الرسمية الفلسطينية ..إدمان على لدغ "الأفعى الأمريكية" ولقاء الرياض!

23_1544885257_5130.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 بعد انقطاع طويل، اتصل وزير الخارجية بلينكن مساء يوم 4 سبتمبر 2023، مع الرئيس محمود عباس عشية ذهاب وفد فلسطيني الى الرياض، مع وجود مبعوث إدارة بايدن بحثا لعلاقات سعودية ـ إسرائيلية، فيما بات يعرف بـ "صفقة التطبيع".

بالتأكيد، لم يكن اتصال الأمريكي رفضا لجرائم حرب يومية ترتكبها دولة الكيان الاحلالي قوات وفرق إرهابية ضد أهل فلسطين، ولا لدعوات فاشية يطلقها جملة من وزراء تحالف حكومة لم يعد خطرا على الفلسطيني فحسب، بل بات خطرا على "اليهودي" ذاته.

وقطعا لم يكن لإدانة لعمليات ضم وتوسع استيطاني في الضفة والقدس، تجري بشكل ممنهج ضمن خطة تهويد أرض دولة فلسطين العضو بالأمم المتحدة رقم 194، باعتبار ما تقوم به سلطات دولة الاحتلال، مخالفا كليا للشرعية الدولية ويجب وقفها.

ولا يمكن لعاقل، أن يتوقع بأن بلينكن، ناقش مع الرئيس عباس مقتضيات سبل توفير "الحماية الدولية" للشعب الفلسطيني وفق البند السابع أو شبيه المقارب، لوضع حد لآخر احتلال في الكوكب الأرضي، ما كان له ان يبقى دون غطاء شامل من إدارة بايدن.

ودون أن يرهق المواطن عقله كثيرا، ليدرك جوهر الطلبات الأمريكية من الرئيس عباس، كيفية "التعامل الايجابي جدا"، وعدم وضع العراقيل أمام مسار قاطرة "التطبيع السعودي – الإسرائيلي"، وعليه فقط أن يعلن ترحيبا، وأن لم يؤيد صراحة، بما سيقدمه مندوب واشنطن في الرياض حول "ثمن ما مقابل موافقة ما".

بالطبع، لم يعد هناك "أسرارا كبيرة" تقف خلف "الرشوى الأمريكية" التي ستقدم للرسمية الفلسطينية مقابل "عدم الممانعة" على "الصفقة الذهبية" التي تعمل من أجلها، ليس من أجل تطبيعا مع دولة الكيان فحسب، بل لتأكيد أنها لا تزال دولة المفتاح للقضايا المركزية في المنطقة، بعدما تمكن التحالف الروسي الصيني الجديد بوضع قواعد جديدة للعلاقات الدولية وسحب بساط "القطب الواحد"، وما سيكون لاحقا من بناء تحالف عالمي لا يقف عند تعددية سياسية بل كسر ظهر الهيمنة الاستعمارية الاقتصادية، وخاصة الدولار التي سادت بعد الحرب العالمية الثانية.

أمريكا، تلهث خلف صفقة التطبيع كجزء من اثبات أنها القوة المركزية في المنطقة، وبوابتها الدائمة إسرائيل، ولذا تعمل بكل ما لها من "بقايا تأثر" لصناعة الصفقة التي لو تمت بشروطها، ستكون نهاية مرحلة فلسطينية كاملة، وتأجيل الى زمن غير معلوم لهدف الاستقلالية الوطنية، وتكريس "التبعية السياسية" ضمن مشروع تقاسم جديد.

وكي لا يقال بعض " اللاهثين" أو "المستحدثين" في العمل السياسي العام، بأن الأمر مرتبط بموقف خاص ضد أمريكا بصفتها أمريكا، ورغم أحقية ذلك كليا، لكن سنعيد التذكير بالمسار التاريخي للإدارات المتلاحقة، مع عهد الرئيس عباس، ولن نعود لما قبله كي لا يفتح بعضهم ملف "حقدا" على عهد الخالد المؤسس ياسر عرفات.

- ربما، لا زال الرئيس عباس، يتذكر الموقف الأمريكي من مفاوضات أوسلو وتوقيع اتفاق "إعلان المبادئ"، ولاحقا مفاوضات طابا 1993 – 1994، وما تلاها مفاوضات "الاتفاق الانتقالي"، 1994 – 1995، بأن واشنطن رفضت كليا التعامل مع ذلك المسار، لا متابعة ولا مشاركة، ورأته تدميرا لمسارها الخاص لتشكيل "بديل مواز" لمنظمة التحرير وشطب تمثيلها الموحد.

