تحليل: هل انتهى زمن المنحة القطرية وبدأ زيادة الضغط على غزة!

موقع-فحص-المنحة-القطرية-100-دولار.jpg
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

بعد ثلاثة أسابيع من انتهاء عدوان الأيام الخمسة على غزّة، انعكست الوعود التي أطلقتها الصحافة "الإسرائيلية"، بالرخاء الاقتصادي لسكان غزّة، من خلال زيادة المنحة القطرية إلى 40 مليون دولار بدلاً من 30 مليون، بالإضافة إلى زيادة حصة غزّة من حقل غاز "مارين"، وكذلك وجود اختراق في صفقة تبادل الأسرى، إلى مزيدٍ من الضغوط التي تزيد من تدهور الأوضاع الحياتية.

أزمة في المنحة وأوكسفام والأونروا!

رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزّة، السفير محمد العمادي، غادر القطاع بعد يومين من زيارته، دون أنّ يُحدد موعد صرف المنحة، بالإضافة إلى عدم اجتماعه بقيادة حماس في غزة؛ الأمر الذي أثار تساؤلات حول ما يجرى خلف الكواليس. وتزامن ذلك مع إعلان برنامج الغذاء العالمي "أوكسفام" عن مروره بأزمة مالية قد تضطره لوقف المساعدات التي تُقدم لحوالي 200 ألف مواطن في غزّة.

وفي ذات التوقيت أيضاً، أعلنت المتحدثة باسم الأونروا، تمارا الرفاعي، عن أزمة مالية تعصف بوكالة الغوث، وذلك قبل مؤتمر المانحين المقرر عقده الجمعة المقبل في نيويورك، مع ضرورة الإشارة إلى أنَّ الأونروا تُقدم كابونات لحوالي 300 ألف لاجئ بقطاع غزّة.

الغريب في مسألة صرف المنحة القطرية، التي جاءت بعد 21 شهراً من مسيرات العودة التي انطلقت في آذار 2018 وانتهت في ديسمبر 2019. وأدت إلى سقوط ما يقارب من 300 شهيد و19 ألف إصابة معظمها لشباب بتر الاحتلال أقدامهم. جاءت نتيجة جهود الوساطة التي قادتها مصر بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي. أنَّ المتحدثة باسم وزارة التنمية الاجتماعية بغزّة، كانت قد أعلنت في 27 كانون الثاني، أنَّ اللجنة القطرية ستستمر في صرف المنحة خلال العام 2023؛ لكِنه لم يتم صرفها لشهر مايو الحالي مع انتهائه.

ويستفيد عدد محدود من موظفي حركة "حماس" من المنحة القطرية باتفاق متعارف عليه مسبقًا، وليس كما كانت في بداياتها بأعداد كبيرة، كما تتضمن المنحة القطرية، دفعات تتعلق بتمويل الوقود الخاص بمحطة كهرباء غزّة.

ما سبق يطرح تساؤلات، هل حقاً تأخير صرف المنحة القطرية يعود لأسباب فنية؟ وما هي خيارات حماس حال توقف المنحة؟ هل ستلجأ إلى الوسائل الدبلوماسية أو ستفعل أدوات التصعيد تدريجياً على الاحتلال الذي يُحاصر غزّة مُنذ سيطرة حركة حماس على القطاع في حزيران/ يونيو 2007 حتى الآن؟.

حسابات سياسية تمنع حماس من التصعيد

من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل، أنَّ "أزمة المنحة القطرية سياسية وليست فنية، فهي جاءت لتعزيز حالة الهدوء في غزّة"، مُتشهدُا بجملة السفير العمادي الشهيرة "نبغي هدوء، نُريد هدوء"، وذلك بعد 21 شهراً من مسيرات العودة والتي انتهت مطلع العام 2020.

واعتقد عوكل، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أنَّ "عودة المنحة القطرية ليست مضمونَة، لأنّها مرتبطة بتطورات المنطقة، وتهديد إسرائيل بارتكاب عدوان في شمال فلسطين وغزة التي ليست بمعزل عن ذلك.

