ما يقارب من أربعة أشهر على اندلاع انتفاضة القدس ولا زال الجدل محتدما هل تدخل الأذرع العسكرية الفلسطينية على خطها وتقلب مسارها من فردية تقتصر على السكاكين إلى عسكرية مسلحة ، وكأنه الترجيح ما بين الانتفاضة الأولى والثانية ؟ أم أن هذه الانتفاضة لها مسارها الفريد عن سابقاتها؟ في الوقت الذي يطرح فيه التساؤل هل ستستغل اسرائيل حالة الانقسام وتحرف البوصلة في الضفة نحو حرب رابعة على القطاع، خاصة مع حديث يدور حول اشتراط إيراني لدفع حماس نحو التحرك في الداخل المحتل لاستئناف دعمها المالي.
استمرارها ....فردية
يقول الكاتب والمحلل السياسي سميح شبيب خلال اتصال هاتفي مع وكالة خبر حول احتمالية تحول انتفاضة القدس من سلمية فردية إلى عسكرية منظمة بتدخل الأذرع العسكرية للفصائل "لاأعتقد أن تتدخل لأن التجربة الفلسطينية مع انتفاضتين الأولى تجربة سلمية حققت مكاسب سياسية وإعلامية أوصلتنا لمدريد وأوسلو تم انتزاع اتفاق على إثرها أوصلتنا لوجود السلطة".
وأضاف أن الانتفاضة الثانية كانت مسلحة، فكانت نتائجها تدميرية وأضرارها أكثر من منافعها، لأننا عندما دخلنا مربع التسليح خسرنا في الوقت الذي لا يوجد عمق استراتيجي للقضية الفلسطينية مع تعقد الظروف الاقليمية".
وأما المحلل والمختص بالشأن الإسرائيلي عليان الهندي يرى خلال اتصال مع وكالة خبر أنها ليست هبة ولا انتفاضة بل عمليات اغتيال بدم بارد من جانب الاحتلال تحت مسمى الإرهاب الفلسطيني منوها أنها أحد الوسائل من جانبه لإجهاض أي انتفاضة شعبية في الساحة الفلسطينية بما فيها الهبة".
وأضاف أن أكثر المناطق تصعيدا مع الاحتلال أكثرها احتكاكا به كما و الحال في الخليل والقدس المحتلتين، مشددا أن المطالب الوطنية جزء أساسي من التحرك وليس فقط الشعور بالظلم.
وأكد أن إسرائيل تعتقد أن أي انتفاضة تنطلق من الضفة الغربية يترتب عليها ثمن سياسي سوف تقوم بدفعه والانتفاضات السابقة شاهدة فانتفاضة 1936 أجبرت الاحتلال البريطاني على تقديم الكتاب الأبيض، وانتفاضة 1987 أدت للاعتراف بالشعب الفلسطيني وانتفاضة 2000 أدت للخروج من غزة حتى لا تدفع ثمن سياس يفي الضفة".
بدورة يؤكد الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطالله خلال اتصال مع "وكالة خبر"أنه من المستبعد هذا التصور بتحولها إلى عسكرية من خلال تدخل الأذرع العسكرية للفصائل لأنها لو أرادت التدخل لتدخلت مسبقا".
وشدد أن هناك إشكاليات وتعقيدات لهذا الأمر في الضفة الغربية لأنها جربت العمل المسلح وتعلم النتائج جيدا".
وأضاف أن "الفصائل تعلم أن الخيار الأسوأ للإسرائيل هو العمل الفردي لأنها تنزع منها ذريعة اجتثاث البنية التحتية للفصائل وتحافظ على قوتها وحضورها بعيدا عن التدخل ورفع وتيرة التصعيد".
ونوه أنه لا يوجد إجماع على عسكرة الانتفاضة وتسليحها لكن هناك إجماع على دعمها كما هي على حد قوله.
حديث الحرب
وبشأن استغلال اسرائيل لحالة الانقسام ومحاولة حرف البوصلة من الانتفاضة المشتعلة في القدس نحو حرب في غزة يتم الاستفراد بها في ظل انشغال المنطقة بالصراعات الدائرة بها يقول أكرم عطاالله أنه "سيناريو وارد وغير مستبعد في ظل قراءة اللحظة التاريخية الراهنة ومستوى العلاقات الفلسطينية – الإسرائيلية الراهنة ويبقي الخيار الوحيد مع تساؤلات عن كيفية تطور الصدام في الضفة الغربية الذي عمق من أزمة إسرائيل، بالإضافة إلى أسباب أخرى لها علاقة بالمن في الضفة".
بدوره دعا عليان الهندي الفصائل الفلسطينية إلى التوحد لتفويت هامش الحركة السياسية والعسكرية على إسرائيل بتشتيت المناطق الفلسطينية مستغلة أمر الانقسام.
واستبعد عليان الحرب في العام الحالي على القطاع ما لم تحدث تطورات تدفع باتجاه الحرب وعلل ذلك بتحديد إسرائيل أولوياتها خلال مؤتمر الأمن القومي الإسرائيلي في العام 2016 وتحدث فيه وزير الدفاع الإسرائيلي يعلون فضلا عن نخبة من الباحثين المطلعين في الشأن الإسرائيلي باعتبار محور إيران / حزب الله/ سوريا والعمل على تفكيكه من خلال إيقاف نظام حزب الله .
وأضاف أن التهديد الفلسطيني لم يأخذ حيز كبير بل أخذت توصيات بالعمل على إعمار قطاع غزة في ظل حكم حماس خشية من حكم عناصر جهادية متطرفة على الخط حال تحطم حكم حماس.
وحول اشتراط إيران تدخل حماس على خط العمليات في الضفة لاستئناف الدعم المادي يقول الكاتب والمحلل سميح شبيب أنه لو درسنا التاريخ السياسي لحركة حماس منذ نشأتها إلى الآن نرى أنها تتحالف مع من تراه مناسبا لإقامة جسور معه لتطوير أوضاعها الذاتية في الداخل والخارج على حد سواء".
وتابع ومن هذا المنظور كانت دمشق مكان قيادتها ونشاطاتها وعندما اختلف الوضع هناك قامت بفك تحالفتها مع سوريا وكذلك الأمر مع إيران ومصر وغيرها من الدول ".
وأكد أن حماس لا تطرح نفسها كفصيل للتوظيف الخارجي لأن لها مشروعها السياسي داخل فلسطين".
ونوه أن إيران نفسها ليس لها مصالح داخل إسرائيل، لأن هنالك توازنات واتفاقيات في المنطقة خاصة مع دخول روسيا على خط الصراع في سوريا.
مشدد أن غزة هي المنطلق والعمق الاستراتيجي لحركة حماس وحركة الإخوان المسلمين دوليا وإقليميا خاصة مع تلقيها ضربتين رئيسيتين إحداهما في مصر والثانية في الأردن.
أما أكرم عطالله فيرى في الأمر نوع من تبرير الحصار وفرض مزيد من التضيقات في الايام القادمة على أهالي غزة .
وتبقي الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على كثير من التساؤلات العالقة في ذهن رجل الشارع في غزة وبخاصة هل نتوقع حرب رابعة على القطاع؟.