نشرت صحيفة يديعوت مقالا للكاتب يوعز هندل يقول فيه من يريد التعايش بين اليهود والعرب؟ الجواب على ذلك بات غامضا في العقد السابع لدولة اسرائيل. قلة في اليمين يؤمنون برؤيا جابوتنسكي عن ضفتين للاردن، "حيث تكون السعادة والرفاه لابن العربي ، ابن المسيحي، وابني". وبالتأكيد ليس اولئك الذين يحملون اسم بيتار (فريق كرة القدم) على رؤوس الاشهاد. قلة في اليسار يؤمنون بالتعايش، والا لكانوا تعاملوا مع العرب كمواطنين وليس كدائرة علاجية يتعين احتواؤها.
وإلا لما كانوا تصرفوا برقة الاسياد وتنازلوا عن واجبات المواطنة، ومن هنا أيضا عن إحساس الانتماء.
أنا مع التعايش اليهودي والعربي ليس كجزء من حلم او قصيدة جون لينون، بل لانه لا توجد امكانية اخرى. نحن هنا كاغلبية في الدولة القومية الديمقراطية التي بنتها الصهيونية، وهم هنا كأقلية – ولا توجد عصا سحرية تغيّر هذا. النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني ليس مرتبطا بالسياسة في "المناطق"، وهو ينتقل احيانا ليصل ايضا الى النقب والجليل، يتسلل الى جمهور عربي غفير يجلس ممثلوه في الكنيست.
وبالذات لاني مع التعايش فانني اؤيد كل قانون يكافح ضد نواب التجمع، كفاحا ثابتا وصلبا بكل الوسائل القانونية من اجل ابعادهم عن وعاء اللحم وكاميرات التلفاز. لماذا؟ لانهم خطر على الحياة المشتركة.
غير أن الدولة تعلق هناك في جدال مفتعل. فمراجعة اليومين الاخيرين في بعض صفحات الرأي من قبل اليسار يخلق احساسا بان هذا نوع من الاضطهاد العنصري. اسرائيل ضد العرب. الكنيست ضد زعبي، غطاس، وزحالقة. من يؤطر القصة هكذا فانه لا يريد ان يتصدى للواقع الصعب، بل يريد أن يخفيه.
لا يريد ان يتصدى لمن يقف خلف الزيارة لعائلات "المخربين" الفلسطينيين، خلف المشاركة في الاساطيل، أو المحاضرات المناهضة لاسرائيل في حركة الـ بي.دي.اس. السنة هي 2016، ولكن لدى اعضاء التجمع الساعة عالقة في العام 1948. هذه الحقيقة التي لا يسمح من يتجاهلها للتعايش بالنجاة.
فالحرب التي يخوضونها هي على الارض، على الهوية الوطنية، على الانتصار الكبير لليهود الذين احتلوا وبقوا على قيد الحياة بدلا من أن يلقى بهم الى البحر مثلما وعد زعماء الدول العربية.
إسرائيل تقدمت، أما هم فعلقوا في نفق الزمن. هذا بالضبط السبب الذي يجعل الكفاح ضد القومية العربية المتطرفة ضروريا، وليس وسيلة لاضطهاد النواب العرب بل لاضطهاد التعايش. فمن ينزع الشرعية عن الزعبي يخلق حرب يأجوج ومأجوج في دولة إسرائيل. للعودة الى امكانية الثورة في النقب وفي الجليل، للهروب، للابعاد ولجملة اخرى من الحلول الحربية كبديل عن التعايش.
الزعبي وغطاس (المسيحي) وقفا اثناء قراءة "الفاتحة" لأنهما جزء من الحرب. لديهما طرف، وهو ليس طرف من يؤيدون اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية حيث "تكون السعادة لابن العربي، ابن المسيحي وابني".
فهما مع الدمار القائم. ومن هو مع التعايش، ولا يهم ما هي اسبابه، ملزم بان يكافح ضدهما كي يجعل "عرب اسرائيل" جزءا من النسيج الاسرائيلي. من اجل التقدم في مسيرة الاندماج الكامل التي تكون فيها حقوق وواجبات. هوية اسرائيلية. ان من هو مع التعايش لا يمكنه أن يستطيب موقفا قوميا "متطرفا" ضد دولة اسرائيل، تضامناً مع عدو يذبح المواطنين.
من هو مع التعايش لا يمكنه ان يوافق على الا يؤدي قسم من المواطنين واجب الخدمة الوطنية (هكذا ايضا للأصوليين) وان كانت الخدمة جزءاً من عملية بلورة الهوية. ان من هو مع التعايش لا يقدم تخفيضات في الاسعار لباقي اعضاء "القائمة المشتركة" بدعوى ان لا بديل لهم. ان من هو مع التعايش يقاتل. يقاتل ضد العنصرية لدى اليهود، لديه في الساحة الخلفية، وهو يقاتل النزعة القومية العربية "المتطرفة"، وتضامُن النواب العرب مع العدو، في محاولة لتمزيق الحبل. وهو يفعل كل ما هو ممكن لان الامكانية الاخرى مصيبة.