انتصار مسجّل باسم نتنياهو وحده !

اسرائيل
حجم الخط
قال الشعب كلمته: هذا ما هو جميل في الانتخابات الديمقراطية. يمكن للمرء أن يحب النتائج بقدر كبير أو قليل، برقص عاصف أو برأس منكس، ولكن لا يمكن رفضها. حتى لو تغيرت النتائج هنا وهنا اثناء الليل، فان نتنياهو سيكون رئيس الوزراء التالي. ونيته، في هذه المرحلة على الاقل، هي محاولة تشكيل حكومة ضيقة تقوم على أساس أحزاب اليمين والأصوليين.
ليس لديه حاليا أغلبية، ولكن لديه زخم. الرجل الوحيد الذي يقف بينه وبين حكومة كهذه هو موشيه كحلون. وليس لكحلون سبب يدعوه الى الاسراع. فقد وقف، أول من أمس، ليقضي الليل بالمشاورات. ويحتمل جدا أن يواصل التشاور. الضغوط التي ستمارس عليه ستكون شديدة. وهي ستأتي قبل كل شيء من جمهور المصوتين له، الذين جاؤوا في معظمهم من اليمين. كما أنها ستأتي ايضا من رفاقه في «الليكود». 
ويعرف كحلون بأنه في ظل حكومة ضيقة سيكون صعبا عليه جدا النجاح كوزير للمالية، فالأصوليون سيأتون الى الحكومة جوعى أكثر من أي وقت؛ والمعارضة الاجتماعية القوية ستشد عليه من الخارج، وبينيت سيشد عليه من الداخل؛ كما أن التوتر في العلاقات الخارجية لاسرائيل سيلقي بظلاله على الاقتصاد.
ليست هذه الحكومة هي ما أمل بها كحلون. ربما ايضا ليس لرئيس الوزراء هذا. ولكن الوضع الناشئ يقلص جداً مجال المناورة لديه. وظاهراً يمكنه أن يرتبط بهرتسوغ وأحزاب اليمين: أما الناخبون فلا يؤيدون هذا الخيار.
سيركز كحلون، على أي حال، على قائمة مطالبه من نتنياهو، بدءاً بالسكن ومروراً بالبنوك. عمليا، يمكنه أن يطلب ان يخضع الى إمرته كل القرارات الاقتصادية والاجتماعية. وكل وعد سيتلقاه سينص عليه في الخطوط الاساس وسيوقع في وثائق قانونية. وهو يعرف بأن ما سيحصل عليه الآن لن يحصل عليه بعد دقيقة من أداء الحكومة اليمين القانونية واستقرار الوزراء على جلد الظبي خاصتهم. ذات مرة صدق الوعد الشفوي لنتنياهو. ومن المشكوك فيه أن يحصل له هذا مرة اخرى. وتشكيل الحكومة ليس موضوعاً ليوم – يومين. اضافة الى كحلون، فإن للشركاء الاخرين ايضا ما يطالبون به – وهم لن يكونوا خجلين – لا ليبرمان ولا الاصوليون.
للحكومة الضيقة فضائل لا بأس بها. فهي أكثر نجاعة، أكثر تأثيراً، وأقل معاناة من الاضطرارات الداخلية. كما أن لها نواقص: العنصر الاصولي في مثل هذه الحكومة يبعد عنها جزءا كبيرا من الرأي العام. ولهذا فان الاصوليين يفضلون الجلوس في حكومات وحدة. فضلا عن ذلك فانه عواصم الدول التي تتعلق باسرائيل تشتبه بمثل هذه الحكومة مسبقا. رؤساء وزراء من اليمين، بمن فيهم نتنياهو اضطروا في الماضي الى سترات واقية من الوسط واليسار – شمعون بيريس مثلا او تسيبي لفني. وقد حمتهم السترات الواقية مرتين: مرة في الخارج، في مواجهة الحكومات الاجنبية ومرة في الداخل كذريعة جيدا في ضوء ضغوط مجموعات ضغط المستوطنين.
يتحدث نتنياهو، الآن، كمن تنازل عن السترات الواقية من اليسار. فهو مقتنع بانه سيتدبر أمره وحده. والدليل: في غضون بضعة ايام، في حملة نشطة، نجح في أن ينعش من جديد يمين بيغن، ويدفع الناخبين ممن لم يرغبوا قبل اسبوع فقط أن يسمعوا عنه وعن «الليكود» بان يتوجهوا الى الصناديق وان يصوتوا لـ «الليكود». فهو الطفل العائد.
انجازه هذه المرة يفوق بكثير انجازه قبل سنتين وقبل ست سنوات، حين بالكاد نجح، وبثمن باهظ، في تشكيل حكومة. والانجاز هو له، وله وحده. وهو لم يسرق الانتخابات، بل انتصر فيها.
هل حكومة يمينية ضيقة ستنجح في صد النووي الإيراني ومنع عزلة اسرائيل في الغرب؟ أشك جدا. ولكن حكمة الجماهير تقول أن نعم. وهذه الليلة، على الاقل هذه الليلة كان صوت الجمهور جلياً.
سيقترح الرئيس ريفلين على أي حال على مندوبي الكتل ممن سيأتون اليه ان يحاولوا الارتباط معاً في حكومة واسعة. في هذه اللحظة لا يبدو هذا واقعيا، لا من زاوية نظر نتنياهو، ولا من زاوية نظر المعسكر الصهيوني. واذا ما تعقدت المفاوضات فقط تطرح الفكرة من جديد، في هذه الصيغة أو تلك. والايام ستروي لنا.
لنتائج الانتخابات عدة بشائر طيبة يجدر بنا ان نقولها. خيرا كان ان قائمة كان الكهانيون جزءا منها لم تجتز نسبة الحسم على ما يبدو. خيرا كان أن احزابا كانت ذات مرة كبيرة عادت لتكبر. خيرا كان أن نسبة التصويت ارتفعت. خيرا كان أن كل هذا القدر الكبير من الشباب انخرطوا في النشاط عشية الانتخابات. وحتى من خاب أمله، أول من أمس، من النتائج لا ينبغي أن ييأس. فاليأس ليس خياراً.
ليكودي سابق صوت لكحلون ذكر لي، أول من أمس، جملة قالها ذات مرة غاري لينيكر، لاعب المنتخب الانجليزي في كرة القدم، تجمل بشكل لا بأس به نتائج الانتخابات: «كرة القدم تلعب 90 دقيقة وفي النهاية ألمانيا تنتصر».
نتنياهو سيبقى لولاية اخرى في البيت الدالف، المنشود، في شارع بلفور في القدس. النصر حلو. وليس غنيا عن البيان تذكير نتنياهو بالدرس الذي تعلمه على جلدتهم المنتصرون في كل الاجيال: خلف الزاوية ينتظر غرور المنتصر، والذي يأتي بعده العقاب. لقد راكم في السنتين الاخيرتين رواسب عاطفية كثيرة، والكثير جدا من الحسابات الشخصية. وهذه الشحونات تثقل عليه قبل كل شيء آخر. «انا رئيس وزراء الجميع»، قال في ميدان رابين، الاحد الماضي. وعليه، فليكن كذلك.

عن «يديعوت»