بعد ساعات حبست فيها عائلات الأسرى أنفاسها، جاء موعد اللقاء بعد سنوات من الحرمان في سجون الاحتلال، وكانت مدينة القدس بعد منتصف الليل على موعد مع تحرر 6 من أبنائها، ضمن الدفعة الثانية من صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل في ثاني أيام الهدنة الإنسانية في القطاع.
أقدم أسيرة مقدسية وصاحبة أعلى حكم شروق دويات، إٍسراء جعابيص، نورهان عواد، فدوى حمادة، عائشة الأفغاني، والفتى عمر شويكي، قضوا ليلتهم الأولى بين أفراد عائلاتهم وأسرهم وأبنائهم، بعد سنوات قضوها في سجون الاحتلال، تحرروا من الأسر ولكل منهم قصة ألم ومعاناة، وحملوا معهم هم الأسرى ورسالتهم "العمل الجاد لتحررهم".
وكما كل مرة، يحاول الاحتلال تنغيص فرحة الإفراج عن الأسرى المقدسيين وحرمانهم من الفرحة المنقوصة في حذ ذاتها، فاستدعاء للعائلات واحتجازهم حتى ساعات منتصف الليل، وفرض القيود والشروط على الأهالي واقتحام المنازل والاعتداء على العائلات والطواقم الصحفية.
وأوضحت عائلات الأسرى المقدسيين الذين أفرج عن أبنائهم بعد منتصف الليل أن مخابرات الاحتلال استدعتهم للتحقيق ظهراً، وعند حوالي الساعة 12 بعد منتصف الليل، قامت بنقل كل شخص الى مركبة مخابرات خاصة وأجبرتهم على الجلوس فيها وخلال دقائق نقلت الأسيرات الى المركبات وتم إيصال كل عائلة الى منزلها، وبقيت أفراد القوات والمخابرات تتواجد في محيط كل منزل حتى التأكد من دخول المفرج عنهم وعائلاتهم الى داخله.
أما والد الاسيرة المقدسية نفوذ حماد والتي حكمت مؤخرا بالسجن الفعلي لمدة 12 عاماً، فقد استدعي مع بقية الأهالي واحتجز حتى ساعات منتصف الليل، ثم أخلي سبيله دون الإفراج عن ابنته.
وعند منزل جعابيص، اقتحمت القوات في ساعات المساء مكان تواجد العائلة حيث قررت استقبال ابنتها فور تحررها من السجن عند منزل شقيقها، وطالبتها بإخلاء المكان والعودة الى منزل إسراء، وبالفعل قامت العائلة بذلك، وبعد التجمع في المنزل وقبل الإفراج عن اسراء بعد دقائق اقتحمت القوات المكان واعتدت على المتواجدين فيه بالضرب والدفع وأخلته باستثناء أفراد العائلة، وأبعدت الطواقم الصحفية بالقوة عن المكان ومنعتها من التصوير.
مراسلة وكالة معا في القدس، زارت 3 أسيرات محررات فور الإفراج عنهن من السجون، في صور باهر وجبل المكبر، في مدينة القدس.
الأسيرة المحررة شروق دويات... نصنع من الألم المعجزة
الأسيرة المحررة شروق دويات، اعتقلت عام 2015 وهي في سنتها الدراسية الأولى في الجامعة، وأصيبت حينها بصورة حرجة بعد إطلاق الرصاص باتجاهها في البلدة القديمة، ثم حكمت بالسجن الفعلي لمدة 16 عاماً، قالت في مقابلتها الأولى مع وسائل الإعلام:" شعور الفرحة ممزوج بالألم فلا ننسى ما يجرى في قطاع غزة، من مجازر ترتكب، لكن نحن شعب يحب الفرح، ونصنع من الألم المعجزة، ونصنع الفرح والتحدي والإصرار".
وأضافت دويات:" تركنا خلفنا اسرى واسيرات من أصحاب المحكوميات العالية"، رسالتي.. لا تنسوا أسرى المؤبدات".
وقالت دويات:" اشعر بأني في حلم، كنت على أمل دائم بأني سأتحرر، بقيت قوية داخل السجن من أجل والدي وأهلي."
وكان اللقاء المؤثر لحظة احتضانها ورؤيتها شقيقها محمد، حيث منع من زيارتها خلال سنوات أسرها لأنه أسير أمني سابق، وأخذت تردد وهي تحتضنه "أنت محمد أنا مش بحلم صح.."
