لم يمر شهر على الاجتياح "الإسرائيلي" الأكبر لمخيم جنين مُنذ 20 عاماً، حتى عاد الاحتلال للتلويح بما يُسميه "عملية عسكرية لا مفر منها في جنين". بذريعة إعادة بناء المقاومة لبنيتها التحتية؛ لكِن في حقيقية الأمر تكشف التهديدات "الإسرائيلية" عن فشل الحل الأمني في اجتثاث المقاومة الفلسطينية القائمة على حق الشعب الفلسطيني في استعاده حقوقه بالعودة لأرضه التي هُجر منها قسراً عام 1948 وإقامة دولته المستقلة عاصمتها القدس الشريف.
تلويح إسرائيلي.. عملية قصيرة في جنين
وبالعودة للتهديدات الإسرائيلية ضد جنين ومخيمها، تنقل صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن مصادر أمنية "إسرائيلية" قولها: "إنَّ العملية حال نُفذت فستكون لعدة ساعات قليلة بهدف إحباط البنية التحتية للخلايا المسلحة"، على حد زعمها.
وتُضيف الصحيفة: "رغم محاولات السلطة الفلسطينية للسيطرة على الوضع في جنين ومخيمها، إلا أنّه بالنسبة للجيش الإسرائيلي، فإنّه لا يُمكن أنّ يتم الاعتماد في القضايا الأمنية بشكل كامل على السلطة".
ويقول مسؤولون أمنيون إسرائيليون: "إنَّ هناك محاولة لعدم إلحاق ضرر بمحاولات السلطة الفلسطينية لبسط سيطرتها هناك، وهذا أمر يُمثل مصلحة إسرائيلية".
وأضاف المسؤولون: "لا يمكن إحباط الإرهاب بعملية واحدة، يجب دخول مخيم جنين للقيام بعمليات من حين لآخر، وإحباط محاولات تأسيس بنى جديدة، ولقد اقترب الوقت الذي سنضطر فيه إلى ذلك، ولكن بعملية قصيرة المدى مثلما حصل في مخيم نور شمس منذ أيام".
رغم فشلها.. إسرائيل تمارس خيار القوة
من جهته، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، أنَّ "حكومة إسرائيل الحالية لا تمتلك إلا سياسية واحدة هي سياسة القوة"، مُردفاً: "حالة الإحباط وخيبة الأمل التي تُخيم على إسرائيل، من نتائج العملية الأولي في 3 يوليو/ تموز الجاري، واستمرار المقاومة في إعادة بناء بنيتها التحتية حسب حديثها استخباراتها، دفعها لتلويح بهذا الخيار؛ رغم أنّه ثبت تاريخياً أنَّ خيار القوة لا يُحقق لها أي نتائج".
وقال منصور، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الضغط الذي يُمارسه المستوى السياسي متمثلاُ في بتسلإيل سموتريش وإيتمار بن غفير، من تحت الطاولة، عبر إشاعة جو عن محاربتهم لما يسمونه "الإرهاب"، ما يدفع نحو الحملات العسكرية المتلاحقة، الأمر الذي يُوفر مناخ لتمرير المخطط الاستيطاني لهم وحسم الصراع والتهجير بحق الشعب الفلسطيني الذي تُمارسه مليشيات المستوطنين".
استعادة قوة الردع
وبالحديث عن هدف "إسرائيل" من التلويح بشن عملية عسكرية جديدة ضد مخيم جنين في هذا التوقيت، أوضح منصور، أنَّ هدف "إٍسرائيل" ليس القضاء على المقاومة، بل إحداث تخريب كبير في البنية التحتية للمقاومة، وخلق حالة تجعل المقاومة في وضع دفاع وليس هجوم.
وأضاف: "وكذلك تقديم صورة لليمين أنَّ هذه الحكومة تُلاحق ما يُسمى "الإرهاب" -على حد زعمها-، من خلال ممارسة كل أشكال القمع والتنكيل؛ لكِن فعلياً دون تحقيق أيّ نتائج"، مُردفاً: "أكثر التقديرات تفاؤلاً حققت نتائج محدودة".
أما عن هروب حكومة نتنياهو من أزمتها الداخلية بسبب التعديلات الدستورية التي تُقوض من سلطة القضاء لحساب الحكومة؛ نحو شنّ عملية عسكرية في مخيم جنين وبقية مدن الضفة، قال منصور: "إنَّ الأزمة في إسرائيل أكبر وأعمق من أنّ تتحسن بعملية عسكرية هنا أو هناك، خاصةً بهذا الحجم المحدود، لكِن هذه العمليات تعكس روح وتوجهات وخطاب الحكومة القائم على العنف والعدوانية".
وخلص منصور، إلى أنَّ حكومة الاحتلال، تهدف من وراء شنّ عملياتها العسكرية، للقول إنَّ قوة الردع لا زالت مستمرة، وأنَّ الوضع الداخلي من احتجاجات وإضرابات، لن يؤثر على الجيش وأنّه يعمل بشكل طبيعي ضد المقاومة وغير متأثر بهذه الأجواء.