بينما ننشغل في الكثير من القضايا الداخلية او القطاعية او حتى الجزئية على اهميها وتداخلها العميق بينها وبين القضية الوطنية بابعادها وتأثيرتها المختلفة على مشهد متدهور الكل يعترف بمدى قسوة الظرف بالغ الدقة الذي وصلنا اليه، وبعيداً عن التشخيص والملامة والتبريرات التي لم تعد تصلح لاستمرار الحالة الراهنة دون معالجات جدية تنقذ المشروع الوطني، وبما يمكن من استعادة فضاء العمل على اسس واضحة، وبينما ننكب على مطالبات يعلو سقفها فوق القضية الوطنية من ضمان اجتماعي او معاشات او تعديل رواتب او تحسين ظروف معيشية نجد انفسنا كشعب تحت الاحتلال ينجر لمناقشات من هذا النوع وهي صحية ومهمة بحيث بات لا يمكن الحديث عن استنهاض الحالة الراهنة دون توفير مقومات صمود الناس، وتقوية عناصر الوجود الفلسطيني، وفي غمرة الانهماك في كل هذا يجري ويستمر بوتيرة عالية تنفيذ مخطط الضم تطبيقاً لصفقة القرن التي علينا ان نراها انها ما زالت موجودة مستمرة، ولم ترفع عن الطاولة حتى الان فكل بنودها تتواصل من محاولات ضرب وكالة الغوث تمهيداً لتصفيتها وبالتالي ضرب حق العودة باعتباره جوهر القضية، الى قضية الاسرى وسن التشريعات لسحب كل انجازات الحركة الاسيرة، واعادة الامور الى نهاية ستينات القرن الماضي عبر الاهمال الطبي، والقتل البطيء وسياسات القمع والاعتقال الاداري وما بينهما من استيطان استعماري وتهويد للقدس ومحو تفاصيل الارض في الاغوار وسلفيت ومشروع E1 وكل ما يجري من هدم للبيوت وتقيد الحركة والتنقل متزامناً مع تقليص ما يسمى الادارة المدنية لصالح العمل "الحكومي" المباشر تحت اشراف سمورتتيش ومنح صلاحيات واسعة للمستوطنين للاستيلاء على المزيد من الاراضي وتنفيذ اعتداءات اعلى واوسع واكثر دموية بحق القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة، ومعها تتم عملية تقطيع اوصال الضفة الغربية وتحويلها الى معازل حقيقية وتحت رحمة غول الاستيطان المتفشي في كل الارض، ومع هذه الحالة يستمر للعام السادس عشر على التوالي الانقسام الكارثي دون مغادرة مربع المصالح الضيقة، وتغيب معها امكانية احراز التقدم المأمول بطي هذه الصفحة السوداء، ومع الانقسام واستمراره تستمر مصادرة الحريات العامة والحقوق وتغيب دور المواطن، وكل ذلك يخلق المزيد من التصدع والشلل في دور المؤسسة حيث بدأت تساؤلات كبيرة تطرح ومن حق الناس ان يستمعوا لأجابات واضحة لها!
