نشرت صحيفة يديعوت مقالا للكاتب أفيعاد كلاينبرغ يقول فيه تعالوا نبدأ من النهاية: احتمالات الوصول الى اتفاق مع الفلسطينيين قريباً طفيفة. اسألوا بوجي هرتسوغ. هناك موضوع آخر احتمالاته طفيفة في المستقبل المنظور – ان يكون هرتسوغ رئيس وزراء اسرائيل. صحيح أن هرتسوغ وعد قبل الانتخابات بانه (وبعده تسيبي لفني) سيكون رئيس الوزراء، الا أن هذا لم يتحقق.
والتوقع للانتخابات القادمة؟ ليس كثيرا. من جهة اخرى لم يستخلص هرتسوغ من التوقعات الاستنتاجات التي استخلصها من احتمالات اتفاق السلام مع الفلسطينيين. وهو يواصل بالذات العمل كي يصبح رئيس وزراء اسرائيل او على الاقل وزير الخارجية في حكومة نتنياهو. وهكذا ينبغي. فدور المعارضة هو ان تعرض بديلا، حتى لو لم تكن احتمالاته جيدة، لا التسليم بما هو قائم.
فمن أجل التسليم بما هو قائم لدينا ائتلاف. هذا لا يعني ان على المعارضة ان تفقد الصلة بالواقع. فالادعاء بان مجرد العودة «الى طاولة المفاوضات» سيجلب الخلاص السياسي هو ادعاء طوباوي. فمن مثلنا يعرف أنه يمكن قلب هذه الطاولة والخروج بلا شيء. ولكن المعارضة يفترض أن تعرض رؤيا: حتى لو كانت تعرف بانه في الانتخابات التالية الهدف الحقيقي هو زيادة عدد مقاعدها وليس تشكيل الحكومة، فانها تدعو الى تغيير الحكم. وحتى لو كانت تعرف بانه لاسباب خارجية وداخلية سيكون من الصعب الوصول الى تسوية تتضمن اقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل بشروط مقبولة عليها، فانها لا تكتفي بالدعوة الى خطوات انتقالية وتأجيل الحل الى ايام المسيح.
وهي لا تقبل الادعاء، الذي اصبح اساس الايمان في اسرائيل لدى نتنياهو، بانه لا شريك، لان باراك واولمرت سبق أن عرضا «كل شيء». اولا، لم يعرضا كل شيء، وحسنا أن هكذا.
ثانيا، في حالتين عرضا ما عرضاه فيما كانا مع قدم واحدة في المعارضة (باراك سافر الى كامب ديفيد مع ائتلاف متفكك؛ واولمرت بينما اشارت تحقيقات الشرطة بانه يتقدم في اتجاه الخروج). كما ان زعيم المعارضة لا يحاول تجاوز الائتلاف من اليمين كي يأسر لب ناخبيه. فاليمين افضل من اليسار (او «من الوسط»، كما يحرص بوجي على ان يسمي «المعسكر الصهيوني») في ان يكون يمينا.
فالمعارضة الجديرة تبدأ برؤيا كبيرة، تشرح لماذا لا يؤدي الطريق الحالي اليها وتعرض خطوات للتقدم في الاتجاه المرغوب فيه. وهي تشدد على الممكن وليس على المتعذر، ليس فقط كتكتيك انتخابي بل كفكر.
ان الحديث عن عدم احتمال تحقق التسوية مع الفلسطينيين تقوم على اساس الافتراض بان «ما كان هو ما سيكون» وان الخطوات السياسية تجري في واقع لا يتغير كنتيجة للخطوات. الفرضيتان مغلوطتان.
فسياسة عدم الفعل لنتنياهو هي خطوة سياسية فاعلة. وهي تجري في ظل تثبيت دائم للمستوطنات وتقويض دائم لصلاحية السلطة الفلسطينية.
وفي نهاية المطاف هدفها التصفية التدريجية لفكرة الدولتين واستبدالها بفكرة حكم ذاتي فلسطيني مهزوز آخذ في التقلص ويعيش الى جانب اسرائيل استيطانية متواصلة حتى الاختفاء التدريجي للسلطة. يفهم الفلسطينيون ذلك ويرون بشك مبرر تصريحات اسرائيل عن تأييدها (غمزة، غمزة) لفكرة الدولتين.
سياسة اسرائيل، التي انضم اليها الان رئيس المعارضة رسميا ايضا، ليست لانهاء الاحتلال بل لجعله اكثر راحة لها. لا معنى لعمل شيء الى أن يكون هناك شريك، ولا شريك لاننا لا نفعل شيئا.
ما الذي ينبغي للمعارضة أن تقوله؟ إنها ترى إنهاء الاحتلال كمصلحة وطنية واخلاقية. وإنها تحترم التطلعات الوطنية للفلسطينيين. وان سياسة الضم الزاحف يجب ان تتوقف على الفور. وأنها ترى في السلطة الفلسطينية ليس المشكلة بل فرصة الحل. عليها، بتعبير آخر، ان تكون بديلا. ان تعرض أملا. اما اليأس فمسؤول عنه نتنياهو.