في ظل تزايد الشكاوى على البعض

تساؤلات يجيب عنها الأهل والطلاب: هل فعلاً هناك فجوة بين المُعلم والطالب؟!

الطالب والمعلم غزة
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - مارلين أبو عون

من جيلٍ إلى جيل يتوارث الطلاب بيت شعرٍ مشهور يؤمنون به كل الإيمان، يقول في مطلعه "قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أنّ يكون رسولا"، ونظراً لمكانة المعلم في الدين الإسلامي فقد خصه الله في منزلة الشهداء والصديقين، كيف لا وهو الذي يخرج من بين يديه كل عام أجيال واعدة تبني الوطن والأمة بأكملها، فمن بين يديه يتخرج المحامي والطبيب والمهندس والإعلامي وغيرهم ممن يُساهمون في بناء المجتمعات.

وفي كل سنة تطفو على السطح مجموعة من المشكلات التي أحياناً تتعلق بسلوكيات الطالب مع أقرانه أو معلمه فيسارع الجميع إلى حل تلك المشكلة وتوعية الطالب بأهمية المعلم ودوره الذي لا يقل أهمية عن دور الأب في البيت، ولكِن هذا العام الدراسي ازدادت الشكاوى حول المعلمين من قبل طلابهم وخصوصاً في المرحلة الإبتدائية وهو السن الذي يتطلب من المعلم أنّ يكون أكثر صبراً وتحملاً ووعياً وإدراكاً لجميع المشاكل النفسية والأسرية والاجتماعية التي يواجهها الطالب ومنها ينطلق بتوعيته وتقويمه ومساعدته على تجاوز العراقيل والتعلم بشكل سليم وبسيط.

وللأسف بعض المعلمين يلجؤون في كثير من الأحيان لتعنيف الطالب وإتباع أساليب من شأنها أنّ تُساههم في تفاقم المشكلة لدى الطالب، وربما يزيد في عناده وتأخره الدراسي، ومن بعض تلك الأساليب عدم سماع رأي الطالب أو قذف كتابه في الهواء بسبب تأخره في نقل كتابة المعلومة عن السبورة وفي بعض الأحيان تلجأ بعض المعلمات لأسلوب "القرص" وهو الضغط بكلتا أصبعي السبابة والإبهام على أيّ منطقة في وجه أو جسم الطفل بصورة موجعة فيبكي الطفل أو يكتم غضبه.

"معلمة بنتي بتقرص وبتشتم الطلاب"

"أم تالين"، تقول: "عندي ثلاث أولاد في المرحلة الإبتدائية، شاطرين بس بيحبوا الحركة كتير وبيحبوا اللعب والتنطنط في المكان ، كانوا بيستنوا السنة تبدا مشان ملوا في البيت وحابين يرجعوا لأصحابهم ودروسهم ، وأول يوم بدأت فيه المدرسة روحت تالين وهي بتبكي وبتطلب مني أنقلها من صفها لصف تاني بعيد عن معلمتها الجديدة".

وتُضيف في حديثها لمراسلة "خبر": "لما سألت بنتي ليه بدك تنقلي من صفك وشو عملت لكي المعلمة، قالت لي إنها عصبية وبتضلها تغلط عليهم بألفاظ متل إنتي غبية، صوحة، عميا، غير إنها طول الوقت بتلف بين الطلاب وأي طالب ما بينتبه أو بيشاغب أو ما بيسمع الكلام بتقرصه من رقبته أو ايده أو وجهه".

وتابعت: "أنا وصيت بنتي انها تنتبه للمعلمة، وما تخليها تعصب فأكيد هي ما راح تسبها أو تقرصها وخصوصاً إنه المعلمة في أول يوم وما بتعرف مستوى الطلاب أو حتى أسماءهم، وبنتي سمعت كلامي وصارت تنتبه أكتر وما تحكي مع الي حواليها مش لأنه سمعت كلامي وبس، لا لأنها كانت خايفة كتير من معلمتها الي طول الوقت بتصرخ جوة الفصل، فاضطريت أحكي معها على الواتساب وفهمتها وفهمت منها ووصيتها أن لا تتبع أسلوب القرص مع الطلاب خصوصاً إنهم أطفال يتأثروا بهيك أساليب وألفاظ، وهي وعدتني إنه تاخد بالها من تالين، وللأسف ما فيش يومين إلا ورجعت حليمة لعادتها القديمة، ولا تغيرت ولابدها تتغير، صارت تالين كل يوم ترجع من مدرستها تحكيلي عن أساليب وتصرفات بتتبعها معهم غير الإهانات والخبط بطرف المسطرة على أيديهم والقرص".

