اجتماع القاهرة: حان الوقت لتغيير قواعد اللعبة

aac57ec2b3ab917b9541a226e90c25eb.jpeg
حجم الخط

بقلم مصطفى ابراهيم

 

 

 لا يمكن التصديق بسهولة أن الدعوة إلى عقد اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في القاهرة جاءت لإنهاء الانقسام الفلسطيني.

ولا يمكن التصديق أنه سيتم الاتفاق على وضع استراتيجية وطنية، في وقت يتم تجاهل  الشعب الفلسطيني والنظر  اليه  بازدراء وما يلحقه من أذى جراء التفرد والالتفاف على المقاومة.

التوجه الى القاهرة سيتم من من دون التحضير جيداً لإنجاح الاجتماع، واطلاع الفصائل الفلسطينية على جدول أعماله، والهدف الحقيقي من وراء عقده، ودوافعه الحقيقية.

هي محاولة خرقاء لتعريف الاجتماع على أنه لإنهاء الانقسام، واعلان التوافق الوطني على برنامج لمقاومة الاحتلال ومواجهة سياساته العنصرية.

ما يجري لا يتطلب اجتماعاً لإلقاء الخطابات والمطالبات والمناشدات، لكن الرئيس محمود عباس، كالعادة، أطلق دعوة للاجتماع من دون اجندة أو جدول اعمال، ولم يكشف عن ما ستتم مناقشته.

الدعوة للاجتماع ليست بريئة، فهي للحفاظ على سلطة يريدها الاحتلال وكيلاً أمنياً  لحرف الانتباه عن فشل وعجز القيادة عن اتخاذ خطوات لتعزيز المقاومة وحمايتها وحماية الفلسطينيين من ارهاب المستوطنين وجيش الاحتلال الاسرائيلي وجرائمهم، واستباحة المدن والقرى الفلسطينية.

ولا يزال المستوى السياسي والأمني الإسرائيلي ماض في قمع الشعب الفلسطيني، والعودة لضرب جنين وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية، والعمل بحرية لقتل الفلسطينيين واستكمال المشروع الصهيونى عبر  خطة الضم التي صممها وزير المستوطنات بتسلئيل سموترتش.

تمر الأيام والشهور بسرعة على أخطر حكومة يمينية فاشية وعنصرية تم تشكيلها في إسرائيل على الإطلاق، ولم يحن الوقت للقيادة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية لادراك خطورة المرحلة.

لا يمكن الذهاب إلى القاهرة من دون مراجعة.

مراجعة طبيعة السلطة الفلسطينية ودورها، واعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس كفاحية ديمقراطية.

مراجعة وطنية للبرامج والخطط والسياسات، بعدما أصبح النظام الفلسطيني نظاماً شمولياً مطلقاً تحت حكم الفرد.

مراجعة وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني وشعب سُلبت حريته، وتم تدمير مؤسساته القانونية والقضائية والتشريعية لصالح السلطة التنفيذية، والسيطرة على الشأن العام، وانكار حق الناس في المقاومة والدفاع عن أنفسهم.

وكذلك التغول على الحقوق والحريات وفرض القيود على المجتمع المدني، والاعتقالات السياسية، وتكميم الافواه بقمع حرية التعبير عن الرأي والتجمع السلمي، والمساواة بين الناس وعدم التمييز.

ومع الوقت فقد الشعب مجموعة الحقوق والقيم التي ظل يتمسك بها ويدافع عنها، على رغم محاولات القمع وسلب الحرية، من أجل  الصراع على النظام، الذي تسبب بالفعل في خسائر فادحة للمجتمع الفلسطيني، وشكل خطورة على هويته ومشروعه الوطني.

هناك خشية من أن تكون المحاولة الحالية لإملاء قواعد لعبة تحاول الولايات المتحدة ودولة الاحتلال تثبيتها للقضاء على المقاومة المشتعلة.

وعلى رغم أن إسرائيل منشغلة بأزمتها السياسية، إلا أن ائتلاف حكومة اليمين العنصري الفاشي والحريديم والمستوطنين، يزداد قوة وشراسة، وأكثر تهديداً من أي وقت مضى ويمتلك أغلبية، وقوة هائلة للأحزاب العنصرية التي تدعو  للتهجير القسري علناً.

ويدعو إلى توسيع المستوطنات في شكل مخيف، وتبييض البؤر الاستيطانية، وارتكاب المستوطنين المذابح ضد القرى الفلسطينية، بدعم من المستوى السياسي، واستمرار  الاقتحامات  العسكرية في المدن والقرى في الضفة الغربية، وتنفيذ الاعتقالات يومياً.

المطلوب سعي وعمل دؤوب من أجل إجماع وطني واسع، والتوقف عن سياسة  الانتظار  والفهم  أننا أمام  مجموعة من مجرمي الحرب من  قادة الاحتلال والمستوطنين، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، الذين قتلوا حل  الدولتين، ويرسخون نظام الفصل العنصري.

النظام السياسي الفلسطيني لا يمتلك التفويض الجماهيري والاخلاقي لتحديد مصير الشعب الفلسطيني، وحقه في المقاومة، وإعادة بناء النظام السياسي على أسس وطنية لمواجهة الاحتلال.

هذه قضايا مصيرية تتعلق بالقضية الفلسطينية ومستقبل الشعب الفلسطيني، واستمرار هذه الحالة والمواقف والشروط التي تُوضع، ستُلحق الضرر بالقضية الفلسطينية، أضرار فورية مدمرة، وأخرى طويلة الأجل، لا يمكننا أن نغمض أعيننا عنها.