حــرب أهلــيـة بــاردة بـين دولـــة إسـرائيـل ودولـــة "يهــودا"

310
حجم الخط

يمكن الانفعال من الضجة التي قامت حول كتاب المدنيات الجديد. إنها قصة رمزية جدا تحمل في طياتها عالما كاملا. ولكن من الضروري التدقيق في مركز الانفعال. لا يمكن كتابة كتاب رسمي في اسرائيل اليوم لتعليم المدنيات. اسرائيل توجد منذ عشرين سنة في حرب اهلية. ويمكن وصفها بحرب اهلية باردة رغم أنه يرافقها العنف احيانا، والذي كانت ذروته مقتل رئيس الحكومة في ميدان المدينة بعد أن وسم كـ «خائن». كان هذا تصريحا واضحا للنوايا. ورغم ذلك يتم الصمت على هذه الحرب. هذا لا يعني أنها غير موجودة، بل يعني أنها صامتة. الأمة التي توجد في ذروة الحرب الاهلية لا يمكنها أن تضع لنفسها كتاباً لتعلم المدنيات. هذا مخجل. الشمال والجنوب في الولايات المتحدة لم يكونا يستطيعان التوصل الى صيغة متفق عليها لكتاب المدنيات. فقد اعتقد طرف أنه يمكن الابقاء على ملايين العبيد وآمن الطرف الآخر أن هذا يجب أن يتوقف. ماذا كان يمكنهم أن يفعلوا هناك؟ تبادل المسودات ووضع الملاحظات؟ اعطاء الرقابة والوزراء فرصة الحسم؟. إن الأمم التي تصل الى مرحلة الحرب الاهلية لا تتصارع من اجل كتاب تعليم. ولا تتصارع من اجل ميزانية مؤسسات ثقافية ووسم الجمعيات. الحرب الاهلية الساخنة أو الباردة يجب أن تنتهي بالحسم. ولا يجب أن يكون الحسم بالضرورة تدمير الطرف الثاني ولا بفرض قيم الطرف المنتصر. بل يتم ذلك عن طريق الانفصال ايضا. وفي كل الحالات، يجب عدم سفك الدماء. اسرائيل صغيرة ومتشعبة ولا تقدر على تحمل صراع داخلي عنيف. يتكرر أمام ناظرينا تاريخ الصراعات اليهودية. ولا حاجة الى ابعاد النظر. نشأت هنا من جديد دولتان. دولة اسرائيل ودولة «يهودا». الكتاب المختلف فيه والذي تحاول وزارة التعليم منذ خمس سنوات اصداره يسمى «أن نكون مواطنين في اسرائيل». لكن لا يمكن كتابة كتاب كهذا. يمكن أن تكون مواطنا في دولة اسرائيل ويمكن أن تكون مواطنا في دولة «يهودا». المواطن في دولة اسرائيل يربى على احترام صلاحية الدولة وافضلية الديمقراطية وحقوق الانسان والسعي الى المساواة والسلام. أما المواطن في دولة «يهودا» فيربى على الخضوع لصلاحيات الحاخامية وتفوق الامر الالهي والتوراة وحقنا في البلاد المقدسة والشعب المختار الذي يحق له أخذ حقوق العرب. كتاب المدنيات الجديد يقوم بطمس الحقيقة. لماذا الزعزعة هنا؟ يوجد في اسرائيل الكثيرون ممن ملوا الاستماع الى مقتل رابين والتحريض الذي تسبب به. بعضهم يقتنعون أنه كان يستحق الموت، بسبب «التلينا» و»اوسلو». وهناك من يعتقد أن العلمانية هي مرض ويجب أن تختفي، وأن العالم كله ضدنا، وأن جميع الأغيار لاساميون، وأنه بدل وثيقة الاستقلال يجب فتح كتاب المدنيات في الصلاة من أجل سلامة الدولة. هذه الفيدرالية الضعيفة تزداد قوة من خلال سيطرة الخوف والحروب الدائمة مع الأعداء الخارجيين، الحقيقيين أو الوهميين، والذين لا يشكلون خطرا وجوديا – ايران، «حزب الله»، “حماس”، «داعش»، وبان كي مون. لكن هذا مجرد تأجيل للنهاية. ففي النهاية سيتم الحسم. وقبل ذلك مطلوب فهم الواقع. الحلم انتهى. الشخص المستقيم يجب أن يقرر أين يقف. اللهجة الكلامية مهمة: هذه حرب أهلية وليست حرب أخوة. نفتالي بينيت لا يمكنه أن يكون أخي. إنه يسعى الى انهاء وجودي. إنه ابنك يا اسرائيل.