اشتهرت فلسطين منذ عقود عديدة بأشجار الحمضيات التي توجت أراضيها، وتعتبر اشجار برتقال الفلنسيا والشموطي من الأشجار التاريخية التي انتقلت عبر الأجيال كانتقال العادات والتقاليد .
ومنذ مطلع القرن الماضي بات قطاع غزة أهم مصدر للحمضيات إلى الخارج، الذي هو عنصر كسب للعديد من الأيدي العاملة.
وفي منتصف السبعينات من القرن الماضي وصلت مساحة الأراضي المزروعة بالحمضيات نحو 70 ألف دونم ، بينما كان حجم استهلاك السوق المحلى من مجمل المنتج قرابة 5%، ويتم تصدير ما يتبقى من كميات الإنتاج إلى الدول الأوربية والعربية المجاورة.
ومع بداية انتفاضة الاقصى، أصبحت أشجار الفلنسيا والشموطي أحد أهداف الاحتلال الاسرائيلي فقد عمل على تجريف 40 ألف دونم، وباتت تلك الأشجار مهددة بالاندثار.
وعلى الصعيد ذاته يعتمد المزارع داود الافرنجي البالغ من العمر 64عاماً، الذي يملك أرضاً تبلغ مساحتها 43 دونماً مغطاة بأشجار الفلنسيا، لكن لم تبق تلك الأشجار خالدة بتراب أرضه، فقال "كان يعمل في البيارة نحو22 عاملا، وفي أيام جني الثمار كان يصل عددهم ما بين60 - 70 عاملاً ، ولكن تعرضت للتجريف من قبل قوات الاحتلال في عام 2002، ولم يبق منها إلا قرابة 9 دونمات".
وأضاف "لم استطع أن أعيد الحياة للأرض بعد تجريفها بسبب عدم توفر أشتال الفلنسيا والشموطي في السوق، وإن وجدت ففي طبيعة الحال تكون رديئة الجودة، ومع ذلك قد صممت على زراعتها وإعادتها كما كانت عليه في بداية عام 2005، فاستطعت الحصول على أشتال أشجار الفلنسيا بأسعار مرتفعة لذلك قمت بزراعة تسعة دونمات فقط، أما بالنسبة للمساحة المتبقية قمت بعد عام بتحويلها إلى أرض لزراعة الخضار".
ويرى الافرنجي بأن عملية زراعة أشجار الفلنسيا أصبحت في وقتنا الحالي غير مجدية ولا تكسب مالا كغيرها من المزروعات، نظراً لما تحتاجه من تكلفة عالية، لذلك اتجه غالبية المزارعين في الأعوام الأخيرة إلى زراعة الخضار وإنشاء الدفيئات الزراعية لاعتبارها مزروعات غير مكلفة وتحتاج لفترة زمنية قصيرة للنضوج خلاف ما هو عليه أشجار الفلنسيا والشموطي .
وأكد مدير دائرة الإعلام الزراعي في وزارة الزراعة المهندس محمد أبو عودة، على أن أشتال الفلنسيا والشموطي باتت غير متواجدة في السوق، ما يدل على أنها ستصبح من الفاكهة النادرة في الأعوام القادمة.
مشيراً إلى أنه تم زراعة مساحات زراعية بأشجار الفلنسيا، ولكن مع تزايد ملوحة المياه أثرت عليه بشكل سلبي.
وأضاف أبو عودة أن أشجار الشموطي في قطاع غزة مزروعة على مساحة 741 دونم، منها 444 دونم مثمر، وتوقع أن كمية الإنتاج لن تتجاوز 2740 طن.
أما بالنسبة لأشجار الفلنسيا، أوضح أبو عودة أنها مزروعة على مساحة 2291 دونم، وتوقع بأن تكون كمية الإنتاج للعام الحالي 3574 طن فقط.
في المقابل تبلغ إجمالي مساحة الحمضيات في قطاع غزة 17640 ألف دونم، منها 9500 دونما مثمر و 8200 غير مثمر، ويتوقع مجمل الانتاج لهذا العام 23740 ألف طن، ما يشكل نسبة 65% من الاكتفاء الذاتي.
وأكد أبو عودة على أن العام الحالي يعد الأقل إنتاجية بالنسبة لأعوام سابقة، نظراً لأن أشجار الفلنسيا والشموطي قديمة جدا، وليس هناك من يقوم على تجديد أشجاره.
ونوه أبو عودة إلى أن أشجار الفلنسيا والشموطي في بعض المناطق أصبحت لا تستطيع النمو، وذلك لارتفاع نسبة الملوحة في المياه، التي تعد أحد المؤشرات على قرب انقراضها، مضيفاً أن هذه الأشجار تحتاج إلى مياه عذبة لكي تعيش خلاف الأنواع الأخرى من الحمضيات.