أكّد الأكاديمي والباحث في الشأن المقدسي، محمد هلسة، على أنَّ افتتاح سلطات الاحتلال، نفق جديد يمتد من ساحة البراق إلى القصور الأموية الملاصقة للسور الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك، يأتي بهدف تغيير الواقع الراهن في المسجد الأقصى لصالح الرواية التلمودية وتحويله ولو بشكل مؤقت من مُقدس مشترك إسلامي يهودي إلى مقدس يهودي مُطلق.
دعم رسمي "إسرائيلي" لجماعات الهيكل
وقال هلسة، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ حجم الهجمة الإسرائيلية من جماعات الهيكل والتي كان آخرها "جماعات جبل موريا"، تسعى إلى الضغط على جهاز الشرطة، ربما بإيعاز من المتطرف ايتمار بن غفير؛ لذلك يُترك المجال لهذه الجماعات الاستيطانية لاقتحام الأقصى فوق الأرض وتنفيذ الحفريات أسفله".
وحذّر من أنَّ ما يجري أسفل المسجد الأقصى لا يختلف كثيراً عما يجري على أرضه من اقتحامات وانتهاكات لحرمته، والتي تأتي لخدمة الغرض النهائي، للإعلان عن خطوتها الجريئة تجاه المكان المقدس لمليار و200 مسلم؛ لذلك لا نستغرب افتتاح هذا النفق وغيره من الأنفاق الغير معروفة.
واستغرب إعلان دولة الاحتلال عن افتتاح مزيد من الأنفاق في الوقت الذي تتحدث فيه عن التطبيع مع السعودية التي هي رأس الحربة في العالم الإسلامي السني والمدافعة عن الحقوق العربية والإسلامية، مُستدركاً: "هناك وقاحة وجرأة تجاه الرموز الإسلامية للمسجد الأقصى بما له من مكانة شعبية ودينية".
ويحتوي النفق على تهويدٍ واضحٍ لمعالم المدينة ومحيط المسجد الأقصى، وترويجٍ لما يسمى "الهيكل" المزعوم.
وسيكون العبور من النفق، من خلال باب المغاربة في بلدة سلوان، ثم لساحة البراق وبعدها يتوجه للجهة اليمنى فيجد مدخل النفق الذي يمتد نحو 200 متر وارتفاعه 15 متراً، في حين ستكون نهايته في القصور الأموية مقابل المصلى القبلي من خارج سور المسجد الأقصى.
ويفضي المتحف إلى معرض صور يزعم أنه تاريخ مدينة القدس، ويدّعي أن الأقصى القديم كان ممراً "للهيكل" المزعوم، كما يعرض صورة توضح وضع القرابين في مسجد قبة الصخرة، وبعدها المرور عبر طريق داود، وفق روايتهم ويتخلل الجولة داخل النفق إلى عرض لفيلم بثلاث لغات، العربية والانجليزية والعبرية، يروج "للهيكل" المزعوم، ويلمح إلى وجود كنيسة مسيحية حول مسجد قبة الصخرة.
وكانت الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، قد أكّدت على أنَّ سلطات الاحتلال ماضية بمخططاتها الاستراتيجية التهويدية للمسجد الأقصى والقدس.
الأنفاق.. فرصة لخدمة جماعات الهيكل
وحول إذا كان ما يجري أسفل الأقصى يُسهل لما يُسمى الهيكل المزعوم ويُروج له، رأى هلسة، أنَّ "هذه الحفريات أسفل الأقصى تضر وتدمر أساسيات المكان؛ لذلك هذه فرصة بالنسبة لجماعات الهيكل لخدمة روايتها، أنَّ الطبيعة فعلت فعلتها في حال تضررها بأيّ وقت من شبكة الأنفاق أسفله؛ وبالتالي خدمة الرواية والرغبة الإسرائيلية بتحويل المكان من إسلامي خالص إلى توراتي يهودي".
وأضاف: "الحفريات في إطار مسعى إسرائيلي لإثبات الرواية، وربما غداً، عندما تعمل الأنفاق على انهيارها، تقول هذه الجماعات قد وجدنا أنفاق، وهي جزء من الهيكل، وبالتالي الزعم بأنَّ لهم تاريخ وموطئ قدم، وتعزيز الادعاء بأنَّ لهم تاريخ".
طقوس القرابين ربط وجداني بالأقصى
أما عن محاولات إدخال القرابين الحيوانية والنباتية للأقصى والتي من المتوقع أنّ تبلغ ذروتها في شهر كانون الثاني، بذبح البقرات الخمس على أبواب الأقصى، قال هلسة: "إنَّ ما يجري مقدمة صريحة بأنَّ الأمر في المسجد الأقصى بات قاب قوسين أو أدني، بالنسبة للإسرائيلي".
وأكمل: "الموقف الرسمي والشعبي في مصلحتهم، لكِن هل حانت اللحظة التاريخية عربياً وفلسطينياً ودولياً لأنّ تخطو إسرائيل هذه الخطوة القاسية"، مُردفاً: "هذا الأمر موضع دراسة في إسرائيل، وذلك في إطار التطبيع وانهيار الجدران العربية واحدة تلو الأخرى، من خلال الإعلان عن الأمر علانيةً".
وختم هلسة حديثه، بالتأكيد على أنَّ قضايا الطقوس والإجراءات التي تقوم بها جماعات الهيكل، هي إجراءات تعويضية روحية نفسية عن اللحظة التاريخية التي تسمح لهم مكانياً بالدخول للأقصى؛ وذلك حتى لا يبقى هناك فراغ في الشعور لدى الإسرائيليين مع الحيز الجغرافي المدعي بأنّه مكان يهودي؛ لكي يبقى حاضر في الذهن والوجدان الإسرائيلي إلى حين التحضير للحظة تكون قد طوعت الوجدان العربي لتقبل الوجود اليهودي في المكان الإسلامي المقدس لهم، وهو المسجد الأقصى".