حرب لايمكن تسويقها

10394779_891402687550499_4689836565126282192_n
حجم الخط

بقلم: بقلم ماهرابوطير
علينا ان نتوقع بعد قليل معلومات عن تدفق قوات ايرانية وروسية الى سوريا، استعدادا لاحتمال التدخل العسكري في سورية من جانب الولايات المتحدة وسلسلة قوى عربية واسلامية، فالمنطقة على مشارف انفجار حرب كبرى، لم يستطع احد حتى الان تجنبها كليا.

السوريون الذين استدعوا اساسا قوات روسية وايرانية وقوات حزب الله، يقولون ان كل هذه القوات موجودة بناء على طلب دمشق الرسمية التي مازالت معتمدة دوليا، وليس أدل على ذلك من الاعتراف بها، للتفاوض مع المعارضة، فيما تدفق قوات عبر تركيا او الاردن، او اي موقع آخر سيجري دون موافقة دمشق الرسمية.

هذا يفسر تهديدات دمشق الرسمية، ضد القوات التي قد تدخل الارض السورية، وفي ظاهر الصورة، فأن الجيش السوري منهك، وغير قادر اساسا على مواجهة جيوش عربية واسلامية ودولية، فما الذي سيفعله اذا لمواجهة هذا التدفق، باعتباره بنظر السوريين نوعا من انواع الاحتلال؟!. سؤال مهم، وعلينا ان نعترف هنا، ان الحرب على داعش، عنوان من عناوين التدخل العسكري البري، لكن هناك عناوين اعمق واخطر، قد تدفع باتجاه هذا التدخل، اي الرغبة بشطر الهلال الشيعي، وتحطيم المعسكر الروسي الايراني، وتجلياته سواء في سورية، او حتى في اليمن، ومواقع اخرى.

معنى الكلام ان الرد على التدخل سيأتي من جانب المعسكر الذي يعرف ان رأسه هو المطلوب، وليس من الغريب اذن اذا تأكد لهؤلاء ان سيناريو التدخل العسكري بات شبه مؤكد، ان يتم استباقه بتعزيز للقوات الايرانية عبر تدفق من العراق الى سورية، وتعزيز القوات الروسية بوسائل مختلفة، فنحن امام انتقال للحرب من حروب الوكالة الى الحروب المباشرة، بين الفرقاء، دون وسطاء في المنتصف. غير ان هناك تداعيات يتوجب حسابها جيدا، اقلها وضع المدنيين السوريين، لاننا قد نرى في حالة التدخل العسكري والمواجهة المباشر، تدفقا لملايين السوريين من جديد الى دول الجوار، هروبا من الوضع، وهذا يعني ان تركيا ولبنان والاردن، وربما العراق بانتظار موجات كبيرة من السوريين. يضاف الى ما سبق، ان امكانية الفصل بين داعش وغيرها من تنظيمات، امر قد يبدو صعبا في ساحة متحركة، اذ كيف ستتمكن هذه القوات من الفصل بين كل هؤلاء، وانتقاء اهدافها بريا، فيما تواجه في ذات اللحظة قوات سورية وايرانية وروسية، وقوات من حزب الله، مما يؤشر على ان المشهد المتشابك، سيكون الاخطر على صعيد الازمة السورية، كما ان اشتباك هذه الاطراف معا، سيكون شبه مؤكد، مما سيعيد تعريف الحرب، من حرب ضد الارهاب الى حروب بين دول وعواصم لكن في ساحة تم اختيارها باعتبارها ساحة ملاكمة بديلة.

في حالات يقول مراقبون ان اشهار دافع الحرب الاساسي، خير من استعمال اسم مستعار «داعش» لهذه الحرب، لان الحرب ضد داعش قد لا تحظى بقبول شعبي في دول كثيرة، لاعتبارات تتعلق بالتباس المشهد فقط، وقد يكون اعلان الحرب تحت عنوان الخلاص من النظام السوري وتحرير السوريين، قبول اكبر عند بعض شعوب المنطقة.

هذا يقول ان احد التداعيات الاخرى للحرب، عدم القدرة على تسويقها شعبيا، والحاجة الى مبررات مقنعة، لاقناع الناس بها، خصوصا، مع نسبة الخسائر التي قد تترتب على هذه الحرب على صعيد البشر، وهي كلف ترفضها شعوب كثيرة في الاقليم. ان نشوب مثل هذه الحرب، يقول من جهة اخرى انها حرب بلا سقوف زمنية، اذ لن تنتهي سريعا، وستؤدي الى كلف مرتفعة جدا، على كل دول الاقليم، سياسيا وامنيا واقتصاديا، اضافة الى اخطار التقسيم، وغير ذلك من احتمالات.

اكثر من ثلاث مناورات عسكرية كبرى تجري هذا العام في وقت متقارب، وهي مناورات، غير مسبوقة وتؤشر على استعداد العالم لوضع مقبل على الطريق، سيؤدي في المحصلة الى اعادة رسم الخرائط، واعادة توزيع النفوذ بشكل جديد، بين محاور قيد الانشاء في هذا العالم، او محاور قائمة اصلا.

سورية، ستكون سببا في جر المنطقة والعالم، الى حرب كبرى، وكل محاولات جدولة هذه النتيجة، تبوء بالفشل، فلا احد يحب الحرب، لكنها حرب لا يمكن تجنبها نهاية المطاف.