وسط دعوات لإقالة بن غفير

تحليل: بعد سقوط 100 قتيل في أوساطهم.. هل "إسرائيل" معنية بوقف الجريمة بين فلسطينيي الداخل؟

جرائم الداخل المحتل
حجم الخط

القدس المحتلة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

بصمت يقتل فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948 أنفسهم، والسبب المعلن انتشار الجريمة. تعجز دولة الاحتلال "الإسرائيلي" عن وقف مسلسل القتل، في الوقت الذي لم  تعجز فيه عن سرقة أرشيف الملف النووي الإيراني في ظلام الليل في مفارقة عجيبة. وللحفاظ على صورتها الديمقراطية أمام العالم، بعد وصول الأمر إلى الهاوية بمقتل خمسة أشخاص دفعة واحدة في يافة الناصرة في جريمة إطلاق النار أول أمس، ليبلغ عدد القتلى مُنذ بداية العام لـ100 قتيل، انتشرت دعوات عبر صفحات جرائدها اليومية إلى إقالة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.

إدانات دون فعل

ففي افتتاحيتها، أكّدت صحيفة "هارتس" أمس، على أنَّ المواطنين العرب الخمسة الذين قُتلوا في جريمة إطلاق نار في بلدة يافة الناصرة، هم ضحية حكومة سائبة وعديمة المسؤولية، غير معنية بحماية خُمس الجمهور "العرب" في "إسرائيل".

ورأت صحيفة "إسرائيل هيوم"  أنَّ "إسرائيل" ومن خلفها الحكومة في تعاملها مع هذه المشكلة، تبيَّن أنّها "تُفضل مكافحة العرب على حمايتهم، علماً بأنَّ هناك من أكّد أنَّ بعضاً من مرتكبي الجريمة ومنظمات الجريمة، يرتبطون بمحافل الأمن "الإسرائيلية".

وتساءلت باستهجان: "هل إسرائيل التي تنجح في منع كل تنظيم أمني في المجتمع العربي وتنجح في التسلل لكل دولة في العالم وتنجح في أن تجلب في ظلمة الليل الأرشيف النووي الإيراني، لا تنجح في القضاء على الجريمة في المجتمع العربي؟"، مُضيفةُ: "الجواب واضح؛ هي غير معنية بذلك".

وخلال الأسبوع الماضي، التقى نتنياهو مع ممثلي الجمهور العربي وأبلغهم بأنّه سيقف على رأس "لجنة لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي"، وزعم نتنياهو أنّه "سيوقف مسلسل القتل، واعتزم إدخال "الشاباك" كجهة مساعدة لشرطة إسرائيل".

وحذّرت صحيفة هارتس، من "إشراك "الشاباك" في المسألة، لأنَّ ذلك يعني المساس بحقوق المواطنين العرب، لأنّه يُمكن القضاء على الجريمة في بلداتهم بالأدوات إياها التي يقضي عليه بها في البلدات اليهودية، ولا يفترض بـ"الشاباك" أنّ يعمل في أيّ ساحة مدنية، فالشرطة مطالبة بمعالجة الأمر؛ انطلاقاً من جهد صادق وجذري، موجه من فوق".

إسرائيل عززت الجريمة داخل الوسط العربي

من جهته، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، محمد أبو علان، أنَّ "سياسة دولة الاحتلال تجاه المجتمع العربي في الداخل المحتل،  سهَّل من تعزيز الجريمة، من خلال التراخي في مكافحة الجريمة في الوسط العربي، بعدم جمع السلاح المرخص. الأمر الذي يؤكد عدم الجدية في مكافحة الجريمة؛ لسبب رئيسي واحد أنهّم في المجتمع الإسرائيلي استطاعوا الحد من الجريمة بشكل كبير".

وأضاف أبو علان، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "لكِن الاحتلال في الوسط العربي وفر كل الظروف الموضوعية لتساعد على ذلك والدليل من 100جريمة قتل خلال النصف الأول من العام الحالي، بينما تم معرفة 10 جرائم فقط".

 وأوضح أنَّ الدعوات لإقالة بن غفير، جاءت  بعد وصول الأمر لمرحلة لا يُمكن السكوت عليها حتى في المجتمع الإسرائيلي نفسه -يقصد بعد جريمة يافة الناصرة-؛ وذلك ليس حرصاً على المجتمع العربي في الداخل المحتل وإنّما من أجل محاولة إظهار دولة الاحتلال المستوى الشرطي أنّهم يُكافحون الجريمة في الداخل مع أنّ الجرائم خلال يوم واحد تكون عدة.