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية هي اليوم في الصدارة بينما حالات المقاومة الشعبية تنحصر في عدد من المواقع التي تقدم نماذج هامه عن هذا الطريق لكنها بحاجة الى امتداد وتواصل وتوسع افقي، وايضا الحالة الداخلية والتركيبة الاجتماعية طرأ عليها الكثير من التغيير منذ مطلع التسعينات وحتى اليوم وهو ما يتطلب ان نذهب قبل فوات الاوان بجرأة ومسؤولية للعمل من اجل استرجاع دور المؤسسة ان نذهب الى كلمة سواء مجتمعين الى برنامج نقاط محددة متفق عليها تشكل اطار ناظم للعمل وفق استراتيجية مغايرة المرتكز الاساسي فيها هو الوحدة الوطنية ووقف "القتل" التدريجي للحاله العامة تعالوا لعقد لقاء وطني فلسطيني تحت راية م.ت.ف الممثل الشرعي الوحيد يضم الاتحادات النقابات المؤسسات الاهلية والشخصيات الوطنية والمجتمعية، والشباب والنساء، وكافة المكونات لبناء جبهة وطنية عريضة على اسس واضحة تعالج كافة القضايا الملحة بتحديد الاولويات وتقديم قراءة جدية لاستشراف المستقبل بدل حالة (التوهان) التي نعيش، اللقاء يعيد النظر في وظيفة السلطة ومهامها وربط عملها بالمنظمة، القاعدة التي تجمعنا هي وقف وتحدي اجراءات الاحتلال بتجزأة قضيتنا وتخفيض سقف نضالنا فمن المطالبة باطلاق سراح الاسرى مثلاً اصبح المطلب تحسين شروط الحياة الاعتقالية او(ترشيد) سياسة الاعتقال الاداري، وبالملموس ايضا بدل العمل على وقف اجراءات الاحتلال في القدس اصبحنا نطالب بالسماح بزيادة عدد التصاريح للدخول اليها وبدل استمرار الوكالة في اداء دورها الذي انشات من اجله بموجب قرار اممي اصبحت المطالبة بالمعونات وزيادة الخدمات وهي بدون شيء عنصر مهم لكن المطلب جذره سياسي برفض محاولات شطب عمل الوكالة والتمسك بحق العودة للاجئين وفق القرار 194 اي لا يجب باي حال من الاحوال ان ننزلق الى مربعات الدفاع عن القضايا اليومية على حساب القضية الاساس وتحويل الثانوي الى رئيسي لم يعد بالامكان الحديث بعمومية في مشهد يتراجع بشكل كبير ومقلق بل ان المطلوب اجراءات عمليه خطوات ملموسة للبناء والوجود في مواجهة حكومة اليمين المتطرف ببرنامجها المعلن والصريح وفي ظل وضع عربي ودولي بالغ التعقيد ووضع اقتصادي محلي غاية في الخطورة، العمل هو بالذهاب اليوم بجهد جماعي على فريق خلية ازمة والتوقف عن تشكيل لجان العمل نحو تغيرات ملموسة في مستوى القرارات اذ لا يمكن استمرار التلويح بتطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي دون وجود ارضية وارادة سياسية حقيقية لذلك، ان ننكب للقاء وطني عاجل فوري دون تأخير لوقف التمزق الحاصل في النسيج الوطني والمجتمعي، وبناء هيئة تعنى بالسلم الاهلي وصون حقوق الفئات الاجتماعية المهمشة والفقيرة، الأجيال تنتظر والواقع لا يحتمل الفراغ وعلينا عبور الحالة بالقوارب لا بالجمل الثورية، وعلينا ان نملك الشجاعة لتحديد مواطن الخلل والضعف والازمة ومعالجتها، الناس تعيش قهر وتنتظر ان ترى التغيير، والشعب الذي يعاني جور المحتل لم يعد بامكانه الصمت على ما يجري، علينا ان نقلع عن حالة الضياع والحلقة المفقودة لنعود بجذوة نضالنا وصمودنا ونعيد قضية شعبنا كقضية تحرر وطني من اجل الخلاص من الاحتلال وتجسيد استقلالنا خطة الضم الزاحف والمتواصل وصلاحيات واسعة لتوسيع البناء الاستيطاني يعني انهاء لوضع الضفة الغربية بكل معنى الكلمة والمطلوب لقاء وطني واسع على ارض فلسطين ليس في اي بلد اخر يعيد اللحمة يوقف حالة التشظي يبني معالم الامل بالمستقبل لرسم طريق جديد قبل فوات الاوان اليوم مطلوب ورشة عمل وطنية واسعة تفضي الى استعادة الحالة وتقويةبنيان المؤسسة الجامعة بكل تجلياتهاعلى مسار جديد مختلف.