في الأيام الأخيرة التي تسبق العيدين، تزدحم صالونات الحلاقة والتجميل في غزّة للرجال والسيدات، حيث تجد طوابير من المواطنين الذين ينتظرون دورهم لقص شعرهم وتزيين وجوههم، وكأنهم كانوا طوال السنة تاركين أنفسهم دون تجميل أو عناية.
صالونات الرجال
قبل عيد الفطر تزدحم صالونات الحلاقة لدى الرجال ويظلوا لساعات طويلة جداً من الليل وهم يستقبلون الزبائن، حتى أنّهم في اليومين الأخيرين الذين يسبقان يوم العيد يظل الحلاقون لساعات الفجر وهم يحلقون للزبائن وينظفون بشرتهم وغيرها من أمور التزيين، أما في عيد الأضحى يختلف الأمر شيئاً بسيطاً، فبعض الرجال يُطلقون لحيتهم وشعرهم وهم الذين سيقومون بذبح الأضاحي، وبعد أنّ يؤدوا تلك الشريعة المقدسة يقومون بحلق رؤوسهم وشعر وجههم، وأياً يكن العيد فتظل صالونات الحلاقة تشهد ازدحاماً بالزبائن من الكبار والصغار.
صالونات النساء
وهو المكان الذي لا يخلو من السيدات اللواتي يهتمِّن بمظهرهن أو يقمن بالاعتناء بأجسامهن وشعرهن قبل مناسباتهن الخاصة لكي يظهرن بأجمل طلة فيها، وفي الأعياد تُقبل السيدات على صالونات التجميل وكأنَّ العيد جاء لتُظهر كل واحدة أجمل ما لديها من ملابس وشعر وجمال بشرة ورموش وتجميل للوجه وغيرها من عناصر الجمال التي يُضيفها العاملات في تلك الصالونات على السيدات.
مراسلة وكالة "خبر" تابعت هذا الموضوع والتقت عدد من الرجال والسيدات اللذين، ارتادوا تلك الأماكن بالإضافة لأصحاب تلك الصالونات وسؤالهم عن مدى رضاهم عن الأمر والأسباب التي تدفع الرجال والنساء للتجمل وقص الشعر أو الاهتمام بالبشرة قبيل الأعياد، وكانت كالتالي:
"نوران .ق" وهي فتاة في مقتبل العشرينات من عمرها، ارتادت أحد صالونات التجميل في مدينة غزّة للاعتناء بجمالها، قالت لمراسلة "خبر" حين سألتها عن السبب الذي دفعها لزيارة المكان: "جئت اليوم لعمل جلسة تصفية للبشرة بالإضافة لقص شعري وتركيب أظافر شهرية، وأنا أرتاد هذا الصالون يوماً في الشهر تقريباً لعمل شيء مختلف في كل مرة، ولأنني بصراحة من المهووسين بمواكبة الموضة والجمال ولكي أظل جميلة في أعين الجميع، وجئت اليوم قبيل العيد لكي أتجمل أكثر، فأنتي تعرفين أنه في الأعياد تكثر زيارات الأقارب والأهل، ولا يعقل أن أقابلهم وأنا غير مستعدة أو جميلة".
وعن رضاها على الأسعار التي تضعها صالونات التجميل، قالت: "لا يهمني كم يطلبون، فأنا زبونة في هذا المكان منذ خمس سنوات، وهم تعودوا عليَّ وأصبحت زبونة دائمة، لذلك يعاملونني بالأسعار بشكل مختلف عن الآخرين، لكِن دعيني أقول إنَّ السيدة التي تُريد أنّ تبدو جميلة أمام زوجها أو عائلتها لا يهمها كم ستدفع، المهم أنّ تخرج كما أرادت، وبالعادة تبدأ الأسعار في صالونات التجميل من عشرة شواكل وحتى أربعمائة شيكل حسب الشيء المطلوب وسعره".
"كبيرنا شعر وذقن السلام"
أحمد الذي كان ينتظر دوره لكي يقص شعر رأسه ويُخفف من شعر لحيته، يقول: "احنا الرجال مش زي النسوان، كل يوم بنكون فاضيين للمونكير والبوديكير والبودوكس والفيلر والشعر وبعرفش ايش من هالقصص الفارطة، احنا كبيرنا شعر وذقن وقوم روح (يضحك)".
ويُتابع: "الأسعار مقبولة في صالونات الرجال بتتراوح من 5 شواكل وحتى 20 شيكل وأحياناً بتهاون الحلاقين معنا وبيحلقوا بأقل من هيك، ما انتي شايفة وضع البلد أحياناً بتلاقي الشاب ما معاه يدفع الحساب وبتداينها من أبوه أو أمه، والله يكون بالعون".
"سيدرا" وهي سيدة ثلاثينية تقوم بطلاء أظافرها بالمونيكير بعد أنّ انتهت من رسم حواجبها وتنظيف وجهها وبشرتها، تقول: "بالعادة لا آتي لصالونات التجميل إلا بعد مدة طويلة، ولكن بسبب اقتراب العيد نرغب أكثر بأنّ نظهر نحن السيدات بمظهر جيد أمام العائلة وأزواجنا".
