كتب باسل القيشاوي
15-3-2023
لم يمضِ على وجود الثلاثيني محمود أبو عودة في اليونان 8 أشهر حتى حزم حقيبته وعاد إلى مطار القاهرة ثم إلى مسقط رأسه قطاع غزة، بعد رحلة هجرة كلفته خمسة آلاف دولار أمريكي.
وإلى جانب أبو عودة رصد تقرير عودة عائلات وشباب يقدر عددهم بالعشرات من الدول الأوروبية بعد عدم قدرتهم على الاندماج مع المجتمعات الخارجية، بسبب تعذر تقديم إقامة وجنسيات لهم من الدول المستقبلة لهم.
وتقدر مصادر من بلجيكا الدولة الأكثر استقبالاً للمهاجرين الفلسطينيين، تسجيل قرابة 250 شخصاً للعودة الطوعية التي توفرها الدولة، في حين بينت مصادر إعلامية فلسطينية أن 28 شخصاً من هؤلاء هم من أبناء قطاع غزة وقد وصلوا إليها بالفعل.
ويقول أبو عودة في سياق تقرير أوردته صحيفة "فلسطين" الصادرة من غزة: "الجميع يعلم سوء الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة وقلة العمل، لذا اتجه الشباب إلى الهجرة بالعشرات، ومنهم أحد أشقائي وأبناء عمي، وجيراننا في الحي الذي نسكن فيه بمنطقة جورة اللوت شرق مدينة خان يونس".
ويضيف أبو عودة: "بدأت إجراءات إصدار جواز سفر، ثم تواصلت مع أحد مكاتب السفر من أجل تسهيل دخول لمصر عبر تنسيق، وتم ذلك بعد أن دفعت 900 دولار، حتى أتمكن من الدخول دون فيزا".
ويوضح أنه بعد وصوله لمصر توجه إلى تركيا عبر مطار القاهرة، ثم مكث فيها أسبوعاً كاملاً حتى اجتمع مع مجموعة من المهاجرين السوريين، وقام بدفع مبلغ ألف يورو إلى مهرب سوري، من أجل أن يوصله إلى اليونان عبر قارب مطاطي.
رحلة عذاب
ويتابع: "شاهدت الموت بعيني حين قطعت المسافة البحرية بين تركيا واليونان بسبب برودة الأجواء، وكثرة المهاجرين على القارب، وعدم وجود أي قائد للمركب المطاطي، ولكن وصلنا بسلام إلى إحدى الجزر اليونانية".
ويشير إلى أنه من اليوم الأول قام بتسليم نفسه لدائرة الهجرة اليونانية والتي قامت بتسجيله كمهاجر غير شرعي، وأخذ بصمات يده.
من هنا بدأت المعاناة كما يسرد أبو عودة، حيث قامت السلطات اليونانية بإرساله إلى مخيم محاط بالأسوار، ومنحه فراشا داخل خيم دون وجود كامل الخدمات التي يحتاجها الإنسان.
مضى على وجود أبو عودة داخل مخيم الخيام 6 أشهر وهي المدة التي يتم فيها رد الإقامة اليونانية ثم إرساله إلى إحدى الدول الأوروبية التي يرغب بها المهاجر، ولكن الصدمة هو التجديد له 6 أشهر أخرى بسبب عدم وجود أسباب مقنعة لهجرته من بلاده.
لم يستطع أبو عودة تحمل البقاء لـ6 أشهر أخرى في اليونان البلد السيئ كما يصفه، فقرر بعد شهرين العودة إلى تركيا ثم إلى قطاع غزة لإكمال حياته.
كذلك لم يكن الحال أفضل مع محمود حمدان الذي هاجر برفقة عائلته إلى السويد في بداية عام 2018، من خلال مصر، ثم تركيا واليونان.
ويقول حمدان المتواجد حالياً في السويد: "وصلنا السويد بعد رحلة شاقة، ودفع مبلغ مالي كبير، ولكن مع بدء دخول ابنتي للمدرسة والبالغة 16عاماً، كان عليها البدء في الاندماج والقبول في شروط المدرسة كالسباحة، والاختلاط".
ويضيف حمدان: "أمام هذه العادات التي لم أستطع التسليم بها قمت بإعادة ابنتي إلى غزة للعيش عند جدتها،
وسأقوم أنا لاحقاً بالعودة برفقة باقي أفراد عائلتي إلى القطاع".
ويوضح أن العيش في السويد ليس كما كان متوقعاً، فلا يزال منذ وصوله دون عمل بسبب عدم وجود موافقة من قبل الدولة التي تحظر ممارسة أي عمل دون وجود أوراق رسمية.
ويلفت إلى أنه يعمل في شركات مقاولات ولكن بطريقة غير شرعية، مقابل راتب زهيد بسبب استغلاله من قبل أرباب العمل.