لقد بات واضحا بأن الاحتلال يمضي بتنفيذ مخططاته علنا دون خجل ، وقد بدأ بالفعل مرحلة الحصاد للمشروع الصهيوني الذي بدأ تنفيذه منذ وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917 ، والذي أراد وطنا قوميا لليهود في فلسطين ، واعتبار الشعب الفلسطيني طوائف غير يهودية لهم حقوقا مدنية ودينية فقط.
الخطاب الأخير لنتانياهو وممارسات دولة الاحتلال الإسرائيلي على الأرض هي ترجمة فعلية لهذا الوعد ولهذا المشروع ، فقد دعا رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتانياهو إلى اجتثاث فكرة إقامة دولة فلسطينية وقطع الطريق على تطلعات الفلسطينيين لإقامة دولة مستقلة لهم.
وفي الوقت نفسه أعلن نتانياهو بأن اسرائيل تريد بقاء السلطة الفلسطينية وبأنها غير معنية بانهيارها ، وفي ذلك إشارة إلى أن الاحتلال يريد سلطة تعينه على إدارة الشؤون المدنية للشعب الفلسطيني ليس أكثر، سلطة لا تمتلك مقومات الكيان السياسي ، ولا تمارس أي نوع من أنواع السيادة .
وتجسيدا لهذا المشروع يعمل الاحتلال يوميا على تغذية الانقسام وتعزيزه ، وزيادة الاستيطان وتسريعه ، ومصادرة الأراضي وتحويل المدن الفلسطينية إلى تجمعات بشرية مكتظة وحصرها بأقل مساحة جغرافية ممكنة، وكذلك إطلاق العنان للمستوطنين لممارسة الإرهاب المنظم حتى يصبح أقصى طموحات الشعب الفلسطيني هو الحصول على الامن ووقف الاعتداءات اليومية.
يضاف إلى ذلك التعديلات القانونية في دولة الاحتلال وقرارات الحكومة الإسرائيلية والتي تهدف إلى ضم كامل الضفة الغربية ، وتهجير أكبر نسبة من الشعب الفلسطيني من خلال نكبة ثالثة يستعد الاحتلال لفرضها خلال فترة ما بعد الرئيس محمود عباس، وهذا ما يبرر الصلاحيات الواسعة الممنوحة للوزير سموتريتش في ملف الإستيطان والإدارة المدنية وتقليص صلاحيات المحكمة العليا.
أما في القدس فنرى عجلة التهويد والتهجير تتسارع ، وقد بدأ الحديث بشكل علني من قبل بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية والبرلمان عن خطط لتقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا، وبعد أسابيع من أجتماع الحكومة الإسرائيلية أسفل المسجد الأقصى المبارك، وفي الأنفاق التي يحفرها يوميا هذا الاحتلال في إطار نواياه المبيتة.
ولأجل هذا كله وحتى لا تكون سلطة كما يريدها نتانياهو، فإن الدواء الوحيد لهذا الداء ، والخلاص الوحيد من هذه الكارثة القادمة، هو إنهاء الإنقسام بشكل فوري والانطلاق من خلال استراتيجية نضالية موحدة وبرنامج سياسي متفق عليه يستنهض كل طاقات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وفي شتى المجالات ابتداء بالمقاومة بكافة أشكالها إضافة للخيارات القانونية والإعلامية والدبلوماسية والاقتصادية وغير ذلك من الوسائل التي يمكن من خلالها مراكمة النضال والجهد الفلسطيني .
المطلوب إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها ، والدعوة لانتخابات شاملة تضخ قيادات شابة قادرة على التجديد والتغيير وخطاب الشارع الفلسطيني والمجتمع الدولي .
المطلوب الحد من الحزبية والفئوية والمصالح الضيقة، واعتبار مصلحة الوطن والشعب فوق أي اعتبار ومصلحة .
المطلوب التكاتف والتعاضد والتكافل وتعزيز القيم الأخلاقية والوطنية وتحصين السلم الأهلي والنسيج الأجتماعي.
المطلوب بناء اقتصاد وطني يساهم في تعزيز الصمود وتمكين شعبنا والاعتماد على الذات.
الجميع يخطط لمستقبله إلا نحن الفلسطينيين ، نمضي ضمن سياسة ردة الفعل، دون أي تخطيط أو تفكير كيف يكون حصاد مشروعنا الوطني ، وكيف نكون أوفياء لتضحيات الشهداء والأسرى والجرحى، وهنا أقول بأننا بأمس الحاجة لصحوة شاملة نأخد من خلال زمام المبادرة والقدرة على فرض إرادتنا والدفاع عن حقوقنا وصولا لإنهاء الاحتلال وتحرير ارضنا وبناء دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس.