هآرتس: نحتاج إلى تحرير القدس، لكن هذه المرة بشكل حقيقي

حجم الخط

بقلم: شني ليتمان



للحظة أغلِقوا عيونكم وتخيلوا أن القدس اختفت. لم تختفِ مادياً لكنها تحولت إلى القدس الموجودة في الأعلى، القدس الموجودة في الروح، القدس الدينية. فقط الدينية. بدلاً من المكان المتناقض لهذا وذاك، الشيء ونقيضه، المقدس وغير المقدس، السياسة والدين، كان يمكننا تحرير القدس لتكون ما كان يجب أن تكون عليه – فكرة. مكان مشكوك في حقيقته، لا توجد فيه حياة يومية عادية ولا ينشغلون فيه بالأرنونا والمخطط الهيكلي القطري.
بالأساس، لا يتنازعون عليه. لأنه لا يوجد ما يتنازع عليه، القدس هي للجميع. مثلما لا يمكن محاولة الصعود إلى الله. باختصار، كان يجب من البداية التوقف عن السيطرة على القدس.
هذه ليست فكرة جديدة بالطبع. فهكذا كان ما يجب أن تكون عليه القدس. ليس فقط بسبب أن عدة ديانات حولتها إلى اسم مرادف لملكوت السماء، أو سكن الإله، بل لأنه في خطة التقسيم لأرض إسرائيل التي تم تقديمها لمجلس الأمم المتحدة كأساس لإقامة دولة إسرائيل، تقرر أن القدس، وبيت لحم أيضاً بسبب الأماكن المقدسة الكثيرة الموجودة فيهما، ستكونان "منطقة محايدة" بإشراف الأمم المتحدة وتحت سيطرة مجلس سيتم تشكيله من سكان المدينتين، وحاكم أجنبي ستعينه الأمم المتحدة.
حسب هذا القرار الذي اتخذ بأغلبية الأصوات في 29 تشرين الثاني 1947، فإنه لمواطني الدولتين المجاورتين للمدينة، إسرائيل والدولة العربية التي سيتم تشكيلها، كان يجب أن تكون حرية دخول إلى المدينة دون تمييز، وضمان حرية العبادة والمعتقدات والدين والانتظام والتعليم واللغة لسكانها.
الأماكن المقدسة بالطبع ستكون محمية من المس. القدس كان يجب أن تكون منطقة دولية. أيضا بعد انتهاء حرب الاستقلال مررت الأمم المتحدة قراراً كان يجب أن يطبق تدويل المدينة.
لكن دافيد بن غوريون عارض ذلك وسارع إلى نقل الكنيست إلى القدس وأعلن أن المدينة هي عاصمة إسرائيل.
"القدس اليهودية هي جزء عضوي وغير منفصل عن دولة إسرائيل... القدس هي قلب دولة إسرائيل"، قال من فوق منصة الكنيست.
أيضاً في حرب الأيام الستة كانت هناك لحظة تردد عندما تساءل موشيه ديان بصوت مرتفع، قبل يوم من اندلاع الحرب، حول شرق المدينة وقال: "ما الذي نريده من كل هذا الفاتيكان؟". مع ذلك، قام باحتلالها، وتم ضم شرق القدس. من هنا كل شيء أصبح تاريخاً وهستيريا.
لو أنه كان يمكن إعادة العجلة إلى الوراء واختيار شيء آخر وتأييد قرار الأمم المتحدة لكانت كل قصة القدس هذه، موحدة أو مقسمة، مدينة مقدسة أو علمانية، لن تكون مشكلتنا.
هذا لا يعني أنها كانت ستكون أقل أهمية للمؤمنين والمؤرخين ورجال الآثار والأشجار الذين يحبون الحجارة الكبيرة. بالعكس، كان يمكننا إعطاؤها الاحترام الذي تستحقه ووضعها فوق الخلافات الدموية والأمور السياسية اليومية القذرة.
كان يمكن إقصاؤها والسجود لها لأنها كانت ستقف هناك طاهرة من أي صراع ومقدسة. بالتحديد لو أننا رفعنا عنها السلسلة التي تكبلها بدولة واحدة، لو أننا تنازلنا عن ملكيتنا لها والسيادة فيها لكنا سنحصل على كامل مجدها.

عن "هآرتس"