هارتس : على "الأقلية المستنيرة" أن تخوض "حرب الاستقلال الثانية" ضد الحكومة المتطرفة

حجم الخط

بقلم: يوسي كلاين

 

 


لا يوجد اليوم "يمين"، يوجد مستوطنون. لا يوجد مستوطنون "معتدلون" و "متطرفون"، يوجد هادئون ويوجد نشطاء. يوجد مستوطنون صامتون بسبب الخوف ويوجد من يصمتون اعترافا بالعرفان لمن يفعلون الفظائع باسمهم، والذين لا يريدوا ان يكونوا متماهين معها. هم ليسوا "الطلائعيين الجدد" مثلما تفاخروا. وجه المستوطنين كوجه بن غفير، ووجه الصهيونية الدينية كوجه التلال. هم سيكونون من سيقفون امامكم في اليوم الذي يتم فيه الحسم ما بين دكتاتورية أو ديمقراطية.
محاولتهم الاستيطان في القلوب فشلت. لا نحبهم، ولا نفهم ما الذي ساهموا به للأمن أو للاقتصاد. كلهم شركاء في حرب الحكومة ضد الجمهور. هم يحكمون قبضتهم على عنقه من كلا الطرفين: الذراع العسكرية التي تحرك القرى والذراع السياسية التي تنتج قوانين. الجيش يخدمهم (جنود من الضواحي وقادة من المدارس الدينية)، ويبادر بالقيام بعمليات مثل العملية في جنين من أجل القضاء على المظاهرات وإرضاء بن غفير. ليس واضحا لماذا لا يسلينا التلفزيون بصور الدمار هناك، والتي ترفع الروح المعنوية وتدفئ القلب.
ميزان القوى في "المناطق" يشبه الميزان الموجود داخل الخط الأخضر. إسرائيل الأولى ضد إسرائيل الثانية، علمانيون هنا ومتدينون هناك، متنورون هنا وقوميون متطرفون هناك. المحيط ضد المركز، من 8200 أمام حرس الحدود، هم يتطلعون إلى الترانسفير ولكنهم يكتفون بالابرتهايد. في هذه الأثناء هم يسيرون بأسلوب الاستنزاف، والتنغيص وتحويل الحياة إلى جهنم، بكل السبل. بالإحراق، وباقتلاع الأشجار، وبالحواجز، وبقتل الأطفال. هم يريدون ان ييأس الفلسطينيون، ويقولوا: مللنا، هيا نهرب من هنا.
وهذا ينجح. شبان فلسطينيون يريدون الهرب، وأيضا شبان إسرائيليون. هم لا يريدون أن يكونوا هنا لأنهم يعرفون أن ما يحدث في حوارة يمكن أن يحدث أيضا على بعد ساعة سفر من حوارة. ما مر دون رد في الخليل، سيمر دون رد أيضا في رماته شارون. من يحرق شباكا في سيارة في قرية قريوت، سيفعل هذا أيضا في هرتسيليا. هل يمكن لأحد وقفهم؟ من؟ الشرطة؟ المحكمة الواقعة تحت التهديد؟ ايتمار بن غفير؟ هو سيؤيد. سيعتذر وفي النهاية سيدعم.
أسلوب الاستنزاف ينجح أيضا لدينا. بدلا من أن يدخلوا لنا كل حبة النقانق مرة واحدة، يؤكّلونها لنا شريحة بعد الأخرى. شريحة حتى نهاية الصيف وأيضا بعد ذلك. في هذه الأثناء هم يزعجوننا بالبنود الصغيرة التي لم ينشروا عنها في "نيويورك تايمز": يعينون ماسح جوخ أو شخصا عنصريا يخاف الله كمفتش عام للشرطة ومتعصبا دينيا للإشراف على تعليم العلمانيين. لهذا يجب وقف دس هذه النقانق وهي ما زالت صغيرة. حيث سيفعلون كل ما في وسعهم من أجل أن يجعلوا كل من يستطيع يهرب.
سوف تجعل الدكتاتورية الشباب يهربون. العديد منهم غادر. آخرون يدرسون المغادرة. هل من الممكن أن دولة طبيعية تشجع الشباب على مغادرتها؟ هل من المعقول أنها تريد إعادتنا إلى القرن التاسع عشر؟ نعم. الإجابة هي نعم بعون الله. من يحتاج إلى الهاي تك؟ سيسأل الوزير الياهو، سنتدبر أمرنا دون طيارين، هكذا وعد عضو الكنيست، كرعي، الشعب، وهكذا قضى سموتريتش.
الاحتجاج أقوى من الحكومة. قوة الاحتجاج كحجم الخطر. كلما كان المحققون أخطر سيكون المتظاهرون أكثر يأسا.
يعتقد المحتجون أن الانتخابات هي مخرج معقول لهذا العار. ولكن لنفترض أنه سيكون هنالك انتخابات (غير مؤكد)، ماذا ستفعل الأقلية المتنورة إذا انتخبت الأغلبية في انتخابات نزيهة الدكتاتورية القومية المتطرفة – الدينية؟ ماذا ستفعل الأقلية المتنورة إذا قالت الأغلبية الغبية: لا يهمني. أعرف أن الحكومة فاشلة ونحن نتدهور إلى الهاوية، ولكن يوجد لدي اعتبارات خاصة، دينية ودينية وطنية. ماذا ستفعلون لي؟
وماذا حقا سنفعل إذا كان واضحا أنه لن يكون هنا ديمقراطية ولا محكمة تحميها ولا حراس عتبة للتحذير من العاصفة؟ ماذا سنفعل إذا أصبح واضحا أنه بعد قليل، حقا قريبا، لن نستطيع فعل شيء؟ هل سنعارض النتيجة فقط لأنها لا تروق لنا؟ نستطيع أن نغادر. أو أن نظهر قدرا كبير من التصميم وإسقاط النظام الذي يريد تغيير الدولة، بأكثر الطرق قانونية. إذا استسلمنا أو تراخينا فلن نتمكن من التغيير بعد الآن. لن نتكيف مع حياة تتعارض مع كل ما نؤمن به في حياتنا كلها. سنقاوم ولكنها لن تكون مقاومة شريك بل مقاومة أقلية مضطهدة. ستكون هذه مقاومة لحكم أجنبي، هذه ستكون حرب "الاستقلال" الثانية.

عن "هآرتس"