وتُضيف: "لكِن الأسعار كل يوم ترتفع أكثر من اليوم الذي يسبقه، كانت المرأة قديماً معروف ماذا ستفعل في محلات التجميل والأسعار مقبولة، أما اليوم بعد دخول الأجهزة المتطورة الخاصة بالجلد والبشرة والشعر والأظافر، وكثرة الطلب على كل ما هو فيه تغيير وتعديل للمشاكل المتعلقة بالبشرة والشعر عند السيدات، فقد ارتفعت الأسعار بطريقة جنونية، مثلاً اليوم أصبحت السيدات اللواتي لديهن مشكلة في شكل الحاجب ويرغبن في رسمه بشكل منظم وجميل ويظل لمدة طويلة عبر رسمه وهذه الطريقة تُسمى المايكروبلدنج، فعلى السيدة أن تدفع أكثر من مائتي شيكل لرسمه، وأسعار تركيب الأظافر والرموش الطويلة لمدة معينة تتراوح من ثمانون شيكلاً ولغاية مئة وخمسون شيكل، بالإضافة إلى وجود أساليب للتجميل جديدة كتوريد الشفاه لمدة معينة والتي تحتاج في بعض الأحيان لجلستين قيمة كل جلسة أكثر من ثمانون شيكلاً، فكل هذه المبالغ تدفعها السيدة وهي سعيدة في سبيل أنّ تظهر بالنهاية بمظهر الجميلات وعارضات الأزياء، وبالنهاية 90% من السيدات يأخذن أموال الجلسات من أزواجهن وهن عليهن فقط التجمل".
"رزق الهبل على المجانين"
وعن رأيه في المبالغ الكبيرة التي تدفعها السيدات في صالونات الحلاقة والتجميل، يقول سعد رضوان: "والله ما هو مكيف بهالبلد غير الكوافيرات، مشروعهن شغال طول السنة، وفي الأعياد بتصير النسوان عندهن زي الرز، هادي شعر وهادي وجه و...الخ ، وبيدفعوا الفلوس وهما مبسوطات وفي واحد غلبان وراهم طافح الكوتة عشان سندريلا تتجمل وتدفع للكوافيرات كل ماله مشان حضرتها تصير جميلة الجميلات".
ويُضيف: "ياعمي الحلوة حلوة، مش محتاجة تاخد فلوس جوزها الغلبان وتدفعهم ع حاجات فاضية، وأنا بوجه رسالة للستات وبقول اتقوا الله في نفسكن وفي أزواجكن، وغير قص الشعر والأمور البسيطة لا تعملوا ولا تنجروا ورا كلام الكوافيرات المعسول الي بتخليكم تدفعوا كل ما في جيوبكم وأنتوا بتضحكوا، أما رسالتي للكوافيرات فأنا بقول والله ما حدا عايش بهالبلد غيركن، ماصات دم الرجال والنسوان مع بعض".
"رمزي" يقول: "أنا جئت إلى الحلاق الذي يعرفني وأعرفه منذ زمن، ولا أحلق عند غيره، ويعرف مشاكل شعري وبشرتي وما عليه فعله، فأقصده في مناسبة العيد قبل أنّ يهل علينا بيومين تقريباً، ويقوم هو بدوره على أكمل وجه، صحيح أنَّ المكان يكون مزدحماً بالمواطنين، لكنه يحجز لي دوري وما إنّ أصل حتى يفعل لي كل ما أطلبه منه، والأسعار في متناول الجميع، بالإضافة إلى أنني أحلق شعر أبنائي التوأم الصغار كلما جئت إلى هنا لحلق شعر رأسي وذقني، وكل موسم وعيد وأنتم والمسلمين جميعاً بخير".
كوافيرة: "لا أرى أولادي وزوجي إلا دقائق في اليوم"
نرجس وهي صاحبة محل تجميل، تقول لمراسلة "خبر": "الحمد لله استطعت أنّ يكون لي زبائني الدائمين، لأنني أحرص على تقديم أفضل الخدمات لهم، وبالتالي ذاع صيتي في عدة مناطق في قطاع غزة، وأصبحت الزبونة تأتيني من الشمال والجنوب، وتجد كل ما يسرها لدينا".
وعن الخدمات التي تُقدمها للزبائن، أجابت: "أدخلت إلى الصالون عدة أجهزة متطورة خاصة بالبشرة والشعر والأظافر، بالإضافة لوجود عدة خبيرات تجميل لديَّ يعرفن جيداً كيف يتعاملن مع الزبونة والمشاكل المتعلقة بها، صحيح أنّ الأسعار مرتفعة عما كانت عليه بالأمس القريب وهذا طبيعي، فهناك أجر للخبيرة وللمواد التي تدخل في التجميل والجهد الذي يبذلنه الموظفات بالإضافة للمصاريف المتعلقة بالصالون، فإذا لم أستطع أنّ أغلق تلك الالتزامات، فأولى بي أنّ أُغلق محلي وأذهب لبيتي، بيتي الذي لا أراه سوى بضع دقائق وزوجي وأولادي يتفهمون ذلك ويعلمون أنَّ موسم الأعياد يكون المكان مزدحماً، وضغط العمل يتضاعف وبعد العيد يخف الضغط وأستطيع قضاء بعض الوقت مع العائلة".