واستبعد أنّ تلجأ حماس إلى التصعيد في حال الإعلان رسمياً عن وقف المنحة القطرية؛ لأنّها دخلت مرحلة الحسابات السياسية التي لا تتطلب ذلك؛ فمسألة الشرعية لحماس أهم من الأموال. حسب رأيه.

على المدى القريب ستصرف المنحة.. ما الضمانة؟

بدوره، رأى الكاتب السياسي المقرب من حركة حماس، مصطفى الصواف، أنَّ المنحة القطرية ليست للأبد وإنّما هي مُقررة لسنوات، وربما تُجدد أو لا يتم تجديدها؛ فالمسألة تعود للجانب القطري الذي ليس في وارده تجميدها، وفق تعبيره.

وأضاف الصواف، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "المنحة تُصرف للشعب الفلسطيني وليس لحركة حماس. والأمم المتحدة مسؤولة عن توزيعها"، مُعتقداً عدم استمرار أزمة صرف المنحة القطرية على المدى القريب، حيث ستعمل قيادة حركة حماس وفق تعبيره على معالجة الأمر بشكل أو بآخر.

أما المحلل السياسي، حسام الدجاني، فقد أوضح أنَّ "المنحة القطرية" التي جاءت نتيجة لتفاهمات بين فصائل المقاومة والاحتلال بوساطة مصرية وقطرية، تجسيداً للبعد الإنساني الذي تقوده قطر في خدمة الشعب الفلسطيني وتخفيف الواقع الإنساني الصعب؛ نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع مُنذ 17 عاماَ.

وبيّن الدجاني، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أنَّ تأخر صرف المنحة القطرية، والإعلان عن توقف مشاريع برنامج الغذاء العالمي بدءًا من الأول من يونيو، يُنذر بكارثة إنسانية لسكان غزّة، ويتطلب تدخل المجتمع الدولي من أجل إنقاذ الواقع عبر زيادة الأموال المخصصة لسكان غزة.

وأشار إلى التداعيات على كافة المستويات الإنسانية والسياسية جراء توقف المساعدات عن سكان القطاع، الأمر الذي يزيد احتمالية التصعيد على غزّة، مُؤكّداً على أنَّ رفع اليد عن حقول الغاز في بحر غزّة، سيؤسس لمرحلة استقرار إقليمي ودولي ولن يحتاج سكان القطاع أيًا من هذه المساعدات.

التدرج في التصعيد

وبالحديث عن خيارات حماس، في حال وقف المنحة القطرية بالتزامن مع وقف برنامج الغذاء العالمي، رأى الدجاني، أنّه "يجب أنّ تتدرج الخيارات بدءًا من الدبلوماسية، مُضيفاً: "في تقديري قطر لن تتأخر وستبذل كل الجهود لصرفها، بل وأنّ تعمل على زيادتها".

وأكمل: "السيناريو الثاني، هو الحراك الشعبي من خلال رسائل لكل المؤسسات الحقوقية بضرورة إعادة صرف المنحة القطرية، وكذلك الحراك أمام المؤسسات الدولية أيضاً، مُستدركاً: "والتدرج كذلك نحو الأدوات الخشنة مثل البلالين الحارقة التي ستؤثر مع دخول فصل الصيف على اقتصاد الاحتلال؛ للضغط على المجتمع الدولي لإعادة صرف المساعدات".

وختم الدجاني حديثه، بالقول: "إنَّ التدرج في الخيارات حتى وإنّ وصل إلى إطلاق القذائف على الاحتلال الذي سيرد على البلالين الحارقة، يشمل الذهاب لمواجهة مفتوحة، من أجل كرامة المواطن لدى حماس وفصائل المقاومة، فالحصار أخطر من الحرب لأنّه يمس بكل شرائح المجتمع لتسببه بتوقف عجلة الاقتصاد".