جنون دولة الاحتلال الإسرائيلي، إزاء تصاعد المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، يدفعها لتحميل الجهات الفاعلة في دعم المقاومة المسؤولية عن هذا التصاعد؛ حيث التوليح الدائم بردٍ عسكري؛ في محاولة بائسة لاستعادة صورة الردع، وللخروج من أزماتها الداخلية المستعصية على الحل.
اجتماع المجلس الأمني المصغر للاحتلال المعروف باسم "الكابيت" أعطى الضوء الأخضر لتوجيه ضربة قوية للمقاومة؛ وهذه المرة التركيز على حماس، الأمر الذي خلق حالة من الترقب داخل الشارع الفلسطيني خاصةً في غزّة، خشية توجيه ضربة مباغتة أو حتى رد المقاومة على أيّ عملية اغتيال لقياداتها في الخارج.
بدورها، اتخذت عناصر المقاومة وقادتها، احتياطات أمنية مُشددة، وصعدت لغة التهديد للاحتلال في حال إقدامه على أيّ ضربة ضد قطاع غزّة.
ما سبق يطرح تساؤلات، عن ساحة وحجم الرد "الإسرائيلي" المتوقع، للتهرب من فشله في وقف سلسلة العمليات بالضفة، وهل يدخل حزب الله، ساحة المعركة حال تطورت المواجهة، وماذا عن الرد الإسرائيلي في الضفة؟.
الاحتلال يوجه أصابع الاتهام لغزة
بدوره، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، باسم أبو عطايا، أنَّ كافة المستويات داخل دولة الاحتلال العسكرية والسياسية والأمنية وحتى الإعلامية، تُحاول إيجاد مخرج للأزمة "الإسرائيلية" من خلال تحميل جهة مسؤولية عمليات المقاومة في الضفة، مُشيراً إلى أنَّ حكومة وجيش الاحتلال، يُحملان حركة حماس مسؤولية العمليات، كما كان في السابق يتم تحميل المسؤولية لحركة الجهاد الإسلامي.
وقال أبو عطايا، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الاحتلال يُحاول أنّ يجد جهة لإعادة حالة الردع والهيبة للجيش بعد سلسلة العمليات الأخيرة؛ خاصةً التي وقعت في مدينة الخليل، التي تعتبرها دولة الاحتلال مقر لحركة حماس؛ لذلك تحدثت بشكل واضح حتى أجهزتها الأمنية أنّه لابُد من الرد بشكل واضح على كل من يقف خلف تلك العمليات وكل من يُشجعها ويقوم بتمويلها، مع تحميل حركة حماس المسؤولية بشكل واضح".
وأضاف: "اجتماع الكابينت، أول أمس الثلاثاء، أرسل رسالة واضحة، بالعودة إلى سياسية الاغتيالات وتنفيذ عملية عسكرية، خصوصاً لقيادة حركة حماس، وتحديدًا صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي، وبالتالي كان المشكلة لدى الاحتلال هل الرد في الضفة أو غزّة أو الخارج، ولكن في كل الأحوال الاحتلال يتوقع أنّ تكون المعركة الحقيقية في غزّة".
ضوء أخضر لاغتيال قادة المقاومة
وأشار إلى أنَّ الاحتلال يُفكر في الذهاب لعملية عسكرية بغزّة، حيث تم خلال اجتماع الكابينت الأخير، تكليف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب يؤأف غالانت، وقائد الأركان هرتسي هاليفي، بوضع الخطط، ولديهم الضوء الأخضر لتنفيذ أيّ عملية دون الرجوع إلى الكابينت، بمعنى أنَّ قرار المواجهة موضوعاً فوق الطاولة وليس في الأدراج، ولو أتيحت الفرصة لاستخبارات الجيش والشاباك بالوصول إلى أيّ شخصية يُمكن اغتيالها في أيّ وقت.
وأوضح أنَّ الاحتلال، يتجه إلى أنّ يكون الرد خارج غزّة؛ ولكِن ذلك لا يعني أنّ الاحتلال لا يمكن أنّ يشن عملية عسكرية في غزة، فقد تحدث كثيراً عن اغتيال قيادات الجهاد في الخارج ثم كانت الضربة في غزّة، وبالتالي تنفيذ عمل في غزّة وارد جداً.
