامعة الدول العربية في الساحة الدولية بما يخص هذا الملف مع ضرورة أن تتوجه الدولة الفلسطينية لرفع دعاوى فردية أمام المحكمة الجنائية الدولية، وتأسيس مركز إعلام للدراسات والتوثيق، وشبكة إعلامية دولية وبلغات عالمية، والتعاون مع المواقع المساندة للمساهمة في حملات تجنيد الرأي العام العالمي لتفعيل قضية الأسرى، وكذلك تفعيل دور السفارات والممثليات العربية والفلسطينية للقيام بحملات مساندة لقضايا الأسرى والأسيرات، والعمل على إنشاء صندوق لدعم الجهود القانونية والإعلامية لخدمة وإثارة قضايا الأسرى الفلسطينيين والعرب، والتعاون من أجل دعم وتمويل وإنتاج أعمال فنية وثقافية ودرامية إبداعية تحاكي الشعوب خارج فلسطين، والعمل على تفعيل دور الكُتَّاب والباحثين والأدباء والشعراء والفنانين الفلسطينيين والعرب والدوليين المناصرين للقضية الفلسطينية والأسرى، وإنشاء مكتبة وطنية فلسطينية عربية حول الأسرى والشهداء والمفقودين لتوثيق تجاربهم النضالية (مركز الأسرى للدراسات، 2021م).
2- الجامعة العربية في قضية الأسرى:
اهتمت جامعة الدول العربية بإبراز قضية الأسرى الفلسطينيين والدفاع عنها فمنذ اجتماع الدورة الخمسين لمجلس الجامعة وحتى الدورة السبعين التي عقدت في أكتوبر 1978م، حظيت قضية الأسرى باهتمام كبير، ففي قمة دمشق مارس/ 2008م، كان قراراً عربياً بأن يكون السابع عشر من نيسان من كل عام يوماً عربياً للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين، ولا يكاد يخلو اجتماع بدون مناقشة انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان وخاصة ضد الأسرى الفلسطينيين والعرب، وكانت تستغل هذه التوصيات بعدة وسائل أهمها:
- إرسال المذكرات إلى اللجان الدولية المعنية خاصة اللجنة الدولية القانونية، وتم تشكيل لجنة خاصة للتحقيق وجمع البيانات حول انتهاكات الاحتلال لحقوق الإنسان.
- متابعة تقارير منظمة العفو الدولية.
- إرسال البرقيات إلى سكرتير الأمم المتحدة وأعضاء الجمعية العمومية ومجلس الأمن.
- قامت الجامعة برعاية العديد من المؤتمرات الخاصة بالأسرى الفلسطينيين وطباعة بعض الكتب التي تتناول قضيتهم.
- قدمت الجامعة المساعدات المادية لأسر الأسرى، وذلك عن طريق دعم مؤسسة أسر الشهداء التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية (البطش، المعتقلون، ص251).
- قامت بطرح قضية الأسرى للنقاش في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي أروقة المؤسسات الدولية.
3- دور المؤسسات العربية غير الحكومية:
ساهمت الكثير من المؤسسات والاتحادات والمنظمات العربية في دعم قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر عدداً منها:
- اتحاد المحامين العرب : قام الاتحاد بالكثير من الأنشطة والمؤتمرات وورش العمل، وعمل على تصدير البيانات والنشرات واللقاءات المساندة مع المؤسسات الدولية والحقوقية في القاهرة ودول أخرى بهدف الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين، لتثبيت مكانتهم القانونية كأسرى حرب في المحافل والمؤسسات الدولية، وعرض انتهاكات سلطات الاحتلال المخالفة للاتفاقيات الدولية، ودعا الأمين العام للاتحاد في مؤتمر عجلون القانوني في العام 2013م، إلى عقد مؤتمر إقليمي دولي تحت مظلة اتحاد المحامين العرب وبإشراف نقابة المحامين الفلسطينيين تحت عنوان "الآليات القانونية والقضائية لمحاكمة جرائم إسرائيل بحق الأسرى والشعب الفلسطيني"، ونظم اتحاد المحامين العرب بالقاهرة الكثير من الأنشطة والمؤتمرات الصحفية لبحث الانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين، وخرج مؤتمر الاتحاد في العام 2017م بمجموعة من التوصيات كان أهمها : مطالبة الأطراف السامية لاتفاقيات جنيف بفرض الحماية القانونية الدولية على السكان المدنيين والأسرى الفلسطينيين .
