تناقش لجنة شؤون الأمن القومي بالكنيست، برئاسة تسفيكا فوغل من حزب "عظمة يهودية"، اليوم الاثنين، مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين، الذي أُعيد طرحه من الحكومة الإسرائيلية عقب معركة "طوفان الأقصى"، بغية المصادقة عليه بالقراءة الأولى، والإسراع بالمصادقة عليه بالقراءتين الثانية والثالثة ليكون نافذا بشكل فوري.
وينص مشروع القانون على أن "الشخص الذي يتسبب عمدا أو من خلال اللامبالاة بوفاة مواطن إسرائيلي، وعندما يحدث الفعل بدافع العنصرية أو العداء تجاه الجمهور اليهودي، وبهدف الإضرار بدولة إسرائيل وأمنها ونهضة الشعب اليهودي، يحكم عليه بالإعدام"، علما أنه لا توجد في النسخة الحالية للقانون أي تفاصيل حول كيفية تنفيذ عقوبة الإعدام.
الدوافع الإسرائيلية للقانون
تأتي مناقشة قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين الذي قدمته عضو الكنيست من حزب "عظمة يهودية" ليمور سون هار مليخ، في وقت تحتجز فيه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) 240 أسيرا في قطاع غزة، بعد الهجوم الذي نفذته المقاومة الفلسطينية خلال معركة "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على مستوطنات "غلاف غزة" وبلدات إسرائيلية بالجنوب.
وعاد القانون للواجهة وسط الحرب على غزة، وبعد إخفاق العمليات العسكرية الإسرائيلية البرية في القطاع في الوصول لطرف خيط بشأن مكان وجود الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، وسط إجماع سياسي بأنه من غير المناسب محاكمة الضالعين بأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ضمن الإجراءات القانونية الجنائية العادية، والتوافق على اتخاذ آلية جديدة وسريعة وذات جدوى.
وفي ظل الإخفاق في "طوفان الأقصى"، وتكتم الرقابة العسكرية على سير ونتائج المعارك البرية في القطاع، يحظى القانون بإجماع سياسي، وذلك بعد أن كان مثيرا للجدل بالمشهد السياسي الإسرائيلي، عقب إقراره بالقراءة التمهيدية في مارس/آذار الماضي، ضمن الاتفاق الائتلافي بين حزب "عظمة يهودية" برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وحزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
تحديات قانون الإعدام
وحول دفع أحزاب اليمين مجددا للمصادقة على القانون، أشار المحامي فؤاد سلطاني إلى أن قانون الإعدام منصوص عليه بالقانون الإسرائيلي، وذلك عند إدانة شخص بالنازية أو من يساعدهم، أو في حالة التعاون مع العدو في زمن الحرب، مؤكدا أن عقوبة الإعدام بإسرائيل لم تنفذ إلا مرة واحدة في 1962، عندما حُكم على الضابط الألماني أدولف أيخمان بالإعدام شنقا.
وأوضح فؤاد سلطاني، الناشط بقضايا الحركة الأسيرة في الداخل الفلسطيني، للجزيرة نت، أن جهاز القضاء الإسرائيلي يواجه تحديات بكل ما يتعلق في محاكمة الأسرى الفلسطينيين الذين تُنسب لهم شبهات الضلوع والمشاركة في "طوفان الأقصى"، في ظل مناقشة فكرة إقامة محكمة خاصة بهم، وإعادة تشكيل المحكمة العسكرية داخل إسرائيل، التي كانت قائمة حتى 2000.
وأشار إلى أن "إسرائيل تجنبت استعمال قانون الإعدام ضد الأسرى الفلسطينيين، لوجود كثير من المعضلات والإجراءات الشائكة، كاشتراط وجود هيئة من رجال القانون بدل العسكريين كما هو معمول به بالمحاكمة العسكرية الموجودة في الأراضي الفلسطينية المحتلة في 1967″، موضحا أن تقديرات "الشاباك" كانت تؤكد للمستوى السياسي والعسكري أن عقوبة الإعدام للأسرى لن تردع تصاعد المقاومة الفلسطينية.