أي مواجهة عسكرية.. ستخدم نتنياهو داخلياً
وبالحديث عن استعداد إسرائيل للذهاب في مواجهة مع حزب الله في ضوء التلويح بردٍ قاسٍ على أيّ عملية اغتيال لقادة المقاومة الفلسطينية في لبنان، قال أبو عطايا: "إنَّ إسرائيل في اليوم التالي لعملية الخليل، قامت بضرب مطار دمشق وضرب شاحنة، بزعم أنّها تحمل أسلحة من إيران متجهة إلى لبنان؛ واتهمت إيران بتمويلها من أجل تنفيذ العمليات في الضفة".
وأردف: "تنفيذ عملية اغتيال ضد قادة المقاومة في غزّة، سيخدم نتنياهو، لكِنه لا يستطيع أنّ يتخذ القرار بنفسه، ويُريد أنّ تبدأ من خارج إسرائيل؛ لأنَّ الجميع يُدرك أنّه يتهرب من أزماته؛ لكِن إذا ما فُرضت المواجهة العسكرية يستطيع أنّ يفرض على الحكومة والمعارضة رغبته تحت عنوان (الدفاع عن الدولة)".
وأكمل: "تدخل حزب الله في المواجهة مع إسرائيل مستبعد، إلا في حال تم ضربه بشكل مباشر"، مُنوهاً في ذات الوقت إلى قدرة دولة الاحتلال في هذا التوقيت رغم كل أزماتها، على الدفاع عن نفسها وعليها أنّ تثبت ذلك.
غزة.. المرشح الأول للمواجهة العسكرية
وبشأن احتمالية ذهاب إسرائيل للرد في ساحة غزّة، باعتبارها الأقل تكلفة من ناحية الخسائر البشرية، رأى أبو عطايا، أنًَّ المرشح الأول للمواجهة العسكرية هو غزّة، حتى وإنًّ تمت عملية الاغتيال خارج غزّة؛ لأنه لا يمكن للمقاومة بغزّة وخصوصاً حماس الصمت إزاء اغتيال أحد قياداتها.
واستدرك: "بالتالي خيار الاستعداد للمواجهة مطروح على طاولة " الكابينت"، الذي يُريد قصقصة أجنحة حماس خصوصاً أنّها تعمل على تطوير قدراتها العسكرية؛ وبالتالي القيام بعملية عسكرية في غزّة أمر وارد".
كل إجراءات الاحتلال.. لن تُوقف المقاومة بالضفة
وحول كيفية تعامل "إسرائيل" مع اتهام إيران بإغراق الضفة بالأموال لدعم المقاومة، رأى أبو عطايا، أنَّ "الاحتلال يُحاول دائماً أنّ يجد الذرائع من أجل مواصلة عمليات القتل والاقتحام، فتارة يتحدث عن أسلحة مُهربة من الأردن وتارةً أخرى يتحدث عن أموال تأتي من إيران، وتارةً يتحدث عن أسلحة تُباع من مخازن الجيش الإسرائيلي نفسه".
وتابع: "بالتالي فإنَّ المبررات واضحة، فالاحتلال سيستمر في التصعيد ضد الفلسطينيين بالضفة، وسيعمل على تجديد الإجراءات الخاصة بنقل الأموال عبر المؤسسات والجمعيات والأفراد، وكذلك سيعمل على زيادة عمليات الاقتحام والقتل والاغتيال".
وخلص أبو عطايا في ختام حديثه، إلى أنَّ الاحتلال حاول بكل قوة أنّ يُوقف العمليات بالضفة، لكِنه في كل مرة يفشل والمعركة متواصلة وقد تهدأ تارة ثم تعود إلى جذوتها؛ ما يعني أنَّ يعلم بأنَّ كل ما يقوم به لن يمنع المقاومة بشكل نهائي؛ خصوصاً في هذا التوقيت الذي أصبحت فيه المقاومة ثقافة ولها حاضنة شعبية كبيرة.