فرض مخيم جنين قواعد جيدة للاشتباك مع الاحتلال "الإسرائيلي"، بعد معركة الـ48 ساعة، والتي انتهت بمقتل جندي "إسرائيلي"، وأبرزت صمود و صلابة إرادة المقاتلين داخل المخيم وكذلك الحاضنة الشعبية للمقاومة داخل المخيم وفي كافة المدن والمخيمات الفلسطينية بالضفة وغزة وكذلك في الشتات، لكِن اللافت في المعركة بداية التصعيد في دور حركة فتح رسمياً وبشكلٍ علني نحو "المقاومة المسلحة" وهو الأمر الذي عبر عنه عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، اللواء توفيق الطيراوي.
شاهد أيضاً| الطيراوي لـ"كتائب الأقصى": انهضوا واحموا شعبكم من المستوطنين بالبنادق
الطيراوي، دعا في فيديو تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، إلى حماية المشروع الوطني الفلسطيني والسير على خطى الزعيم الراحل ياسر عرفات، قائلاً: "انهضوا واحموا أبنائكم وقيادتكم وحركتكم في كل مدن الضفة الغربية واحموا أبنائكم وشعبكم في القرى والمخيمات من المستوطنين".
وفي أعقاب دعوة الطيراوي، أعلنت كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح في ساعات فجر يوم السبت الأولى، النفير العام في صفوف مقاتليها بالضفة الغربية المحتلة. وتحت عنوان "تم استلام التعليمات"، أعلنت كتائب الأقصى في بيان رسمي صدر عنها، عن رفع حالة النفير العام القصوى، لكافة مقاتليها "حالة الحرب المفتوحة".
ودعت الكتائب، كافة مقاتليها وخلاياها العسكرية في كافة المحاور بالضفة الغربية لضرب الاحتلال "الإسرائيلي" بكل مكوناته، بما في ذلك قلب الكيان الهش "تل أبيب".
وفي مسيرات جابت شوارع الضفة الغربية، خرج مقاتلي كتائب شهداء الأقصى إلى الميادين، ولبوا نداء الكتائب وأعلنوا النفير العام في رام الله وطولكرم وسلفيت وبيت لحم والخليل، ونابلس.
تفعيل فتح للكفاح المسلح.. العودة إلى الجذور
وبالعودة إلى الوراء ومع انطلاق كتيبة جنين، قبل عامين، شاركت كتائب الأقصى ضمن الكتيبة؛ لكِن الظهور الأبرز للكتائب كان ضمن مجموعة عرين الأسود في البلدة القديمة بنابلس في استعادة للمقاومة المسلحة داخل حركة فتح بعد سنوات من الركود جراء الاتفاقيات الموقعة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي مع نهاية اجتياح الضفة في العام 2002 ودمج المقاومين في الأجهزة الأمنية.
وجدير بالذكر أنّه مع فشل مفاوضات كامب ديفيد 2 بين منظمة التحرير الفلسطينية و"إسرائيل" في يوليو 2000، عمد الزعيم الراحل ياسر عرفات إلى دعم وتمويل كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، مما أدى إلى انخراط الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مقاومة إسرائيل. ويعتبر الشهيد أبو جندل قائد معركة جنين عام 2002 أبرز قيادات المقاومة في ذلك الوقت، ومروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وقائد كتائب شهداء الأقصى في الضفة، الذي يقضى حكماً بالسجن المؤبد داخل سجون الاحتلال مُنذ نيسان 2002.
الأمر الذي أدى اجتياح " إسرائيل" الضفة الغربية تحت مسمى عملية "السور الواقي"، وتدمير مقرات الأجهزة الأمنية واغتيال ياسر عرفات.
القرار مدروس
من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل، أنَّ تصريح الطيرواي، يؤسس لبداية مرحلة جديدة عنوانها انفجار الوضع الفلسطيني بأكمله ضد الاحتلال الإسرائيلي، مُعتقداً أنَّ دعوة الطيراوي لكتائب الأقصى للتحرك في مدن الضفة لمواجهة المستوطنين، ليست ردة فعل أو حادث عرضي؛ لأنَّ قرار وتوجه من هذا النوع ذات بُعد استراتيجي وخطير، جاء نتيجة لتطورات الوضع في الضفة؛ وبالتالي القرار مدروس.
وأضاف عوكل، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أنَّ دعوة الطيراوي بداية تحريك أقوى لدور حركة فتح التي تعتبر مكون رئيسي للحركة الوطنية الفلسطينية، في مواجهة تغول المستوطنين والجيش الإسرائيلي، مُردفاً: "الاحتلال لم يترك لأحد مجال للتصرف إزاء ما يقوم به من حرب في الضفة لا تراعي أيّ قيم".
وأكّد على أنَّ الطبيعة لا تقبل الفراغ، فحركة فتح كبيرة وهي المسؤولة في الضفة الغربية ولا يمكن أنّ تبقى فقط تتحدث عن "مقاومة سلمية"، بينما "إٍسرائيل" تستخدم كل أنواع الأسلحة في مواجهة المخيمات والقري والمدن الفلسطينية.
مواصلة "إسرائيل" الحرب ضد الشعب الفلسطيني
وبالحديث عن ردة فعل "إٍسرائيل" بعد الدعوة الصريحة للمقاومة المسلحة من حركة فتح، قال عوكل: "إنَّ إسرائيل لا تضع أيّ حسابات للسلطة الفلسطينية وحركة فتح عندما تقوم بتنفيذ مخططاتها"، مَُضيفاً: "تصعيد فتح الذي عبر عنه الطيراوي، سيشعل الضوء الأخضر عند متخذ القرار في إسرائيل، لكِن لن يغير شيء لأنَّ برنامج حكومة الاحتلال سيستمر في تحقيق أهدافه؛ لأنَّ له علاقة بطبيعة الحكومة اليمينية".
وأكمل: "نحن إزاء حكومة لا تريد السلام ولا المرونة مع الفلسطينيين وغير متسامحة مع الفلسطينيين وتُريد تجنيد كل ما لديها من أجل تحقيق أهداف الحركة الصهيونية".
وخلص عوكل، في ختام حديثه إلى أنَّ حركة فتح مكون رئيس للحركة الوطنية الفلسطينية ولن تقف مكتوفة الأيدي، إزاء تصاعد الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، فالإسرائيليون يشربون الدم الفلسطيني بدل من قهوة الصباح؛ بالتالي من المتوقع أنّ تؤدي الحرب الإسرائيلية إلى انتفاضة ثالثة ربما تكون أكثر صعوبة من الانتفاضات السابقة، وذلك رداً على سؤال لوكالة "خبر"، بشأن توقع اندلاع انتفاضة ثالثة بعد تبنى فتح المقاومة المسلحة بشكل صريح.