سبب التسريع
ويعتقد الحقوقي الفلسطيني فؤاد سلطاني، أن إسرائيل تستغل الحرب على غزة وحالة الطوارئ والإجماع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، بغية تشريع قانون يسرع إجراءات المحاكمة وفرض عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين، دون حتى الحق بالتمثيل المناسب أو تقديم أدلة الدفاع، وسلب إمكانية الاستئناف على مثل هذه العقوبات.
ويأتي الترويج لهذا القانون وسط ضغوطات من أحزاب اليمين المتطرف، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي في إسرائيل، في ظل اتساع دائرة الاحتجاجات المطالبة بتحرير الأسرى المحتجزين، والتوصل إلى صفقة تبادل شاملة تفضي إلى الإفراج عنهم جميعا، وهي محاولة من المستوى السياسي للتلويح بورقة الإعدام داخليا، وكذلك خارجيا قبالة حماس للتوصل إلى صفقة تبادل.
ونبه فؤاد إلى أن المؤسسة الإسرائيلية تواصل مناقشات إقامة محكمة خاصة من أجل محاكمة الأسرى من أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، حيث يأتي قانون الإعدام في هذا السياق الذي سيضاف إليه كثير من التشريعات والتعديلات والإجراءات، التي قد تفضي إلى إقامة محكمة عسكرية بإسرائيل، تكون مهمتها الاستماع إلى لائحة الاتهام والنطق بحكم الإعدام بحق الأسير في غضون ساعات.
إجماع وإشكال
ومن وجهة النظر الإسرائيلية، أفادت مراسلة الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" للشؤون البرلمانية سيفان حيلائي، أن بن غفير وعقب أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مارس ضغوطات على نتنياهو من أجل الدفع بالقانون وإقراره على وجه السرعة، مشيرة إلى أن القانون قد يحظى بإجماع عقب الحرب على غزة.
وأشارت سيفان حيلائي إلى أن إسرائيل تحتجز مئات الأسرى الفلسطينيين الذين قُبض عليهم على قيد الحياة بعد معركة "طوفان الأقصى"، ولم تشرع السلطات الإسرائيلية بأي إجراءات قضائية ضدهم حتى الآن، عدا عن إخضاعهم للتحقيق لدى جهاز الأمن العام "الشاباك" بشبهة الضلوع والمشاركة في أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم.
وأوضحت مراسلة الشؤون البرلمانية أن مشروعات القوانين المماثلة التي طرحت في الماضي، واجهت العديد من الصعوبات والإشكاليات القانونية، وعليه ترجح أنه إذا صودق على القانون بالقراءتين الثانية والثالثة، فسيكون ذلك بعد إجراء العديد من التغييرات على النص الأصلي.
ويأتي الدفع بمشروع القانون في وقت تتواصل المناقشات في الجهاز القضائي الإسرائيلي إذا كان صحيحا فرض عقوبة الإعدام على المشاركين في الهجوم المفاجئ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على أنها أحداث غير مسبوقة تضع النظام القانوني الإسرائيلي أمام معضلات صعبة، حسب مراسل الشؤون القضائية، في صحيفة "يسرائيل هيوم"، أفي كوهين.
اعلان
ولفت كوهين إلى أن المؤسسة الإسرائيلية تخشى أن يعرّض فرض عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين من غزة حياة المحتجزين الإسرائيليين إلى الخطر وتثير انتقادات دولية، وأن تُعيق عقوبة الإعدام عملية صفقات التبادل المحتملة، وتحرير جميع الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس، بينما لا يستبعد أن يكون تشريع القانون مجرد ورقة ضغط بغية تفكيك مفاوضات صفقة التبادل.
المصدر : الجزيرة