4- دور الاتحادات والمنظمات العربية :
- اتحاد الكتاب والأدباء العرب: دعا الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب على لسان الأمين العام للاتحاد في أكثر من مناسبة كافة اتحادات الكتاب العربية لإعلان تضامنها مع الأسرى الفلسطينيين، من خلال إقامة أمسيات شعرية وندوات فكرية وفعاليات ثقافية متنوعة، بما يعيد حضور القضية الفلسطينية على خارطة الوعي العربي.
- الاتحاد العام للصحفيين العرب: أدان الاتحاد العام للصحفيين العرب استهداف واعتقال للصحفيين الفلسطينيين، وقام بتوزيع التقارير المتعلقة بالأسرى للصحفيين العرب وأعضاء اتحاد الصحفيين الدوليين، وأعرب الاتحاد عن تأييده وتضامنه مع الأسرى الفلسطينيين، وتحميل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياتهم، وطالب مراراً عبر بياناته بإطلاق سراحهم.
- المنظمة العربية لحقوق الإنسان: اهتمت المنظمة بقضية الأسرى الفلسطينيين و العرب، وطالبت مراراً عبر اجتماعاتها ورسائلها المؤسسات الحقوقية والدولية، والسكرتير العام للأمم المتحدة، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان، والمحكمة الجنائية الدولية، بسرعة فتح تحقيق شامل في انتهاكات سلطات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين وفق الجرائم المعاقب عليها في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
- الاتحاد البرلماني العربي: دعم الاتحاد البرلماني العربي نضالات الأسرى ودعا في أكثر من اجتماع خاص بالقضية الفلسطينية للوقوف والتضامن مع الأسرى، وطالب بتفعيل الإطار القانوني الدولي لمشروعية المقاومة الفلسطينية، على اعتبار أن هذا الإطار هو الأساس لأي تحرك في موضوع الأسرى الفلسطينيين بدءاً من متابعة أوضاعهم الصحية والنفسية والقانونية وحتى يتم إطلاق سراحهم (مركز الأسرى للدراسات، 2021م).
الموقف الفلسطيني من قضية الأسرى والمعتقلين
لم تحظ قضية فلسطينية بحجم ما تحظى به قضية الأسرى في أوساط الجماهير الفلسطينية، لما تحمل من أبعاد سياسية ووطنية وإنسانية ودينية، ولكونها لامست وجدان ومعاناة كل بيت فلسطيني، فالأسرى في نظر شعبهم أبطال ورموز مقاومة، ولا تقبل الإساءة لهم أو الحط من قيمتهم، وأظهرت الوقفات الجماهيرية إلى جانب الأسرى عمق الالتفاف حولهم ومركزيتها في الوجدان والوعي الشعبي الفلسطيني، وليست مظاهر التضامن والمساندة الشعبية وخاصة من ذوى الأسرى أنفسهم والمتضامنين إلا دليلاً واضحاً على ذلك،
وقد راهنت الحركة الأسيرة دوماً على جماهير شعبها للوقوف إلى جانبها في كافة المحن التي مرت بها، فلم تبخل يوماً في تقديم أرواحها قرباناً من أجل حرية الأسرى، فقدمت الشهداء والجرحى في كل مرة كانت تقف فيها إلى جانب الحركة الأسيرة (أبو شريعة، الحركة الأسيرة، ص105) ، وأجمع الشعب الفلسطينى ككل سلطة وقوى سياسية ومؤسسات رسمية وأهلية على قضية الأسرى وللتفصيل:
1- موقف منظمة التحرير الفلسطينية والحركة الأسيرة :
شكلت منظمة التحرير الفلسطينية عنواناً رئيساً للشعب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية بما تحمل من قضايا وعلى رأسها قضية الأسرى، وقد اعتمد المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974م، السابع عشر من نيسان من كل عام (يوماً للأسير الفلسطيني) يحييه الفلسطينيون في الداخل والخارج بوسائل وأشكال متعددة نصرة للأسرى وقضيتهم العادلة، وليُذّكروا العالم أجمع ببطولاتهم ومعاناتهم وبانتهاكات سلطات الاحتلال بحقهم.
