يفترض ان يكون عيد الاضحى المبارك فرصة ومناسبة للفرح والسعادة لدى المسلمين في مختلف ارجاء العالم وهكذا تبدو الحالة لكنها مختلفة تماما في قطاع غزة حيث تستعصي الاحتفالات هناك ولن تكون بالشغف المعهود لاحتفالات صاخبة في ظل الحرب الاخيرة التي اعقبت سلسلة حروب على القطاع فالوجع كبير ومضاعف والفرحة منقوصة ..
عشرات ومئات بيوت الشهداء لا يمكن لها ان تحتفل وآثار الدمار ماثلة في بيوتها جراء القصف الاسرائيلي حيث يقول ذوو عدد من الشهداء كيف سنستقبل العيد ونحتفل به ولدينا شهداء وجرحى وبيوتنا قد تهدمت فالعيد لمن ليس لهم شهداء ..
ولكن لان عددا منهم ظل على قيد الحياة ولوجود اطفال صغار فان الغد المشرق يحمل بسمة لاداء انشودة فرح قصيرة علها تدخل مزيدا من البهجة المفقودة في عيون هؤلاء الاطفال فتجد الاسواق والبقالات مركزا تجاريا رائدا يوفر بعض عناصر السعادة من خلال توفير الهدايا للاطفال الصغار وهذا اكثر ما يمكن تقديمه لطفل فقد عائلته او والده او والدته ولكنه فرح منقوص وربما بلا قيمة نظرا لغياب العائلة او فقدان عناصرها الرئيسية ..
وفي الوقت الذي تحتاج فيه البنية التحتية في القطاع الى وقت طويل من الزمن لاعادة اصلاح ما دمره الاحتلال فان العبء سيبقى جاثما على عاتق السكان المحليين الذين يواجهون مزيدا من التحديات خلال حياتهم اليومية وحين يطل العيد تظهر مرة اخرى ازمة ارتفاع الاسعار نظرا لعدم سماح السلطات الاسرائيلية بحرية تبادل تجاري جيد للقطاع مع دول المنطقة وفرض املاءات وشروط تعجيزية وبالتالي فان هذه الحركة المحدودة والظروف الدولية المحيطة بالمنطقة ستفرض حتما مسألة غلاء وارتفاع الاسعار التي ترهق المواطن الغزي الذي تقتصر فرحته بعيد الاضحى على الجمعة العائلية وتبادل الزيارات وتناول الحلويات في الوقت الذي لا تستطيع فيه الغالبية العظمى من المواطنين توفير ثمن الاضاحي المرتفعة والغالية اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان اكثر من نصف سكان قطاع غزة لا زالوا يعيشون تحت خط الفقر …
ومرد ضعف الإقبال على شراء الاضاحي يعود إلى ارتفاع الأسعار وعدم صرف رواتب الموظفين، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي المتردي بفعل الحصار المستمر منذ ١٧ عاما ، كما ان ثمن العجول والخرفان مرتفعة اضافة الى ان أزمة الكهرباء الخانقة تتسبب في عزوف البعض عن شراء الأضاحي، خوفا من عدم القدرة على تخزينها، ومن ثم تلفها.
الاحتفال بعيد الاضحى المبارك هو مناسبة كريمة لسكان قطاع غزة مبنية على اسس الاحترام وتبادل الزيارات والمجاملات بعيدا عن صخب الاحتفالات واطلاق المفرقعات والالعاب النارية او اقامة منصات كبيرة للفرح على الشواطئ مثلما يحدث في دول اخرى فغزة يستعصي عليها الفرح وربما تكون واجهة البحر والسباحة فيه فرصة نادرة للشاب والطفل الغزي للتنفيس قليلا عن همومه ومعانياته فتزدحم شواطئ القطاع بالمتنزهين خلال ايام العيد لا سيما وانه يأتي في نهاية ايام شهر حزيران الحارة ويجد عدد من المواطنين الفرصة سانحة امامهم ولاطفالهم لايجاد وقت قليل للفرح لكن الصورة العامة للاوضاع في القطاع ورغم العيد تبقى كئيبة فالاف العائلات لا يمكنها الوصول الى الشاطئ او توفير مقومات احتفالية بسيطة لاطفالها وبالتالي فان التحديات تبقى جسيمة في وجهها ولا يمكن القول ان العيد يعتبر مناسبة للفرح عندها بل يمر وتمر ايامه كأي ايام عادية دون بهجة او سرور …
الفرح تقليدي وعادي جدا في قطاع انهكته الحروب وزاد من وتيرة صعوباته معضلة ارتفاع الاسعار وعدم توفير فرص للعمل ولا استراتيجيات للبحث عن بدائل لعشرات الاف المواطنين العاطلين عن العمل والذين يعتمدون على مصادر محلية لتوفير القوت والغذاء وجلهم يستند الى المعونات الخارجية التي تقدمها الدول المساعدة والمانحة ودور الشركات المحلية التي تبادر كل عام بمحاولات جدية لتوفير ما يضمن من موارد تساهم بتخفيف العبء عن عاتق المواطنين حيث تحرص بعض الجمعيات الخيرية المحلية والدولية للتخفيف على التجار من وطأة ضعف إقبال الفلسطينيين على شراء الأضاحي، فتشتريها لتوزيع لحومها على الفقراء، وهو ما يحدث سنويا .
ويشهد قطاع غزة سنويا ذبح حوالي ١٥ ألف رأس ماشية -معظمها للجمعيات- رغبة في مساعدة المتضررين وتوزيع اللحوم على الفقراء والمعوزين .
نحو احتفال لا يجهد ميزانياتهم ويحقق نسبة من الفرح تبعث على الامل مع ضمان احتفال هادئ وسلمي في ضوء التطورات الاخيرة في قطاع غزة والحرب التي راح ضحيتها عدد من الشهداء والجرحى ، يبقى مواطنو غزة في عيدهم بفرحة منقوصة وامام تحديات جسيمة تلقي بظلالها على الوضع في قطاع يئن تحت آثار الحصار والدمار وغلاء الاسعار ....