من أسباب  تفشي الجريمة.. صراع العائلات العربية وعملاء الشاباك

وبالحديث عن أسباب استفحال ظاهرة القتل في المجتمع العربي في الوقت الحالي، أوضح أبو علان، أنَّ "استفحال ظاهرة القتل داخل المجتمع العربي ليست بجديدة، وليست مرتبطة بوجود حكومة اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو، مُردفاً: "إذا عدنا للخلف ففي العام 2021 كان عدد القتلى 111 قتيل في الوسط العربي وفي العام 2022 كان عدد القتل 109 قتلي في الوسط العربي".

وتابع: "عدم مبالاة الشرطة الإسرائيلية بانتشار الجريمة في الوسط العربي أدى لانتشارها"، مُردفاً: "لكِن هناك عوامل داخل المجتمع العربي نفسه، فجزء من الجرائم مرتبط بثأر عائلي وجزء مرتبط بجماعات المافيا والإجرام في الوسط العربي. فهناك صراع بين عائلات ذات علاقة بموضوع الجريمة كعائلة الحريري والبكري".

وتطرق إلى امتداد الجريمة  داخل الوسط العربي خارج الحدود، بمقتل شاب من مدينة عكا في دبي طعناً بسكين، مُشيرًا إلى تعرض ذات الشاب لمحاولتين قتل فاشلتين في السابق في مدينة عكا، قبل أنّ تنجح المحاولة الأخيرة في قتله في دبي.

وأكمل: "لذلك علينا عدم تحميل الاحتلال كامل المسؤولية، فالمجتمع العربي يتحمل الجزء الأكبر؛ لأنَّ عليه حماية نفسه والمحافظة على نفسه، وأنّ يُدرك بأنَّ دولة الاحتلال معنية بتفشي الجريمة داخله".

ورأى أنَّ القيادات العربية، متمثلة بلجنة المتابعة العربية وأعضاء الكنيست العرب فشلوا في احتواء الأزمة وكذلك الحركة الإسرائيلية؛ بمعنى كل مكونات المجتمع الفلسطيني فشلت في إيقاف الجريمة، دون إغفال تقصير شرطة الاحتلال الذي قد يكون متعمداً.

وكشف عن تقارير سابقة، أشارت إلى أنَّ جزء المتورطين في هذه الجرائم هم عملاء لجهاز الشابك الإسرائيلي،  ولا تستطيع شرطة الاحتلال أن تفعل لهم أيّ شيء لأنّهم محميين؛ وبالتالي العوامل السابقة مجتمعة أدت إلى شلال الدم الراهن.

إقالة بن غفير مستبعد والأمور تتجه للأسوأ

واستبعد إقالة بن غفير، وربما من سيدفع الثمن هو القائد العام للشرطة الإسرائيلية، عقوب شبتاي؛ لأنَّ الوزير منصب سياسي والذي يتحمل المسؤولية المهنية القائد العام للشرطة الإسرائيلية، لافتاً إلى أنَّ فشل الشرطة في وقف الجريمة داخل الوسط العربي يدفع إلى طلب تدخل الشاباك.

وحذَّر من دعوة شرطة الاحتلال لتدخل الشاباك لوقف الجريمة داخل المجتمع العربي، وذلك في محاولة استغلال الأمر من أجل تدخل الشاباك في أمور حياة المجتمع العربي لتحويل قضيتهم لقضية أمنية، لافتاً الانتباه إلى طلب سابق أثناء معركة "سيف القدس" لتدخل الشاباك في المجتمع العربي.

وخلص أبو علان إلى أنَّ الأمور ذاهبة إلى الأسوأ دخل المجتمع العربي؛ لأنّه كان الاعتقاد أنَّ مقتل خمس أشخاص مرة واحدة في جريمة قتل ستؤدي إلى استفاقة ورادع داخل المجتمع الغربي، لكِن للأسف بعد ساعات كانت جريمة قتل قرب كفر قاسم بمقتل فتاة 18 عاماً وأصيبت طفلة ورجل، مُذكراً بسقوط 100 قتيل منذ بداية العام في حالة حرب أهلية داخلية بشكل مصغر.