وأكدت منظمة التحرير الفلسطينية أن جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية هم "أسرى حرب" تنطبق عليهم اتفاقية جنيف الثالثة لعام1949م، ودعمت منظمة التحرير الفلسطينية قراراً في مؤتمر لهيئة الصليب الأحمر الدولي الذي عقد في جنيف عام 1977م، وتمت فيه الموافقة على تمديد فاعلية الاتفاقية الدولية لعام 1949م، المتعلقة بأسرى الحرب-الاتفاقية الثالثة- كما وافق الاعضاء على إضافة مادة جديدة تقضي بإضفاء صفة أسير حرب على المتحاربين الذين ليسوا في مصاف الجنود النظاميين والذين لا يخضعون لقيادة وطنية وقد صوت لصالح المادة الجديدة 66 وفدًا من ضمنهم وفد منظمة التحرير وعارضتها كل من سلطات الاحتلال والبرازيل فقط ( البطة، المعتقلون، ص271).
نشطت منظمة التحرير في إيضاح موقفها عربياً ودولياً تجاه قضية الأسرى بعدة وسائل، كدفع المخصصات لأهالي الأسرى، والدعوة إلى تشكيل لجان فرعية وحقوقية عالمية لزيارة السجون، وتوجيه المذكرات إلى المؤسسات الدولية للفت انتباهها لما يجري في السجون، وإذاعة مؤتمرات التأييد التي كان يشارك فيها زعماء المنظمة، وإدراج موضوع الأسرى على جداول مناقشات مؤسسات الأمم المتحدة خاصة الجمعية العامة أو لجنة حقوق الإنسان الدولية، ونشر وعرض منتجات الأسرى في المعارض التي كانت تقيمها مؤسسة صامد التابعة لمنظمة التحرير في بيروت وعمان، إضافة إلى المطالبة بإنهاء قضية الأسرى ضمن المبادرات السياسية التي تشارك المنظمة في صياغتها (البطش، المعتقلون، ص213).
2- الأسرى والتسوية السياسية:
ومع بدء عملية السلام في أوائل التسعينات من القرن الماضي، ومفاوضات التسوية السياسية وتأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية في أعقاب اتفاق أوسلو في 13 سبتمبر 1993م، خاضت الحركة الأسيرة عديد الإضرابات السياسية في العام 1994م، والعام 1995م، والعام 1998م، بهدف التأكيد على حريتهم وشمل قضيتهم في المفاوضات السياسية.
وبعد عدد من المحطات التفاوضية والتواقيع المرحلية أفرجت سلطات الاحتلال عما يقارب من (11250) أسيراً وأسيرة من أصل (12500) كانوا محكومين بأحكام متفاوتة، أي ما نسبته 90% من المعتقلين (فروانة، الأسرى، ص369)، باستثناء ما يقارب من (1250) أسيراً تحفظت عليهم سلطات الاحتلال وفق تصنيفات مختلفة.
3- إنشاء وزارة الأسرى:
مع تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية في الفترة ما بين 1994م إلى 1998م، أكدت السلطة على مصطلح "أسرى حرب" وتكريماً للأسرى والأسيرات ولتاريخ الحركة الأسيرة وتضحياتها، قامت السلطة الفلسطينية في أعقاب اتفاق أوسلو بتشكيل وزارة شؤون الأسرى والمحررين في عام 1998م.
وفي العام 2014م، صدر مرسوم رئاسي يقضي بتحويل وزارة شؤون الأسرى والمحررين إلى هيئة شؤون الأسرى والمحررين لتتبع مباشرة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتقوم هيئة الأسرى والمحررين (وزارة الأسرى سابقاً) بتحمل مسؤوليات القيام بواجبات الأسرى والمحررين الإنسانية والوطنية والأخلاقية والاجتماعية والقانونية والسياسية وعلى كافة الأصعدة والمستويات، وتسعى لتحرير كافة الأسرى الفلسطينيين والعرب من سجون ومعتقلات الاحتلال، والحفاظ على قضيتهم حية في كافة المحافل المحلية والإقليمية والدولية، وجعلها أولوية وطنية لأي حلول مستقبلية، وتقديم الخدمات المناسبة، وتوفير حياة كريمة لهم ولذويهم.
4- الأسرى والقوى الوطنية والإسلامية :
تُعد قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أكثر القضايا أهميةً لدى القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية، وتعمل القوى بشكل جماعي ومنفرد على مساندة الأسرى والأسيرات في السجون، فقد عملت التنظيمات الفلسطينية جاهدة على تحرير الأسرى من خلال عمليات الخطف بهدف مبادلتهم ونجحت في ذلك مرات عديدة وتم تحرير آلاف الأسرى بتلك الوسيلة، ولم يخلُ تنظيم سياسي فلسطيني من وجود لجنة عاملة وفاعلة تعمل على تقديم الخدمات للأسرى، كزيارة المحامين ومتابعة شؤون أسراها وحل قضاياهم، وتأمين احتياجاتهم، وتقديم بعض المخصصات، وطباعة إنتاجات الأسرى الأدبية، ومتابعة الاعتقالات الجديدة والإفراجات، وتعمل على إحياء المناسبات الخاصة بالأسرى، كما تقوم بالزيارات لذوى الأسرى واستقبال المحررين.
