ليس مفاجئا، الحديث عن علاقات متواصلة بين طرفي "الأزمة" في السودان "الجيش والردع السريع"، مع دولة الاحتلال، فالاتصالات شبه علنية وبأشكال مختلفة، وعل الخرطوم كانت على أبواب "التطبيع"، لولا ظروف منعت تلك الخطوة الاستكمالية، لمن سبقها، دون ان يحصدوا خيرا منها، وخاصة بعد صعود قوى "التحالف الفاشي المستحدث" بقيادة ثالوث الإرهاب والتطهير العرقي نتنياهو، سموتريتش وبن غفير، الأكثر كراهية في الكيان.
ولكن، ما أعلنته وزارة خارجية دولة الفاشية المعاصرة، بالحديث عن دعوة "ثنائي الحرب" في السودان لعقد لقاء قمة تفاوضي بينهما في تل أبيب، ومناقشة التوصل الى عملية وقف إطلاق نار دائم، وكأنها "الدولة المفضلة" لهما، عن غيرها من كل دول العالم، والانطباع لدى إسرائيل هو أن "الجانبين يدرسان الاقتراح بصورة إيجابية"، فتلك ليست وقاحة سياسية فريدة من دولة الاحتلال، بل يمكن اعتبارها "إهانة سياسية" مباشرة للرسمية العربية بكل مكوناتها "جامعة ودول".
ما أعلنته دولة الكيان الاحتلالي، يعكس حالة من "الانهيار السياسي" و "الأخلاقي" في شبكة التأثير العربي على تطور الأحداث في بلد شقيق بحجم السودان، وقيمته ومكانته، ليس انعكاسا لقوة "تأثيرها" أو حجم نفوذها، بل لمدى ضحالة الحضور العربي وتأثيره في مسار التطورات المتسارعة، والتي دون حصارها، ومبكرا ستترك أثرها على دول المحيط، بكل منتجها السوداوي، وستصبح حديقة خلفية لتصدير التخريب العام، بكل مظاهره.
ودون العودة لما ولو وأن، فالوقت لم يمض بعد، للعمل السريع والجاد لحضور عربي مركزي وفاعل، والقفز عن بعض "حساسيات" ربما ولدتها فترات سابقة، من اجل قطع الطريق ليس على كسر ظهر السودان، الدولة والبلد، بل على تشكيل مركز مضاد للمصلحة العروبية العامة، باستغلال العدو القومي وكذا الولايات المتحدة، لـ "ثغرة دفرسوار سودانية"، لتمرير ما هو أخطر.
فالتحرك الأميركي الإسرائيلي المشترك في السودان، تعاكسا مع المصلحة القومية العروبية، قد يتسارع من أجل تعويض بعض "الخسارة الاستراتيجية" التي لحقت بهم، بعد اتفاق بكين وما انتجه من تأسيس علاقات على أسس تبادل المصالح كبديل عن عالم التهديد والابتزاز العدائي، وصياغة مشهد مختلف لما كان سائدا، ابتزازا واستغلالا، ولذا قد تكون " حرب السودان" تلك القاطرة التي تجدها واشنطن وتل أبيب لتعويض ما أصابها من "خسارة استراتيجية"، لن تفوق منها بسهولة، في ظل تغييرات دولية نحو عالم متعدد القطبية.
ولذا، لم يعد مقبولا أبدا، ان تستمر "الرسمية العربية" بذات السلوك والطريقة في تعاملها، عبر مناشدات "أخلاقية" وعن بعد، بعدما بدأت تتكشف ابعاد جديدة للحرب الدائرة، بأنها تتجاوز حدود السودان ذاته، ومع حضور حركية جديدة لبعض الرسمية العربية، أصبح من الضرورة وضع "رؤية عربية متكاملة" حول وضع نهاية لتلك الحرب التخريبية، رؤية تنطلق من وقف اطلاق النار، الى بناء نظام يتوافق ورغبة شعب السودان، وخاصة ان غالبية قواه السياسية المركزية ليست "متورطة" في تلك الحرب، حتى وأن كان لها "هوى" مع هذا الطرف أو ذاك.
العمل على تقديم "رؤية شاملة" للآلية والأهداف، يجب أن يكون أولوية الرسمية العربية "وهنا يمكن اختيارها بطريقة خارج الحساسيات التقليدية، الجامعة العربية رئيسا، وعضوية ممثل بلد القمة الحالي والقادم ومصر، تملك صلاحيات واسعة للعمل، وأن تختار الخرطوم مقرا لها، ومنها تبدأ "ورشة الإصلاح الوطني" المفترض أن تكون، بعيدا عن حسابات قديمة.
الموقف التعاطفي الإنساني لم يعد كافيا ابدا، وكل حديث عن اتصالات فردية أو ثنائية بين هذا البلد العربي أو ذاك مع طرفي الحرب الدائرة، لا يقدم جوهريا ما يؤدي الى حصار تلك "الحرب التخريبية" ليس للسودان بل للمنطقة بكامله، وفتح بابه للعدو القومي ليبدو وكأنه يملئ فراغ الغياب.
القرار الرسمي العربي للحضور الفاعل التأثيري في "حرب السودان"، يتطلب التخلص من "حساسيات متراكمة" من ماض لا قيمة لها راهنا سوى عرقلة المفترض أن يكون...وتلك المسألة هي مفتاح الاختراق!
ملاحظة: انتظام المسيرة التعليمية في مدارس شمال "بقايا الوطن" بعد شهرين من التشويش المبرر وغير المبرر..بدها الان جلسات هادية لبحث جوهر المشكلة وبدون "عنطزة" لا من الحكومة ولا من اللي مش حابينها!
تنويه خاص: اللي عملته "إدارة" التايه بايدن بعدم منح الصحفيين الروس تأشيرات دخول لمتابعة نشاط مجلس الأمن..تصرف أولاد حارة "ومناكفة أطفال" مش دولة تدعي أنها العظمى...ايامك قربت وتذكري شو صار مع بريطانيا العجوز!