أوهام الحرب الدينية التي تعشعش في رؤوس مطلقيها

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم حمدي فراج

 

تروج وسائل اعلام فلسطينية رسمية ومعارضة دينية ان الحرب القادمة مع الاحتلال ستكون الحرب الدينية، التي يمكن ترجمتها الى حرب إسلامية يهودية، ويتوغل المحللون الفلسطينيون وشيوخ المنابر في الإفصاح انها حرب مليار مسلم مقابل خمسة ملايين يهودي ، ولا أظن شخصيا ان أحدا منهم يستخدم هذا الفهم للمناورة او للحرب النفسية ، بل ايمانهم المطبق ان هذا هو جوهر الصراع العربي الإسرائيلي ؛ الإسلام والمسلمين ضد اليهودية واليهود. وعند هذا نتوقف ونفند في نقاط :


أولا : الإسلام كدين ، وبالتحديد قرآن الله ، ليس ضد اليهودية ، بل ان هناك عشرات الآيات الكريمة التي تشيد بها وتستند اليها وتقتبس من توراتها وزابورها وقصصها و انبيائها. ولهذا ينتشر في اوساطنا أسماء انبيائهم ، موسى، يعقوب، هارون، اسحق يونس، يوسف، وداوود ... الخ ، لكن قبل الإسلام لم تكن مثل هذه الأسماء ، فلا احد من صحابة النبي كان يحمل أسماءهم "عمر، علي، عثمان ،سعد، خالد، عباس، حمزة، سفيان، جعفر، طلحة .. الخ) .


ثانيا: إسرائيل التي أقيمت على ارضنا قبل خمسة وسبعين سنة ، ليست دولة دينية، والحزبان الكبيران اللذان حكماها طول عمرها "معراخ و ليكود" ليسا دينيين ، و حوالي خمس تعدادها من المسلمين الذين يناضلون ضد احتلالها والبعض يتجند في جيشها ويحاربون اخوتهم الفلسطينيين . هذا لا يمنع بالطبع وجود أحزاب دينية بحتة لها وزنها ومكانتها وتحاول فرض"الشريعة" على مناحي الحياة ، مثل لحم الخنزير و دخول السبت وتحجيب المرأة، وهو موجود عندنا أيضا بنسب متفاوتة .


ثالثا : المسجد الأقصى، الذين يحاولون اليوم تقسيمه وتهويده، هو جزء لا يتجزأ من القدس التي احتلت قبل ست وخمسين سنة، مع باقي مدن الضفة والقطاع ، فهل نقايضه مع أهميته القدسية، بباقي المدن، بمعنى يعطوننا اياه خالصا مقابل التنازل عن جنين او بيت لحم ، ومن قال ان حق الانسان في الحياة والحرية والعيش الكريم تقل قدسية عن الأقصى . ومن قال ان دولتنا القادمة ستكون دولة دينية على الغرار الطالباني في أفغانستان والبابا في الفاتيكان .


رابعا: ليس هناك دولة في العالم تطبق الشريعة الإسلامية، بما ذلك ايران التي تتسمى بالاسم ، فهي كغيرها لا تقطع يد السارق ولا ترجم الزناة ولا تفرض الصلاة ولا تتقاضى الخمس ، وتتحالف مع "الكفار" في الصين وفنزويلا ، وفي العقد الأخير تصدت لداعش والنصرة ، وحتى لفصائل شيعية مثل مجاهدي خلق . في حين ان دولة مسلمة كتركيا حكمها في العقدين الأخيرين رجل إسلامي ، يقيم علاقات مميزة مع "دولة اليهود" ، ودول عربية عديدة اقامت صلحها الخاص مع هذه الدولة.


خامسا : هذا لا يمنع بالطبع استخدام البعض الدين في الحروب ، مثل الرئيس صدام حسين الذي وضع عشية الغزو الأميركي عبارة "الله اكبر" وسط العلم العراقي . وهتلر في حربه العالمية ضد اخوته في المسيحية لم ينس ان يرسّم الصليب المعقوف شعارا للحرب .