- ربما لا زال الرئيس عباس، وبعض من حوله "خلية خاصة جدا"، بأن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، أعلن يونيو 2002، خلال حرب باراك شارون لتدمير الكيانية الوطنية الأولى فوق أرض فلسطين، ما عرف بمبادرته "حل الدولتين"، التي اشترط لتنفيذها وجود "قيادة فلسطينية" غير ياسر عرفات، وفرض منصب رئيس حكومة وتغيير النظام الأساسي للسلطة الفلسطينية، رغم أن دولة الكيان كانت ترفض القيام بأي خطوة تمس موضوعات الحل النهائي (الحل الدائم كي لا يصاب اليهودي بلينكن بحساسية التعبير)، وكان لهم ما خططوا باغتيال الخالد، ثم انتخاب الشخصية التي أعلنوا قبولها بل والترحيب بها جدا رئيسا للسلطة الفلسطينية...

السؤال، ماذا قدمت أمريكا للرئيس عباس والسلطة الفلسطينية منذ تحقيق رغبتها بإزاحة الخالد من المشهد، وانتخاب قيادة اعتبرها بوش الابن ورئيس حكومة الكيان في حينه شارون بأنها "قيادة تاريخية" للشعب الفلسطيني.

ليت الرئيس عباس يعيد قراءة كل ما كان منذ عام 2005 وحتى تاريخه، دون أن يغفل لحظة كيف فرضوا عليه انتخابات انقسامية وطنية، دون شرطا واحدا مما بدأت لاحقا تطالب به من حركة حماس، ويمكنه الاتصال بـ "الصديق القطري" ليعلمه تفاصيل صناعة مسرحية إشراك الحركة الإسلاموية في النظام دون "شروط مسبقة"، لكنها بدأت تطلبها بعدما حققت لها هدفها المركزي.

ليت الرئيس يتذكر ما فعلته أمريكا معه هو، وليس غيره، تدفعه للتفكير طويلا قبل أن يذهب لمسار جديد يتم هندسته بصناعة مشروع سياسي جديد ينهي كليا، والى زمن بعيد مشروع دولة فلسطين فوق أرض فلسطين وفقا لقرار الأمم المتحدة 19/67 لعام 2012، وما تلاها من قرارات داعمة، وما سيليها، خاصة قرار محكمة العدل الدولية حول ماهية الاحتلال.

ولأن مفاوضات "عدم الممانعة الفلسطينية" لصفقة التطبيع الذهبية، سيكون جوهرها مع المبعوث الأمريكي وليس وفد الرياض الرسمي، فليختبر الرئيس عباس إدارة بايدن بما يلي:

*الاعتراف المبدئي بقرار الأمم المتحدة 19/67 لعام 2012.

*الاعتراف اللاحق بنتائج قرار محكمة العدل الدولية حول ماهية الاحتلال، وعدم القيام بأي خطوات تشكل إعاقة لتنفيذه.

*وقف الفيتو الأمريكي حول مسار محكمة الجنائية الدولية التي تنظر في جرائم حرب دولة الكيان، فإن لم تؤيدها فلا تقف عائقا أمامها.

*إعادة أمريكا تأكيد موقفها من قرار مجلس الأمن رقم 2334 حول الاستيطان.

*اعتراف أمريكا بمنظمة التحرير وإعادة فتح مكتبها في واشنطن.

*تعهد أمريكي بعدم استخدام حق النقض في مجلس الأمن عند بحث توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في الأمم المتحدة وفق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

هل يمكن كتابة وثيقة بتلك المبادئ العامة، التي لا يوجد بها ما يمكن اعتباره خرق للقانون الأمريكي أو الأممي.. دونها ستكون الرسمية الفلسطينية قبلت ان تلدغ برضاها من "الأفعى الأمريكي"، كاسرة مبدأ "أن المؤمن الوطني لا يلدغ من الجحر ذاته مرتين".

ملاحظة: ما حدث من جريمة كبرى نفذتها قوات الاحتلال في مدينة الخليل ضد فارسات فلسطينينات بإجبارهن على خلع ملابسهن والسير عاريات أمام جنود المحتل.. لا يجب لها أن تمر مرورا عابرا يا رسمية وفصائل..لازم الرئيس عباس بشخصه يتحرك لو لسه فيكم كرامة وطنية.

تنويه خاص: نشرت وكالة "وفا" نص مكالمة الرئيس عباس مع الوزير الأمريكاني...الصراحة كلها كانت قال الرئيس..وما شفنا شو قال الأمريكاني..مع انه اللي طالب مش الرئيس..معقول كان اتصال لسماع صوت الرئيس وبس.. ليش لا فبلينكن يهودي وبحب الغناء العربي.