في 7 حزيران 1967، بعد 48 ساعة من بدء حرب "الأيام الستة" اجتمعت لجنة الخارجية والأمن للكنيست في الكريا في تل أبيب. وجلس حول الطاولة رئيس الوزراء في حينه، ليفي أشكول، ووزير الدفاع، موشيه دايان، والوزيران مناحم بيغن وإسرائيل جليلي وأعضاء لجنة الخارجية والأمن. في تلك الجلسة، التي سماها أشكول "تاريخية" جرى، ضمن أمور أخرى، جدال حول الهضبة السورية: عارض وزير الدفاع، موشيه دايان، لكن في النهاية نفذ ما قررته الحكومة – احتلال الأرض التي هي اليوم هضبة الجولان.
في المحاضر السرية التي وجدت في أرشيف الكنيست عن تلك الجلسة، ويكشف النقاب عن بعضها الآن، يوجد التقرير الأول للمحافل التي شاركت في كل الجبهات المشتعلة في تلك الأيام. إضافة إلى ذلك، جرى أيضا نقاش مشوق حول إذا ما وكيف تغزى الهضبة السورية وبذلك أيضا فتح جبهة مع سورية، حين كانت نسبيا جبهة هادئة مقارنة بمصر والأردن.
أشرك وزير الدفاع في حينه، موشيه دايان، أعضاء اللجنة في أنه يعتقد بأنه لا يجب غزو تلك الهضبة وقال، أنا ضد أن نجتاز الحدود الدولية في سورية بسبب العلاقة بين سورية والاتحاد السوفياتي، فلا مصلحة لنا في هذا. أعرف أهمية الأراضي التي تسمى "الهضبة"، وإذا تقرر خلاف ذلك يمكن للجيش أن يفعل هذا. أنا ضد أن نجتاز الحدود الدولية. المناطق المجردة من السلاح كانت جزءاً من اتفاق الهدنة. في الجبهة السورية توجد أوامر – إذا لم يتقرر خلاف ذلك من جانب الحكومة – للجيش، أن يبقيها هادئة حتى الحدود الدولية، فلا يثير المشاكل.
يقول النائب آريه بن اليعيزر في ذاك النقاش، "في الموضوع السوري لا اقبل تقدير وزير الدفاع عن الأراضي المجردة من السلاح. اعتقد أنه من الضروري أخذ سلسلة الجبال، وليكن ما يكون بعد ذلك. أحد الأمور الأخطر التي تسببت بهذه الحرب التي دخلنا إليها كان سلوك سورية. في تلك المدن التي حررها الجيش الإسرائيلي يوجد آلاف من رجال الشقيري، رجال المفتي، رجال "فتح"، رجال الفدائيين. على الجيش أن يعلن بأنهم ملزمون بأن يغادروا المنطقة في غضون يوم واحد. هم مقاتلون".
يقول النائب يعقوب حزان على الفور بعد ذلك، "أفهم الاعتبارات عن الهضبة لكني أقول بكل تواضع إن هذه المعركة لا يمكنها أن تنتهي دون أن نضرب الجيش السوري، الذي يدعي أننا لم نضربه أبدا. أقبل فرضية وزير الدفاع، لكني أعتقد بأن علينا أن نصعد إلى الهضبة، وان نأخذ منها شريطا ضيقا وألا نفكر بأمور أخرى، شريطا يضمن أن نتحرر من كل الفظاعة التي كانت حتى الآن. سيكون خطأ من جانبنا إذا لم نفعل هذا".
بعد أن قيلت هذه الأمور من أعضاء لجنة الخارجية والأمن يقول وزير الدفاع دايان، إن ما تقرره الحكومة سينفذه الجيش. "في نهاية الأمر كم من الخسائر ستكون لمن، ليس واضحا. لكن إذا قررت الحكومة أن تأخذ الهضبة فسنأخذها. لم نهجر أهداف حربنا – القضاء على القوة المصرية".
"يدور الحديث عن محضر ذي قيمة تاريخية خاصة، نتعرف فيه على جملة الآراء التي طرحت في مداولات لجنة الخارجية والأمن بالنسبة لاحتلال هضبة الجولان"، يقول نتان لِست، رئيس مجال كشف الوثائق السرية في أرشيف الكنيست. ضمن أمور أخرى يفهم من النقاش تخوف دايان في أنه في حالة احتلال الجيش الإسرائيلي هضبة الجولان فقد يتدخل الاتحاد السوفياتي في الحرب، بينما يدعي أعضاء اللجنة بأن احتلال الهضبة ضروري.
بعد يومين من تلك الجلسة السرية في الكريا، في صباح 9 حزيران، غير دايان رأيه، وأمر قائد المنطقة الشمالية، دافيد اليعازر، البدء بهجوم متداخل للجيش على المواقع السورية شمال الهضبة السورية وحتى جبل الشيخ. في ختام أربعة أيام من القتال في المنطقة احتلت إسرائيل مساحة نحو 1.250 كيلومترا مربعا. ومن اصل نحو 128 ألف مواطن سوري كانوا يسكنون في الأرض التي احتلت، بقي نحو 6 آلاف نسمة فقط معظمهم دروز، في قراهم. الباقون هجروا بيوتهم وفروا إلى داخل الأراضي السورية. وكان هذا نصرا واضحا لإسرائيل.
عن "يديعوت"