وقد شكلت التنظيمات والقوى الفلسطينية لجنة مختصة بالأسرى باسم (الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين في المحافظات الشمالية أو لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية في المحافظات الجنوبية )، وعملتا في كل الظروف السياسية، وبادرتا مع مؤسسات الأسرى بإحياء يوم الأسير الفلسطيني في السابع عشر من أبريل/نيسان ويوم الأسير العربي في الثاني والعشرين من أبريل/نيسان من كل عام، وقامتا برعاية اعتصامات الأسرى الأسبوعية أمام مقرات لجنة الصليب الأحمر الدولي، وعقدتا ورش العمل ومثّلت الأسرى في المؤتمرات الخاصة محلياً وعربياً ودولياً، وقامتا بإسناد الخطوات النضالية للأسرى بإقامة الاعتصامات والمسيرات وخيام التضامن، وكثفتا دعمهما خلال إضرابات الأسرى المفتوحة عن الطعام.
5- الأسرى والدور الشعبي الجماهيري:
لبت الجماهير بمشاركة فاعلة من شريحة الطلبة في المدارس والجامعات الفلسطينية نداءات الأسرى وقت الأزمات وتعرضهم للقمعات وفي الإضرابات المفتوحة عن الطعام وحركة الاحتجاجات والخطوات النضالية التي كان يتخذها الأسرى، وليس أدل على ذلك من انتفاضة الأسرى أو ما عرف بانتفاضات الحرية، التي جاءت أعقاب خوض الأسرى إضرابات مفتوحة عن الطعام وفي أعقاب كل تصعيد بحق الأسرى من قبل إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، أو أعقاب سقوط شهداء من الحركة الأسيرة (أبو شريعة، الحركة الأسيرة، ص105).
6- الأسرى والمؤسسات الفلسطينية:
قامت المؤسسات الفلسطينية العاملة في مجال الأسرى والنقابات والجامعات، وخاصة المحامين والمؤسسات الحقوقية، ووسائل الإعلام المشاهَدة والمقروءة والمسموعة والإلكترونية بجهود كبيرة، للضغط على سلطات الاحتلال، فقامت المؤسسات الحقوقية برفع التقارير للمؤسسات الدولية والحقوقية والإنسانية، وعقدت ورش العمل ونشرت البيانات والانتهاكات والتوصيات بلغات مختلفة، ودافعت عن حقوق الأسرى في المحافل الدولية ومن خلال المشاركة في المؤتمرات القانونية، واهتمت نقابة الصحفيين الفلسطينيين بالصحافة الاعتقالية وأوعزت للصحفيين بالاهتمام بأخبار الأسرى،
وواكبت وسائل الإعلام أخبارهم عبر الصحف والمواقع الإلكترونية، واهتمت بالمقالات والتقارير والإحصائيات الخاصة بهم، وقامت الإذاعات والفضائيات الفلسطينية بتخصيص برامج خاصة بالأسرى فبثت برامج منوعة اهتمت بقضيتهم وكانت بمثابة حلقة وصل بين الأسرى وذويهم في ظل منع الزيارات، وبثت الإذاعات موجات مشتركة مع إذاعات محلية وعربية ودولية في ظل التصعيد بحق الأسرى وأثناء الإضرابات المفتوحة عن الطعام، فساندت الأسرى إعلامياً في كل خطواتهم النضالية،
واهتم اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين بإبداعات الأسرى وإنتاجاتهم الأدبية وقام بنشر بعضها، ومنح الاتحاد العضوية للكثير من الكتاب الأسرى والمحررين، وعمدت الجامعات إلى تدريس المساقات الخاصة بالأسرى، وعقدت المؤتمرات، وشجعت الأكاديميين والباحثين على نشر الأبحاث والرسائل العلمية حول قضية الأسرى، ويمكن القول إنه لا يوجد مؤسسة فلسطينية أباً كان تخصصها ومجال عملها إلا اهتمت بشكل أو بآخر بالأسرى والأسيرات، وكان على رأسها المؤسسات التي تُعنَى بشؤون المرأة وحقوق الطفل وغيرها.