"معلمين محتاجين تأهيل قبل الطالب"

"أبو سليمان" وهو والد أحد الطلاب الذين تعبوا من شكاوى أولاده في المرحلتين الإعدادية والإبتدائية، يقول لمراسلة "خبر": "أنا بصراحة كبيرة مللت من شكاوى أولادي في كل سنة، فكلما ظننت أنني انتهيت من معاناتي في هذا الموضوع حتى يبدأ عام دراسي جديد بمعلمين جُدد، إما يتم توظيفهم لأول مرة ولا يكون لهم أيّ خبرة في تدريس الطلاب، أو يتم تخصيص مُعلمين عنيفين لأولادي وكل يوم لا أرتاح من الشكاوى التي مللت من سماعها من الطرفين".

ويُتابع: "صحيح هناك بعض المُدرسين الأكفاء والذين يُحبهم الأهل قبل الطلبة، لما لهم من سيرة حسنة ومعاملة جميلة مع الجميع يكفي وجههم البشوش الذي يُدخل الارتياح على النفس، إلا أنَّ هناك آخرين يُنغصون علينا وعلى أبنائنا العام الدراسي بأكمله، فتارةً يضربون أولادنا على سبب تافه أو بدون سبب، وأذكر في مرة من المرات عاد ابني (في الصف التاسع) إلى المنزل وكان يكتم غضبه فأخبرني أن المعلم قام بضرب صديقه المقرب بعصا رفيعة تُسمى بـ(الخرزانة) وقام بضربه بدون رحمة حتى أنه لم ينتبه أنَّ العصا استقرت على وجه الطالب ودخل جزء منها في عينيه، فتم أخذه على المستشفى بعدها مباشرة حين أصبحت الدماء تنزف من عينه وعلمت بعدها أن الطالب فقد عينه اليمنى، وحدثت مشكلات وجاء أهله للمدرسة يريدون حرق المُدرس وتم تشكيل لجنة تحقيق مع المُدرس وتم فصله ومعاقبته ولكن بعد ماذا ؟بعد أن فقد الطالب المسكين عينه ؟؟ تساءلت بعدها ترى ما هو السبب الذي يجعل المعلم يقوم بضرب الطالب بهذه القسوة ويتسبب في فقدانه البصر بعينه اليمنى؟".  

ووجه أبو سليمان رسالته للمنظومة التعليمية ككل بدءًا من مكتب وزير التربية والتعليم وانتهاءً بآخر موظف في المدرسة، بأنّ يتقوا الله في الأمانة الموكلين بتأديتها، وضرورة عمل ورشات وجلسات دعم نفسي للمُدرسين قبل الطلاب لكي لا تتكرر الحوادث المؤسفة.

"بلسم على الجرح"

الطالبة باسمة عوض الله، تقول: "الحمد لله الهيئة التدريسية في مدرستي بلسم يُوضع على الجرح يبرد، يحبون الطالبات ويتفهموننا في جميع الظروف ويستمعون لمشاكلنا، حتى أن بعض المُدرسين يطلبون من الطلبة الذين لم يستطيعوا أن يفهموا الدرس جيدا في الفصل أن يذهبوا إلى غرفة المُدرسين والمُدرسات في وفت الراحة ليقوموا بشرحه مرة أخرى".

وتُتابع: "للأسف بعض الطالبات يأتين للمدرسة ليس بهدف الدراسة، فبعضهن يتمنين أنّ يأتيهن العريس و(يتستتن) في المنازل، فتراهن طيلة الحصة والمُعلم يشرح الدرس تكون هي وزميلاتها في عالم آخر، فتراهن يتهامسن بينهما في مواضيع خارجية ويضحكن، وعند انتهاء الحصة يقلن إنهن لم يفهمن ما تم شرحه، وترى أخريات يرفعن أصواتهن في وجه المُدرسين ويجادلنهم بمواضع كثيرة فيشتد الخلاف ويصل حتى توجيه تحذير للطالبة واستدعاء ولي أمرها".