ومن أصعب اللحظات التي عاشتها شروق في دقائق الإفراج الأخيرة بحرمانهم ومنعها من احتضان والدها أو الحديث معه خلال نقلهما من مركز شرطة المسكوبية الى منزلها في صور باهر موضحة:" لا زجاج ولا قيود بيني وبين أبي، كنا بسيارة المخابرات وجلست بيننا شرطية، منعت حتى من احتضان يده أو لمس أصابعه، حتى وصلت باب المنزل وتم إنزالنا من سيارة المخابرات، حينها تمكنت فقط من احتضانه."
الأسيرة المحررة الأم فدوى حمادة... 5 أطفال تجهزوا واستقبلوا والدتهم بالورود
وفي منزل الأسيرة المحررة فدوى حمادة.. جهز أبنائها الخمسة أنفسهم لاستقبال الأم الغائبة عنهم منذ قرابة 8 سنوات، ولاحتضانها وجهزوا باقات الورود لتقديمها لها، وقالت فدوى حمادة لأبنائها بعد وصولها المنزل:" تعالوا احضنكم متل الورود... مبسوطة إني شفتكم ورجعتلكم وقادرة اليوم أمسكم وأبوسكم."
وقالت والدة الأسيرة المحررة فدوى حمادة:" شوق الأطفال كان كبيرا لرؤية والدتهم، منذ ساعات صباح السبت حتى وصولها المنزل، كان يترددون على النوافذ والباب والساحة، وقاموا بارتداء ملابسهم وشراء الورود لوالدتهم."
موضحة أن ابنتها أصيبت بحالة من الصدمة لحظة وصولها منزلها في قرية صور باهر، لعدم معرفتها بما يجري حولها، ولساعات الاحتجاز الطويلة ولطريقة نقلها وإيصالها الى منزلها، ولعزل الاسيرات منذ بداية الحرب."
واعتقلت المحررة حمادة عام 2015، وحكمت بالسجن الفعلي لمدة 10 سنوات.
الأسيرة المحررة إسراء جعابيص... نكتم الفرح ونعيش بحلم.. وطفلي أًصبح شابا
وفي منزل الأسيرة إسراء الجعابيص كان الحضن الأول بين إسراء ونجلها الوحيد معتصم، بعد حرمان منذ لحظة الاعتقال وقالت جعابيص:" معتصم بذكرني اني غبت عنه 8 سنين وشهرين، اليوم شايفة شاب طويل، بس هو طفل، وعندما اعتقلت كان بالصف الثاني الابتدائي، حاسة اليوم أني لازم اتعرف على معتصم من أول وجديد، بالزيارات منع من الدخول عندي، ولم يتمكن من زيارتي في كل مرة."
وأضافت:" حاسة إني بحلم.. أنا والاسيرات عندما كنا سويا بسيارة "البوسطة" شعرنا بأننا بحلم، بعد اقتراب لحظة الإفراج عنا.. نريد الفرح للصفقة لكننا نخجل ونكتم فرحتنا بسبب الأوضاع، وقالت:" الفرحة ليست كاملة."
وعن حروقها التي أصيبت بها يوم اعتقالها بعد انفجار انبوبة غاز وهي عند حاجز زعيم قالت:" انا امرأة، و"المرأة في حالة كمثلي كسرة مرآتها قبل أن تعلق"، ألم شديد وإهمال طبي عانيت منه على مدار سنوات اعتقالي، اعاني من مشاكل في السمع ومشاكل تحت الابط ومشاكل في الأصابع ... وغيرها".
وقالت ان كافة الاسرى بحاجة لرعاية وتأهيل نفسي فالأوضاع داخل السجون قاسية وصعبة للغاية، ومنذ السابع من تشرين الأول، منعنا من زيارة المحاميين، وفرض الغرامات علينا، تم مصادرة أغراضنا وحتى ملابسنا والأحذية، وقالت:" أكثر ما يؤلمني مصادرة أبحاث ودراسات ورسومات لي."
فتى محرر ضمن الدفعة الثانية من الصفقة
الفتى عمر شويكي، الذي اعتقل 2021، وحكم بالسجن الفعلي لمدة 25 شهرا قال:" الأوضاع هذه الفترة داخل السجون صعبة، والمعاناة كبيرة، ولا يوجد فرحة كامل بتحررنا من الأسر."
وتترقب عائلات الأسرى اليوم الثالث من الهدنة، وقوائم الاسرى والاسيرات المنوي الإفراج عنهم، علما أن قائمة "وزارة القضاء الإسرائيلية" ضمت 79 أسيرا من مدينة القدس من حملة "الهوية الإسرائيلية"، أفرج خلال اليومين الماضيين عن 11 أسيرا وأسيرة.